وصل عدد الحالات المصابة في أفريقيا بفيروس الإيبولا إلى تسعة آلاف حالة، بينما وصل عدد الوفيات إلى حوالي 4500 حالة. يبدو أن هذا الوباء ليس خطراً كما اعتقدنا في بداية الأمر وأنه بعيداً تماماً عن وطننا الحبيب، حيث اختفى تقريباً الدور التوعوي للإعلام في حالة إصابة البعض بالفيروس أو حال تحوله إلى وباء.
مؤخراً ظهر فيروس الإيبولا، الذى انتشر في غرب أفريقيا (نيجيريا، سييراليون، غينيا، ليبريا)، ولم يتم اكتشاف أي علاج أو مصل له. تتشابه أعراضه مع كثير من نزلات البرد الموسمية من ألم في العضلات واحتقان في الحلق وقيء وإسهال، قد يؤدي إلى تكاسل في وظائف الكبد والكلى ونزيف داخلي يسبب الوفاة.
مع كل هذا لم تعتن تقريباً معظم وسائل الإعلام بإنتاج أي مادة توعوية، حتى يكون لدى المواطن معرفة ووعى عن أعراض المرض والاحتياطات التي يجب اتباعها لتجنب التقاطه، وكيفية التصرف حال الشعور بأى من أعراض المرض.
تعتمد وسائل الإعلام حالياً على مبدأ الترهيب وإلقاء الرعب في قلوب المواطنين، من خلال نشر عدد الوفيات والحديث عن خطورة المرض وعواقبه الفتاكة إذا تحول إلى وباء.
تناسى الإعلاميون دور الإعلام التوعوى وهم ملزمون به. ما نراه الآن هو جرعة هائلة من البرامج الترفيهية الخالصة التي تعتمد على الغناء والرقص فقط أو البرامج الحوارية التي تهتم بالسياسة أو تعالج أي مشكلة من منظور سياسي.
لا غنى عن الإعلام التوعوي، لكن يجب أن يقدم بطريقة شيقة للمواطن، ومن الممكن أن يقدم في قالب «معلوماتى – ترفيهي» المعروف باسم infotainment، والذي يقدم معلومات ويزيد من وعى المتلقي من خلال قوالب ترفيهية. لكنه لا يمكن تنفيذه إلا من خلال وضع استراتيجية تهدف إلى توعية المواطن في وقت الأزمات، ومن خلال بناء قاعدة من المعلومات ترشده إلى كيفية التصرف بدلاً من انتظار وقوع البلاء ثم البدء في التحرك بعد أن تحدث الكارثة. يجب أن تقدم المعلومات بطريقة مبسطة ليستفيد منها أغلب الشعب (فلا مانع من وضعها في إطار غنائي) يردده الصغار والكبار، بالإضافة إلى ضرورة تنوع عرض المعلومة وعدم التمسك بالشكل الكلاسيكي من مقدم برامج وضيف. كانت حملة التوعية في الثمانينيات ضد مرض البلهاريسيا من أقوى الحملات، عندما أنتج التليفزيون حملته ضد البلهارسيا في قالب بسيط ليزيد من وعي المشاهد عن أضرار الترعة وعن أعراض البلهارسيا وعن ضرورة الذهاب للوحدة الصحية.
ولكن حتى الآن لا يعرف المواطن المصري إلى أين يتجه إذا شعر بأعراض المرض، وعن إذا كان يوجد غرف للطوارئ وعيادات معزولة قادرة أن تتعامل مع أى حالة يشتبه فيها، وهل ارتداء الأقنعة أسلوب وقائي يجب أن يتبع؟ وهل وفرت وزارة الصحة تلك الأقنعة؟ هل يوجد توعية عن كيفية انتقال الفيروس حيث إنه لا ينتقل من خلال الهواء؟
لا يقع هذا العبء على وسائل الإعلام فقط ولكن على وزارة الصحة أيضا . فعليهما أن يعملا سوياً لتزويد المواطن بكيفية وطريقة التعامل وقت الأزمات، بدلاً من الاكتفاء بالقول إن مصر خالية تماماً من الفيروس ولكن في حقيقية الأمر نحن لسنا على استعداد لاستقباله.