لم تكن الطباخة الشابة ماريا دولوريس والبستاني البسيط جوزي دينيس أفيرو يعلمان أن ابنهما المريض بالقلب، الذي كان على وشك الموت، سترتجف قلوب خصومه وتتخبط أقدامهم بمجرد ذكر اسمه، فرونالدو الذي سمي بهذا الاسم تيمنًا بالرئيس الأمريكي رونالد ريجن، عشق كرة القدم وصارت جزءًا من حياته حتى صار حديث الكرة الأرضية كلها.
البداية العثرة التي واجهت كريستيانو رونالدو، ابن جزيرة ماديرا، في حياته، بعد إصابته بمرض تسارع القلب، الذي كاد يبعده عن الملاعب للأبد، لم تكن لتعطينا هذا الشيطان الذي يصول ويجول ويمزق شباك منافسيه حول العالم الآن.
شيطان ماديرا الذي تنتظره مباراة الكلاسيكو النارية، مساء السبت، افتتح موسمه الحالي مع النادي الملكي ريـال مدريد بأداء قوي وتركيز عالٍ، فهذه البداية القوية لم تحدث له منذ سنوات حتى وهو في أوج تألقه رفقة مانشستر يونايتد، فسجل الدولي البرتغالي كريستيانو رونالدو 20 هدفًا في 11 مباراة خاضها مع ريـال مدريد منذ بداية الموسم الحالي «2014-2015»، حيث شارك في 6 مباريات بالدوري الإسباني ومباراتين في دوري أبطال أوروبا، وفي مباراة واحدة في كأس السوبر الأوروبي، وفي الشوط الأول فقط في ذهاب كأس السوبر المحلي، والشوط الثاني في لقاء الإياب، فيما كانت مباراتا السوبر المحلي هما الإخفاق الوحيد في التسجيل الذي واجهه رونالدو بسبب الإصابة.
«ليفربول أحد أكبر الأندية في إنجلترا وسيكون حلمًا لأي لاعب ليمثل ناديًا مثله».. كلمات قالها كريستيانو رونالدو وهو على أعتاب الانضمام لليفربول قبل أن تفشل الصفقة ويذهب لمانشستر يونايتد، حسبما أكد أيضًا رئيس النادي حينها جيرارد هوليير، ولكن هذه المفارقة ليست الوحيدة بين رونالدو والريدز، هناك عقدة أخرى لم يستطع رونالدو فكها حتى وقت قريب، حيث فشل في هز شباك ليفربول على ملعب الأنفيلد طوال 6 سنوات قضاها في إنجلترا، وفي 5 زيارات للملعب، ولكنه في موسمه الحالي الاستثنائي نجح أخيرًا في دك حصون الأنفيلد رود بهدف رائع من صناعة جيمس رودريجيز، انتفض بعدها فرحًا، هذا بالإضافة لأدائه الرائع الذي جعل جمهور أنفيلد ينفجر مصفقًا له على مستواه غير العادي طوال المباراة.
ولعل جوزيه دينيس أفيرو، البستاني البسيط بمدينة فونشال، ووالد رونالدو صاحب الـ29، لم يعش ليرى أرقام ابنه تتخطى أرقام فرق كاملة وأساطير لكرة القدم، فقد تمكن الدون من تسجيل 15 هدفًا في الدوري الإسباني متفوقًا على عدد أهداف ناديي أتليتكو مدريد «14 هدفًا» وإشبيلية «13 هدفًا»، فيما يتغلب على كل من ليفربول «13 هدفًا» وأرسنال «13 هدفًا» وتوتنهام هوتسبير «10 أهداف» في البريمييرليج، بينما يتفوق على كل من ناديي بروسيا دورتموند «10 أهداف» في البوندزليجا، ويوفنتوس «14 هدفًا» في الكالتشيو.
وعلى الرغم من انضمام رونالدو للمرينجي منذ 5 سنوات فقط إلا أنه تحول إلى ماكينة أهداف لا تهدأ، فأحرز 264 هدفًا خلال 254، وحتى مع رحيل أكثر من لاعب مؤثر طوال الثلاث سنوات الماضية، بقيت أقدام رونالدو تعرف طريق الشباك وحدها، فرحل المبدع أوزيل ثم لحق به صانع الألعاب الرائع دي ماريا ولاعب خط الوسط المخضرم ألونسو، ولكن بقي الدون محلقًا بالريـال في موسم صعب وينتظره الكثير والكثير، فهل يكون الكلاسيكو هو بداية الانفجار الكبير واستكمالًا لطريق تحطيم الأرقام القياسية لأساطير اللوس بلانكوس، أم يتمكن أقوى دفاع في الليجا حتى الآن من إيقاف سطوة شيطان ماديرا؟.