لم يشهد أى من مطارات أوروبا حالة الاستنفار القصوى التى يشهدها مطار القاهرة الدولى منذ ظهور حالة مصابة بمرض أنفلونزا الخنازير فى مصر، فالسويد التى أعلنت مبكراً جداً عن إصابتين مؤكدتين لشخصين قادمين من الخارج، ورغم إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس أنفلونزا الخنازير وباءً عالمياً، فإن أياً من مطارى استوكهولم الدولى وكالمار فى أقصى الجنوب، المطل على بحر البلطيق، لم يطرأ عليهما أى تغيير فى الاستعدادات ومراقبة الوافدين أو المسافرين، حتى إنه يبدو للمشاهد وكأن الناس هنا لم يسمعوا عن هذا الفيروس من قبل.
فى صالة تسلم الحقائب فى مطار استوكهولم، تصادف وجود مسافرين قادمين من نيويورك، إلا أن أحداً لم يبد عليه أدنى قلق من هذا، لا أحد يرتدى الكمامة الواقية، أو يلتفت مذعوراً، إذا سعل أحد المسافرين، الأمور تسير فى سياقها الطبيعى وكأن شيئاً لم يكن.
من السهل جداً أن تنتقل من استوكهولم إلى كوبنهاجن بالقطار، الرحلة لن تستغرق أكثر من 5 ساعات، ولست بحاجة بالطبع إلى الحصول على تأشيرة للوصول إلى الدنمارك، فقط تذكرة القطار بـ400 كورونا سويدى - حوالى 280 جنيهاً - وتصبح هناك، ظننت فى البداية أن الأمور ستختلف فى القطارات عنها فى المطارات، لكن لم يتغير شىء، الناس تسير متلاصقة فى زحام شديد ولا أحد يخشى شيئاً، سألت إحدى العاملات فى مكتب المعلومات عن عدم وجود توعية كافية بخطورة الفيروس وخطر انتشاره بين المسافرين، فقالت «الناس هنا تعرف كل شىء عن الوقاية الصحية ويستطيعون حماية أنفسهم والاعتناء بها».
فى مطارى فيينا وأنقرة أيضاً بدا الأمر متشابهاً، فالموظفون يتعاملون مع المسافرين دون رهبة أو خوف، ولا يرتدون الكمامات، والحال نفسه داخل الطائرات، نوعية الأطعمة لم تتغير، لاتزال اللحوم ضيفاً دائماً، وتستطيع أن تتناول لحم الخنزير إذا شئت، إلا أن إحدى المضيفات على الخطوط النمساوية أكدت أنهم تلقوا تعليمات مشددة بمراقبة كل المسافرين عن بعد والتركيز على أى مسافر تظهر عليه علامات المرض والاعتناء به بشكل خاص، وإبلاغ قائد الطائرة، وفى أول مرحلة تتوقف فيها الطائرة يجب عرضهم على طبيب الشركة لفحصهم وإعطائهم الإذن بمواصلة الطيران أو لا.
انتقلت إلى قائد الطائرة وسألته عن إجراءات السلامة فى التعامل مع المشتبه فى إصابتهم بالفيروس، فقال: فى حالة الشك فى أحد الركاب فسوف أهبط اضطرارياً فى أقرب المطارات وأسلمه إلى الحجر الصحى وأطلب الكشف على طاقم الطائرة وجميع المسافرين، حتى غير المخالطين، له لأن هناك احتمالية بانتقال العدوى عبر استخدام «تواليت» الطائرة، كما يجب تطهير الطائرة قبل إقلاعها مرة أخرى.
فى مطار القاهرة كان الوضع مختلفاً، فور خروجك من الطائر يقابلك أفراد أمن يضعون الكمامات الواقية ويوزعون بطاقات زرقاء على الوافدين لاتزال تحمل شعار «وزارة الصحة والسكان» تسمى بطاقة المراقبة الصحية، ويضع فيها الوافد بياناته الشخصية كاملة كالاسم والعنوان بالتفصيل ورقم الهاتف، ويحصل أيضاً على منشور من إعداد الإدارة المركزية للشؤون الوقائية بوزارة الصحة، للتعريف بالأنفلونزا وأعراضها وكيفية التعامل فى حالة الشك فى الإصابة.
وبعد ذلك تواجه فريقاً طبياً يسد ممر الوصول ويلقى عليك بعض الأسئلة والكشف عليك فى حالة وجود شكوى، وجميعهم بالطبع يرتدون الكمامات، بعد ذلك تدخل إلى ممر آخر ينقسم إلى ممرين أصغر بنهاية كل منهما طبيب يرتدى بالطو أبيض وأمامه كاميرا تشبه كاميرا الفيديو للتعرف على المسافرين الذين ترتفع درجة حرارتهم عن المعدل الطبيعى، وخلال جولتك بالمطار من الصعب جداً أن تجد مسؤولاً أو عامل نظافة أو موظف استعلامات لا يرتدى الكمامة ولا يضع فى جيبه أو على مكتبه مجموعة من الإرشادات لمحاربة أنفلونزا الخنازير.