اعتراف مجلس العموم البريطانى بدولة فلسطين، بالرغم من «رمزيّته»، فإنه يحمل رسالة «دولية» تؤكد أحقية الشعب الفلسطينى فى «إقامة دولة مستقلّة».. كما أن الاعتراف البريطانى الرمزى لن تكون له تبعات إيجابية على الصعيد الفلسطينى ما لم يترجم بشكل فعلى ولاعتراف رسمى، وهو ما يدفع لاستبعاد أن يكون الاعتراف مقدمة لتوجه فلسطينى رسمى نحو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بسبب تردد الطرف الفلسطينى فى اتخاذ تلك الخطوة، وجهوزية «الفيتو» الأمريكى الذى يُفشل أى خطوة فى سبيل الاعتراف بفلسطين، خاصة أن الحملة القائمة للاعتراف بدولة فلسطين لاتزال بعيدة عن التحول إلى واقع فعلى، وهى تعبر بالنتيجة عن الإحباط الفلسطينى بمواجهة المأزق الذى وصلت إليه عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كان انضمام فلسطين إلى منظمة اليونيسكو فى أكتوبر2011، وحصول دولة فلسطين على صفة مراقب فى نوفمبر 2012 شكلا مرحلتين رمزيتين على طريق الاعتراف الرسمى بدولة فلسطين.
وسبقت بريطانيا، السويد، التى اعترفت رسميا بدولة فلسطين، فى حين أن فرنسا قررت اتخاذ هذه الخطوة «عندما يصبح الوقت مناسبا».
وتعلن السلطة الفلسطينية أن نحو 134 دولة اعترفت حتى الآن بدولة فلسطين، إلا أن أى دولة من دول الاتحاد الأوروبى الكبرى لم تجرؤ بعد على اتخاذ هذه الخطوة الحساسة، فى ظل ارتباطها بالسياسة الأمريكية الرافضة اتخاذ هذه الخطوة من طرف واحد، بدون موافقة إسرائيل.
ويفيد دبلوماسيون وخبراء بأن المواقف الأخيرة لبريطانيا والسويد وفرنسا تعتبر «تطورا بسيطا» فى المواقف من الاعتراف بدولة فلسطين.
وقالت أغنيس لوفالوا، الباحثة المتخصصة فى شؤون العالم العربى، إن «الوضع يتحرك قليلا، وهناك رغبة لدى بعض الدول الأوروبية فى السعى لدفع الأمور قدما». واعتبرت أنه أمام انتهاء فترة التفاوض بين الطرفين البالغة تسعة أشهر فى الربيع الماضى تحت إشراف أمريكى من دون التوصل إلى نتيجة، كان لابد من توقع مبادرات من دول أوروبية.. ذلك أن الإحباط الدولى بمواجهة هذا النزاع المعقد، وعدم رغبة الدول الأوروبية خاصة فى مواصلة لعب دور المانح إلى ما لا نهاية، ساعدا فى طرح الموضوع مجددا. ولم يتردد الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند بالقول فى نهاية أغسطس الماضى أن فرنسا لن تقبل بعد اليوم بالاكتفاء بدور «صندوق المحاسبة».
كما قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى، كاثرين آشتون، خلال مؤتمر القاهرة لجمع الأموال لإعادة إعمار قطاع غزة: «يجب أن تكون هذه المرة الأخيرة التى ندعو فيها المجتمع الدولى للمشاركة فى إعمار قطاع غزة»، ولكن الحل السياسى بين الفلسطينيين والإسرائيليين لايزال بعيد المنال، بحسب غالبية المحللين، والسبب برأيهم هو مواصلة سياسة الاستيطان، وضعف الفلسطينيين وانقسامهم، وظهور تنظيم «داعش» الإرهابى، الأمر الذى همّش إلى حد ما عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأبعدها عن بؤرتة الاهتمام الإقليمى والعالمى.
وفى هذا الإطار، تبدو مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية محاولة لتحريك دينامية عملية السلام والعمل على إنقاذ حل الدولتين الذى لطالما اعتبر الحل الوحيد لهذا النزاع القائم منذ أكثر من ستين عاما.