x

الدكتور مصطفى النجار محمد أبوغزالة.. شهيدٌ يودّع شهيداً الدكتور مصطفى النجار الإثنين 27-10-2014 21:36


ملامحه هادئة وديعة، ينبض وجهه بمصريته وتنطق كلماته ببساطته وصوفيته، واحد من ملايين الشباب المصرى فى مقتبل عمره، يحلم بأحلامهم ويحزن بأحزانهم، ينتظر موعداً مع السعادة يلتقى فيه حبيبة ترافق خطواته وتصبح سنده كزوجة مخلصة يبدأ معها مرحلة جديدة من الحياة، يتفاعل مع أحداث الوطن ويأسى لما أصاب بلده، يغضب وهو يرى الحق يضيع ويكتب على صفحته: «كيف يرتاح ضمير مبارك؟ لقد عاث فساداً إما بشخصه أو بخاصته من الأقزام والنساء، فكل ما وصلت إليه مصر كان هو إما سبباً أو بداية أو شريكاً فيه».

يناجى ربه وينصح نفسه وأصحابه قائلاً: «لا تركن إلى غير الله لدرء الهموم عنك فلا ملجأ من الله إلا إليه، من اشتكى لغير الله ملَّ، ومن لجأ لغير الله ضلَّ، ومن سأل غير الله ذلَّ، ومن استجار بالله فلا ضلَّ ولا ملَّ ولا ذلَّ، من وجد الله ماذا فقد ومن فقد الله ماذا وجد؟».

ينعى صديقه الشهيد النقيب محمد مجدى فى 18 أكتوبر ويقول: «الله يرحمك ويكتبك من الشهداء من أحسن الناس أدباً وأكثرهم خجلاً وأعفهم لساناً لكأنه كان آخر لقاء بيننا منذ شهرين، اللهم ألحقنا به على خير، وأحسن إليه واكتبه فى الشهداء، وأنزل برد السكينة على أهله». هكذا شهيدٌ يودّع شهيداً، ويزفه للجنة، ويصدق الله فى أمنيته فى الشهادة لتمر ستة أيام ويرتقى لمنازل الشهداء عقب مجزرة الغدر الدامية التى روت دماها ثرى سيناء قبل عدة أيام.

ماذا جنى هذا النقى حتى تُوأد روحه وهو لم يبدأ الحياة بعد؟ ماذا يقول القتلة لأمه الثكلى؟ بأى ذنب قتلوه وماذا يقولون لله حين يسألهم عن إزهاق روح لم تفعل شيئاً سوى أن أحبت الناس وعشقت الوطن ورابطت فى مواطن الرباط تحمى الأرض وتذود عن العرض وتناجى الله ترجو رضاه؟

كان يمكن للشهيد أن يتغيب عن خدمته ويخشى على نفسه وهو يرى رفاقه يخطفهم الموت أمام عينيه ولكنه ثبت وسلم أمره لله، يقول أحد الجنود الذين خدموا معه فى نفس المكان: «كان يسبقنا للصلاة مع كل أذان ويقف بين يدى الله متهجداً فى رمضان وكان يعامل الجميع باحترام وتواضع بالغ جعل الكل يحبه ويأنس بوجوده، لقد كان شهيداً يعيش بيننا ولبَّى النداء».

مثل الشهيد محمد أبوغزالة مئات وآلاف من أبناء مصر المرابطين لحماية الوطن، ليس لديهم مطامع، ولا علاقة لهم باختلافات السياسة، ولا ينحازون لأحد على أحد، فقط ينحازون للوطن ولهذا الشعب الذى ائتمنهم على حياته وأمنه وكرامته.

فلنتذكر ونحن ننام فى بيوتنا آمنين بين أطفالنا وأهلنا أن هناك أبطالاً مرابطين يتحملون لهيب الحر وقسوة البرد وينتظرون الموت كل لحظة من أجل فداء الوطن، اتفقوا مع السلطة أو اختلفوا معها لكن اجتمعوا وتوحدوا على بكاء الشهداء وتحيتهم وتقديرهم، اللهم العن قاتليهم واشف صدورنا بثأر وقصاص عادل، اللهم صبِّر قلوب الأمهات الثكالى، اللهم ألحقنا بالشهداء وارفعنا لمقامهم، اللهم صبِّرنا على مصابنا. إنا لله وإنا إليه راجعون.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية