لا خيار آخر أمامنا، ولا نملك إلا أن نقف، ثم نخط خطاً على الأرض، لتكون العملية التى جرت فى سيناء، أمس الأول، نهاية لمرحلة بكاملها، ثم يكون ما بعدها بداية لمرحلة لا علاقة لها مطلقاً بما كان قبلها.. فلا بديل مختلفاً نملكه!
ذلك أن ما كان يقال مع كل عملية سابقة، من هذا النوع، لا يصلح لأن يقال الآن، ولذلك، كم تمنيت من مجلس الدفاع الوطنى، حين اجتمع على نحو طارئ، أمس الأول، لو أنه أجرى تعديلاً طفيفاً فى البيان الصادر عنه، الذى يقول فيه إنه يتعهد بالثأر لشهداء سيناء.
هنا، أتوقف لأقول إن التعديل الذى كنت أرجوه هو أن يكون الثأر لمصر كلها، ولشعبها، ولأرضها، ولكيانها، ولسمائها، ولهوائها، ولشمسها، وليس لشهدائها فقط، ولا لمصابيها وحدهم.. لا.. فالثأر واجب لمصر.. الثأر واجب للوطن.. الثأر واجب لكل حبة رمل على أرضنا!
وإذا كانت سيناء سوف تظل تمثل صداعاً مزمناً لنا، بهذه الصورة، فلندمرها عن آخرها، ولنحرقها، ولنشعلها ناراً، ولنطاردهم فيها من أول شبر فيها، إلى آخر شبر، فلا يبقى على أرضها كائن حى.. نعم.. فليخرج منها أبناؤها الشماليون قليلاًً، إذا كان لابد من هذا لنهلك من بعدهم كل كائن حى هناك، وبلا استثناء!
ولو أن الرئيس أنصت إلى تعليقات غالبية المواطنين على المأساة التى وقعت، فليلاحظ أن هناك قاسماً مشتركاً أعظم فى التعليقات كلها، وهذا القاسم المشترك الأعظم هو أننا فوضناه فى 26 يوليو 2013، ليقتلع الإرهاب من جذوره، وليشعل فيه النار أينما وجد، وليضربه دون رحمة أينما حل، وليتخذ معه ما يشاء، وما يحب، وما يرى من إجراءات وقرارات دون أى قيد، وبالإجمالى: يستأصله!
كان كل مواطن تسأله أى صحيفة، أو شاشة، أو إذاعة، عن تقديره لما جرى، يرد على الفور ويقول إن الرئيس كان قد طلب تفويضاً منا، عندما كان على رأس الجيش وزيراً، وقد فوضناه يومها على بياض، ومنحناه مطلق الحرية فى أن يفعل ما يراه واجباً لدفع خطر هؤلاء الكلاب عن البلد، لابد أن التفويض لايزال قائماً، بل إنه قائم الآن بأشد مما كان عليه فى يومه الأول، وإذا كنا قد فوضناه يومها، مرة، فنحن نفوضه اليوم عشر مرات، فلا حياة لنا مع هؤلاء الشياطين، ولا يجوز أن يهنأ لنا جانب، إلا بعد أن يكونوا تحت الأرض، ولا نتصور أن ينام أحد من مسؤولينا، هانئ العين، إلا بعد أن يصير هؤلاء الأوغاد تحت التراب.
نحن، والحال هكذا، أمام فئة من الناس تريد أن تحيا هى وأن تموت مصر، وهذا ما لن يكون أبداً، بل سوف يكون العكس منه هو الصحيح، وعلينا ألا نهدأ، حتى يحدث هذا العكس تماماً، بأن يموتوا وأن يحيا هذا البلد، فهؤلاء لا حياة لهم بيننا، ولا مفر من أن نطاردهم فى كل درب، وأن نلاحقهم فى كل جحر، حيث يعيشون وحيث يختبئون.
ليكن الموت هو الكأس الوحيدة المتاحة لكل واحد فيهم، فالذين يضربون الجيش، فى ذكرى انتصاره الكبير، لا دواء لهم سوى الموت، والموت وحده، وفى أى مكان كانوا.
ليكن غروب شمس الجمعة 24 أكتوبر هو آخر عهدنا بما كان قبل هذا اليوم، وليكن شروق شمس السبت 25 أكتوبر هو أول عهدنا بما سوف يكون بعده، وليكن شروق هذه الشمس إعلاناً بالنهاية لكل خائن بيننا.