قال راشد الغنوشي، رئيس حزب حركة «النهضة» التونسية (إسلامية)، إن «دولة البوليس» لن تعود إلى البلاد، مشددا على «انتهاء عصر الزعيم الأوحد والحزب الواحد».
جاء ذلك في أول مؤتمر جماهيري لانطلاق الحملة الانتخابية لحركة النهضة، مساء السبت، استعدادا للانتخابات التشريعية المقررة يوم 26 أكتوبر الجاري.
وعقد المؤتمر، برئاسة الغنوشي، في ساحة الميناء التجاري بمدينة سوسة (شرق)، وحضره الآلاف من أنصار الحركة.
وقال الغنوشي إنه «تم اختيار مدينة سوسة لانطلاق للحملة الانتخابية للحركة، لأنها قطب أساسي في الحركة الوطنية وقطب اقتصادي وقطب تعليمي وقطب سياحي».
وأشار الغنوشي إلى أن مدينة سوسة شهدت «انطلاق الحركة الإسلامية، وتحديدا بالجامع الكبير الذي احتضن أوسع لقاء في سنة 1973 ضمّ 70 عضوا وعقد فيها أيضا المؤتمر الاستثنائي في إبريل سنة 1981 للإعلان عن قرار حركة النهضة بالانتقال من حركة سرية إلى حركة سياسية».
وقال إن «حركة النهضة قد استأثرت بـ 80 بالمائة من الأصوات في سوسة في انتخابات 1989 والوثائق ستثبت ذلك».
وقال الغنوشي إنه لن «يتم السماح، اليوم، لأى طرف بتمجيد عصر القمع والديكتاتورية وإعادة دولة البوليس»، مضيفا أنه «انتهى عصر الزعيم الأوحد والحزب الواحد، وأن ذلك الزمن لن يعود زمن الحزب الواحد والانتخابات المزيفة والإعلام الخشبي والاقتصاد الذي يدور في فلك العائلة والزعيم الاوحد، ولا أحد نقبل منه أن يمجد ذلك العصر، لا تعيدوا لنا الديكتاتورية والفساد والتعذيب والقمع».
كما اعتبر الغنوشي في كلمته أن «الحديث عن برنامج رجعي متخلف وبرنامج حداثي تقدمي هو خطاب تقسيمي كان يعتمده (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي».
رئيس حزب حركة النهضة قال إنه «لم يكن من السهل على النهضة تسليم السلطة التي وصلت إليها بعد فوزها في الاستحقاق الانتخابي سنة 2011، ولكنها غلّبت المصلحة العليا».
واعتبر أن تونس لازالت بحاجة إلى الوفاق، وقال إن «حركة النهضة ستقبل بنتائج الانتخابات القادمة وستحكم بوفاق أوسع في الحكومة القادمة».
وعقب انتخابات في أكتوبر 2011 صعدت حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم، وشكلت حكومة ائتلافية مع حلفيها حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية (وسط) والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (وسط).
وأمام تصاعد الاحتجاجات إثر اغتيال النائب بالمجلس التأسيسي، محمد البراهمي، في صيف 2013 تخلت «الترويكا» في يناير 2014 عن الحكم لتتولى حكومة كفاءات غير حزبية، برئاسة مهدي جمعة، تسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء الانتخابات العامة.
وقال الغنوشي إن «التجارب في الأقطار العربية، وخاصة في ليبيا والعراق، وما آلت إليه الأوضاع في كلا البلدين بعد انتهاجهما سياسة الإقصاء، جعلتني أقنع كتلة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي للتصويت ضد قانون الإقصاء ومنع أزلام النظام السابق (نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي) من المشاركة في الحياة السياسية».
وأضاف أن «تونس هى الشجرة الوحيدة الواقفة والشمعة الوحيدة المضيئة اليوم في منطقة مظلمة».
واعتبر أن حركة النهضة قد استفادت من تجربتها في الحكم وخارج الحكم، وأصبحت أكثر خبرة وواقعية ومعرفة بشؤون الدولة من الداخل.
وبخصوص مرشح النهضة لخوض الانتخابات الرئاسية، المقرر أن تجري جولتها الأولى يوم 23 نوفمبر المقبل، قال رئيس الحركة إن «مؤسسات النهضة لم تطرح الموضوع حتى اليوم، وكل تركيزنا الآن على الانتخابات التشريعية وعدم التشويش عليها بالانتخابات الرئاسية».
وقال إن «حركة النهضة منعت نفسها من الترشح إلى هذا المنصب (رئاسة الجمهورية)، ليس زهدا كما جاء على لسانه وإنما رعاية لمصلحة الانتقال الديمقراطي بالابتعاد عن هيمنة الحزب الواحد، لذلك فلا حاجة لأحد أن يمنع النهضة لأنها منعت نفسها».
وفيما يتعلق بزيارته الأخيرة إلى الجزائر (في شهر أغسطس الماضي)، أوضح الغنوشي أنها تركزت أساسا حول الملف الليبي الذي كان الأبرز في هذه الزيارة.
يذكر أن دائرة سوسة الانتخابية تضم 292 ألفا و301 ناخب موزعين على 585 مكتب اقتراع، وقد كانت قد تحصلت حركة النهضة على 4 مقاعد في المجلس التأسيسي في انتخابات 2011، وترأس حمادي الجبالي، رئيس الحكومة السابق، الأمين العام السابق للحزب قائمة سوسة.
وتتنافس في دائرة سوسة الانتخابية 45 قائمة على 10 مقاعد نيابية.