تناقل مستخدمو الشبكات الاجتماعية مقطع فيديو بثه تنظيم «داعش» أظهر ما سمًاه أول رجم لفتاة بتهمة الزنا، في منطقة ريف حماة الشرقي بسوريا،الفيديو الذي حمل عنوان "عناصر تنظيم "داعش" ينفذون حد الرجم بحق امرأة في ريف حماة الشرقي بتهمة الزنا" يظهر مجموعة من المسلحين يتحدثون إلى المرأة الضحية، وموضحين لها أنها أول امرأة يطبق عليها حد الرجم بسبب الزنا في هذه المنطقة، ويسألها رجل "هل أنت راضية بحد الله؟" فتجيب نعم، ولكن “بس يسامحني” مشيرة إلى شخص يدعي أنه أباها، ويتمنع الأب ويرفض مسامحتها، قائلا لها في نهاية الفيديو وقبل بداية رجمها بالحجارة "الله يسامحك". يطرح الكثير من التساؤلات حول حد الزنا وشروط تطبيقه في "القرآن الكريم" و"السنة النبوية "، وهو ما سنحاول توضيحه في التقرير التالي :
"الزنا" في القرآن
أقر الله تعالى في القرآن الكريم حد الزنا في ثلاث آيات وهي :
وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَا سْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (النساء 15).
2 - وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً (النساء 16).
3 - الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَا جْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِا للَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمْا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (النور- 2).
شروط تطبيق الحد
يقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنالإسلام وضع شروطاً دقيقة لتطبيق حد الزنى تكاد تجعله مستحيلاً على التطبيق - إلا إذا اعترف الزناة. فقد اشترط الفقهاء رؤية أربعة رجال للزانيين - واختلفوا في قبول شهادة المرأة، وحدد الفقهاء شروط دقيقة وواضحة لابد من توافر جميعها لتطبيق هذا الحد وهي:
1- إقرار الفاعل بفعلته و الإصرار على تأكيدها 4 مرات طواعية.
2- أن يشهد على الفاعل أربعة رجال مسلمين ثقات مشهود له بالتدين ويقروا حدوث المواقعة الفعلية كتمرير الخيط بين عضويهما.
ويضيف الدكتور شحات الجندي أنه بالنسبة للشهود لابد من سؤالهم عدة أسئلة عن أين ومتى أرتكب الفعل؟، ومن الفاعل والمفعول به؟، ولابد من تطابق شهادتهم بدقة لوجوب تطبيق هذا الحد.
ادرؤوا الحدود بالشبهات
"لأن يخطأ القاضي في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة" حديث شريف ورد عن رسول الله نعتبره قاعدة في مثل هذا الأمور الصعب تحديدها، يقول عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وهو ما يؤكده الرسول (ص) في حديث رواه عبد الله ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات))، والواضح من الشروط بأنها صعبة التحقيق وذلك بهدف التستر وفتح باب التوبة بين العبد وربه وهو ما توضحه الكثير من الحوادث التي حدث في عهد الرسول والصحابة ، ونذكر منها ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى عن رسول الله (ص)"حدثنا وكيع، حدثنا هشام بن سعد، أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال، عن أبيه، قال: كان ماعز بن مالك في حجر أبي، فأصاب جارية فى الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت، لعله يستغفر لك. وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج، فأتاه فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأقم علي كتاب الله. فأعرض عنه، فعاد، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأقم علي كتاب الله. فأعرض عنه ، ثم أتاه الثالثة، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأقم علي كتاب الله. ثم أتاه الرابعة، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأقم علي كتاب الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " إنك قد قلتها أربع مرات، فبمن؟ " " قال: بفلانة. قال: " " هل ضاجعتها؟ " " قال: نعم. قال: " " هل باشرتها؟ " " قال: نعم. قال: " " هل جامعتها؟ " " قال: نعم. قال: فأمر به أن يرجم، قال: فأخرج به إلى الحرة، فلما رجم، فوجد مس الحجارة، جزع، فخرج يشتد، فلقيه عبد الله بن أنيس، وقد أعجز أصحابه، فنزع له بوظيف بعير، فرماه به، فقتله، قال: ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال: " " هلا تركتموه لعله يتوب، فيتوب الله عليه " " قال هشام: فحدثني يزيد بن نعيم بن هزال، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي حين رآه: " " والله يا هزال، لو كنت سترته بثوبك، كان خيرا مما صنعت به " .
فتح باب التوبة
ويوضح دكتور شحات الجندي بأن الأصل في تطبيق الحدود هو عرض الأمر على القضاء،و إعطاء الفرصة للمتهم بإرتكاب الفعل في الدفاع عن نفسه وتوضيح الظروف التي دفعت لإتيانه بهذا الفعل، وإعطائه الفرصة للتوبة والندم عن فعلته، وتبين العديد من المواقف ان الرسول وصحابته من بعده، كانوا يتجنبون عدم تطبيق الحد وفتح باب للتوبة حتى لو أعترف الشخص على نفسه بارتكابة الفعل وطالب بتطبيق الحد عليه، وهو ما تؤكده روايةالإمام مالك في كتاب الحدود، عن يحيى بن سعيد، أن رجلا ذهب لأبي بكر، قال له قد زنيت، فقال له أبو بكر هل ذكرت ذلك لأحد غيري ؟ قال لا ، قال فتب إلى الله واستتر . فتركه الرجل والتقى عمر بن الخطاب فكرر عليه الأمر فقال له عمر ، تب إلى الله واستتر. ولم يقنع الرجل فذهب إلى الرسول يقول له قد زنيت ، فأعرض عنه الرسول ثلاثا حتى إذا أكثر عليه الإلحاح، فبعث الرسول إلى أهله يسألهم : " أيشتكي أم به جُنّة " .
ويواصل الامام مالك روايته في باب الحدود عن عمر بن الخطاب وهو في الشام ، عن أبي واقد أن رجلا اشتكى لعمر زوجته أنه وجد معها رجل يزنيان ، فأرسل عمر أبا واقد الليثي ، وكانت المرأة تجلس وحولها نسوة ، فحكى لها ما قال زوجها ، وأنها لا تؤخذ بقوله وظل يلقنها الإنكار لتتوقى الحد ، فأبت المرأة واعترفت على نفسها.
و يروي الإمام "أنس"في الصحيحين أن رجلا جاء إلى الرسول يعترف ارتكابه لحد من الحدود ويقول أقمه علي يا رسول الله ، وجاء وقت الصلاة ، فصلوا جميعا ، فجاءه الرجل بعد الصلاة يكرر عليه الأمر ويريد إنزال الحد على نفسه ، فقال له الرسول : هل صليت معنا ؟ قال الرجل نعم . قال الرسول : اذهب قد غفر الله لك.