على قدر ما أدانت محكمة النقض المتهمين فى قضية «أطفال الشوارع»، المعروفة إعلامياً باسم «التوربينى»، جاءت حيثيات الحكم لتحمل إدانة أخرى للمجتمع والدولة معاً، فالأول أعرض عنهم، والدولة جعلت قانون الطفل حبراً على ورق.
قال المستشار حسام الغريانى، نائب رئيس المحكمة، فى حيثيات تأييد إعدام التوربينى وحناطة والسجن لـ5 متهمين آخرين، إنهم ارتكبوا جرائمهم مع سبق الإصرار والترصد. واستدرك بقوله إن الجناة والمجنى عليهم تخلت عنهم أسرهم، فتسربوا من المدارس واتخذوا من الطرقات والشوارع مأوى، ومن الخرابات والأماكن المهجورة مسكناً، ومارسوا الفحشاء وأفسدوا الأخلاق ونشروا البلاء.
وأفاض المستشار الغريانى فى سرد الأجواء التى نشأ فيها الجناة، قائلاً: «نشأوا فى أسر قلقة بائسة يلاحقهم الخزلان، حظهم من الذكاء قليل ومن الغباء وفير، لم يجدوا ناصحاً أميناً ولم تتح لهم فرصة لتهذيب أنفسهم وتقويم اعوجاجهم، لم يقاوموا دواعى الإغرار والإغواء التى أحاطت بهم ففسدت طبيعتهم».
ويتابع: «كانت الندالة والخسة هى الصفات الغالبة عليهم، واختاروا ضحاياهم من الأطفال، وهتكوا أعراضهم وتخصلوا منهم خشية الإبلاغ عنهم، وألقوا بهم من فوق أسطح القطارات».
وانتقل المستشار الغريانى إلى إدانة المجتمع والدولة قائلاً: «ثبت لهيئة المحكمة أن الجناة والمجنى عليهم ممن أطلق عليهم أطفال الشوارع، الذين تخلت عنهم أسرهم وأعرض عنهم المجتمع بمؤسساته الحكومية والأهلية، فتعرضوا فى الشوارع لألوان الانحراف، فى حين أن الدستور وجميع المواد والقوانين نصت على كفالة الدولة للأمومة والطفولة لرعاية النشء والشباب والأطفال، خاصة القانون رقم 12 لسنة 96، الذى نص على (العمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئة الأطفال النشأة الصحيحة)، ولولا أن تلك النصوص بقيت حبراً على ورق لا نفاذ لها لما آل حال هؤلاء وأمثالهم إلى ما كشفت عنه أوراق القضية».
ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول طعن كل من «التوربينى» و«حناطة» بعضوية المستشارين زغلول البلشى ومحمود مكى ومهاد خليفة وعلى نور الدين، بأمانة سر حنا جرجس.