أكد الدكتور نادر نورالدين محمد، أستاذ علوم الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن تلوث الموارد المائية يكبد الدولة خسائر صحية وزراعية تقدر بـ«3.55» مليار جنيه سنويًا أى ما يعادل 1.8٪ من إجمالى الدخل القومى مما يعكس تدهور الإنتاجية الزراعية والسمكية فى مصر وأن استمرار هذا التدهور يرفع خسائر الاقتصاد المصرى إلى 9.5 مليار جنيه أى ما يعادل 3.2٪ من إجمالى الدخل العام.
وقال نورالدين فى ورقة بحثية تقدم بها إلى مؤتمر «حماية الموارد الأرضية والمائية من التدهور من أجل تنمية مستدامة»، والذى نظمه قسم الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وأنهى أعماله أمس الأول، إن المساحة الزراعية الحالية لمصر «8.4» مليون فدان من إجمالى المساحة الكلية وقدرها «238» مليون فدان بما يعنى أن نسبة الرقعة الزراعية إلى المساحة الكلية تبلغ 3.5٪ فقط وأن المساحة المقررة للزراعات المستدامة تتراوح ما بين 1.2 و1.4 مليون فدان وأن المساحة المحصولية الحولية تتراوح أيضًا ما بين 7 و7.2 مليون فدان.
ولفت إلى أننا فقدنا فى الفترة من 1972 وحتى 1984 حوالى 216 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية الخصبة وفى الفترة من 1984 إلى 1990 فقدنا 342 ألف فدان وفى الفترة من 1990 إلى 2010 فقدنا 210 آلاف فدان بما يعنى أن مصر فقدت خلال 36 عامًا أكثر من 750 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية الخصبة مشددًا على ضرورة الحفاظ على التربة الزراعية الجيدة فى مصر بشتى الطرق.
وأضاف نورالدين، أن مصر تحتل مقدمة الدول العربية فى تركز أعلى نسبة تلوث فى الهواء وأن الحكومة تحتاج إلى 6 مليارات و400 مليون جنيه لمكافحة هذا التلوث وأن تحسين تلوث المجارى المائية فى مصر يستلزم إنفاق ما يقرب من 5 مليارات جنيه سنويًا خصوصًا أن السحابة السوداء الناتجة عن حرق الأرز تتسبب فى وجود 12 مليون متر مكعب من المخلفات الكربونية الصلبة العالقة والتى تغطى سماء 11 محافظة فى مصر.
وحذر نور الدين من تدخل الاقتصاديين فى تنظيم سياسات الزراعة فى مصر، مشيرًا إلى أنه لو تدخل الاقتصاديون بدون الزراعيين لوضع سياسات الزراعة سيكون ذلك على حساب الأمن الغذائى المصرى وبذلك تبقى مصر دولة استيرادية غذائيًا بالدرجة الأولى رغم أنها مصنفة بلدًا زراعيًا فى المقام الأول رافضًا ما يسمى ببيع المستعمرات الزراعية للمستثمرين العرب فى الصحراء بهدف زراعتها واستصلاحها مرة واحدة خصوصًا أن الدولة ألغت الدعم عن الزراعة من خلال تحرير أسعار الأسمدة والمبيدات الزراعية.
ومن جانبه هاجم الدكتور فوزى كشك، أستاذ بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، فى ورقة بحثية تقدم بها إلى المؤتمر «النظم البيئية فى مصر» ووصفها بـ «النظم الهشة» بسبب انحدار خدماتها نتيجة عوامل مختلفة منها الاستنزاف الشديد للموارد الطبيعية كنتيجة حتمية للزيادة السكانية وتكثيف النشاط الزراعى والتوسع العمرانى العشوائى
مشيرًا إلى أن محافظة الفيوم تنفرد بنظام بيئى غاية فى الهشاشة حيث تقع معظم قراها فى منخفض تحت سطح البحر مما يؤدى إلى ارتفاع مستوى الماء الأرضى ويترتب عليه مشكلات بيئية وزراعية وصحية عديدة فضلاً عن استخدام الرى السطحى «الغمر» فى زراعة الأرز والذى ينتج عنه تدهور خطير فى كفاءة واستمرارية النظام البيئى فى الفيوم.
وأوضح كشك أن أراضى «واحة سيوة» التى كانت تعد جوهرة الواحات المصرية تعانى حاليًا من جميع مظاهر التدهور البيئى الحاد منها تملح و«غدق» الأرض وتناقص إنتاجيتها وتدهور التنوع الحيوى مشيرًا إلى أن الواحة يوجد بها 200 عين من الينابيع الطبيعية ولكن لا يستخدم منها لأغراض الرى أو الشرب سوى 80 عينًا فقط.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور يحيى زكريا الشافعى، أستاذ الأراضى والمياه بجامعة الإسكندرية، خلال المؤتمر إن الاستخدامات المائية فى مصر للأسف الشديد تفوق الموارد المائية المتاحة وأن الزيادة السكانية والتوسعات الزراعية المطردة تتسبب فى زيادة العجز المائى مما يستلزم العمل على ضرورة حماية هذه الموارد المتاحة وترشيد استخدامها من خلال استخدام الرى الحديث وتقليل الزراعات والمحاصيل الشرهة للمياه مثل الأرز وتقليل فواقد التسرب من القنوات المائية وتسعير خدمات مياه الرى.
وكشف الشافعى وجود فواقد بخر كبيرة حيث إن فواقد البخر الكلية من الشبكة المائية االمكشوفة فى مصر تقترب من 3 مليارات متر مكعب سنويًا مطالبًا بضرورة الحفاظ على هذا البخر بتطهير الترع والمصارف باستمرار ورش أسطح المياه المعرضة للجو بمواد «مثبطة» للبخر وأن فواقد تسرب الشبكة الخارجية تصل إلى 4 مليارات متر مكعب بخلاف «المساقى والمراوى» مما يستلزم ضرورة القيام بـ«التبطين» للترع والمصارف بهدف الحفاظ على ناتج البخر لتعظيم الموارد المائية.