x

محمد كمال سد النهضة والواقع الجديد محمد كمال الأحد 19-10-2014 21:27


لا شك أن إثيوبيا استغلت حالة عدم الاستقرار التى شهدتها مصر بعد أحداث 25 يناير 2011 وبدأت فى بناء سد النهضة، ولا شك أيضا أننا الآن أمام واقع جديد وهو اكتمال ما يقرب من 32% من بناء هذا السد على النيل الأزرق، الذى ينبع منه الجانب الأكبر من حصتنا المائية. كذلك ترفض إثيوبيا الاعتراف بمبدأ الحقوق التاريخية التى تستند لها مصر فى الحفاظ على حصتها من مياه النيل، وترى أن المعاهدات المنظمة لتلك الحقوق تمت فى العهد الاستعمارى، وأنها لم تكن طرفا أصيلا فيها.، وفى المقابل، تتحدث إثيوبيا، ومعها العديد من دول حوض النيل، عن مبدأ الاستخدام المنصف / العادل equitable use وليس الحقوق التاريخية كأساس لتوزيع المياه. يضاف لذلك أن السودان، وهى دولة المصب الأخرى، التى كانت تساند الموقف المصرى، ترى الآن أن سد النهضة سيعود عليها بالفائدة سواء بزيادة نصيبها من المياه أو بالحصول على الكهرباء.

هذا هو الواقع الجديد المرتبط بسد النهضة، فكيف نتعامل معه؟

دراسة علمية حديثة لثلاثة من الخبراء الدوليين نشرت فى العدد الأخير من مجلة «سياسات المياه» تتحدث عن آثار السد على مصر، والخيارات المتاحة للتعامل معه.

تشير الدراسة إلى أن الخيار العسكرى لوقف بناء السد لم يعد متاحا، وأن الهجوم على السد بعد امتلائه بالمياه سيترتب عليه إطلاق فيضان ضخم ومدمر يضر السودان بشكل أساسى.

وتشير الدراسة أيضا إلى أن سد النهضة يمكن أن تترتب عليه آثار سلبية لمصر ولكنها ليست كارثية، وترتبط بحالتين، أولاهما مرحلة ملء خزان السد، والتى إذا تمت فى سنوات يعانى فيها النيل الأزرق من انخفاض فى منسوبه فسوف تؤثر على حصة مصر من المياه. وثانيتهما بعد اكتمال السد وفى سنوات الشح المائى، فإن مصر يمكن أن تعانى نقصا فى المياه إذا لم يتم التنسيق فى عمل كل من سد النهضة والسد العالى.

وترى الدراسة أنه يمكن التفاهم بين مصر وإثيوبيا للوصول إلى صفقة تحقق مصالح الطرفين Win - Win، وتقوم على الاتفاق على قواعد لملء خزان السد وقواعد لإدارته فى سنوات الشح المائى، فى مقابل تفهم مصر حاجة إثيوبيا لتنمية مواردها المائية.

وتوضح الدراسة أن إثيوبيا أمامها خياران استراتيجيان فى استخدام المياه: الأول هو مشاريع توليد الكهرباء من خلال بناء السدود مثل سد النهضة، والثانى استخدام المياه فى مشاريع الرى الزراعية. وإن بناء سدود الكهرباء يحد من إمكانية استخدام المياه للرى، وعلى مصر تشجيع توجه بناء سدود الكهرباء، لأنه لا يؤدى إلى سحب كميات ضخمة من المياه والتأثير على حصتها عكس مشاريع الرى!

وأخيرا، تشير الدراسة إلى حاجة مصر لتغيير طريقتها فى استخدام المياه، وأن تتعامل بشكل أكثر رشادة مع الحصة المتاحة لها، والتى لن تشهد زيادة فى المستقبل.

عزيزى القارئ.. لا أزعم أننى خبيرا فى شؤون المياه، ولكنى أتمنى أن تشهد مصر جدلا علميا وموضوعيا حول وضعنا المائى فى ضوء الواقع الجديد لسد النهضة، وأن نساعد صانع القرار على تبنى الخيار الأفضل للتعامل معه بعيدا عن المواقف العنترية والشعارات الجوفاء.

[email protected]

* أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية