x

ماجد عاطف السيسي الحائر…. بين ليبيا وداعش ماجد عاطف السبت 11-10-2014 20:45


حين سأل «تشارلي روز» المذيع الأمريكي الشهير، الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» في أول لقاء له على شاشات التلفزة الأمريكية سؤال مباشر «هل سيدعم الجيش المصري التحالف الدولي في حربه ضد داعش؟ ناوره السيسي في البدأ متحدثاً عن الطائرات الأباتشي والإف 16 التي نحتاجها من أمريكا… وحين كرر «تشارلي» السؤال وماذا إذا حصلتم عليها، هل ستحاربون معنا؟

هنا أجاب السيسي «نحن ضد الإرهاب (كل) الإرهاب».

ربما كان السيسي يناور في الشق الأول من الإجابة، لكن المؤكد أنه لم يكن يناور حين وسع دائرة الخطر متحدثاً عن كل الإرهاب…. وهو ما أعلنه بوضوح في لقائه مع جريدة وول ستريت جورنال الأمريكية، حين سأله رئيس تحريرها «جيريد بيكر» عن الموقف المصري تجاه الحرب المزعم شنها على داعش؟ ليجيبه السيسي إن الحملة على الإرهاب يجب أن تتسع لتشمل (كل) الإرهاب في المنطقة وتحدث عن التهديدات الإرهابية في ليبيا ونقاط أخرى في الشرق الأوسط.

وهنا بيت القصيد، ففي حين يعتبر الغرب وبعض دول النفط أن الخطر المحدق بهم هو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، يدرك السيسي جيداً أن التهديد المباشر على الأمن القومي المصري يكمن في ليبيا وليس العراق، وأن أولوية التحرك المصري يجب أن تكون غرباً لا شرقاً.

وعليه فإن السؤال الذي طرحته جريدة النيويورك تايمز في عددها الصادر في 25 أغسطس الماضي «هل تدخلت مصر في ليبيا» بمساعدة الإمارات، يبدوا سؤالاً عن البديهيات … فالإجابة المنطقية، وإن أنكرتها الدولة المصرية بشكل رسمي، هي «ومنذ متى لم تتدخل مصر في ليبيا».

فمنذ توحدت الولايات الليبية الثلاث (برقة- طرابلس-فزان) على يد الأمير إدريس السنوسي سنة1951 والتواجد المصري حاضر وفعال، فعبدالرحمن باشا عزام أول أمين لجامعة الدول العربية، كان لاعباً مؤثراً جداً في الحياة السياسية الليبية، فهو الذي سوق للنظام الجمهوري في طرابلس، (المناوئ للسنوسي) بل إنه شخصياً كان مستشاراً للجمهورية الطرابلسية، وقد رفض الاعتراف بالمملكة الليبية المتحدة ولا بمليكها «إدريس السنوسي» ولم يسمح لها بالانضمام لجامعة الدول العربية طيلة فترة رئاسته لها.

وحين قامت الثورة الليبية بقيادة «معمر القذافي» سنة 1969 كان الداعم الأول لها هو «جمال عبدالناصر» ليس فقط معنوياً بل لوجستياً، وساهمت مصر بدور فعال في الإطاحة بالنظام الملكي في ليبيا، وهو ما ذكره معمر القذافي كثيراً من قبيل العرفان بدور مصر، ومن جانبه أعلن (ناصر) مراراً «إني أرى في معمر القذافي شبابي»

وفي عهد «أنور السادات» حين تغيرت الخريطة السياسية للمنطقة وشب معمر القذافي عن الطوق وأخذ يناطح مصر ورئيسها لم يتوان الرئيس المصري عن احتلال ليبيا 24 ساعة وهو ما أعلنه السادات صراحة في خطابه الشهير في يوليو 1977 حين قال «نعم احتلينا ليبيا 24 ساعة خلصنا شغلنا ورجعنا»

أما مبارك الذي جمد الحياة في مصر طيلة ثلاثون عاماً، فقد جمد معاها أي دور لمصر، إقليمي أو أفريقي، اللهم إلا دوره كوسيط بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وعليه لا يمكن إدراك ما الدور المصري تحديداً حيال الملف الليبي أثناء حكمه.

لكن حين هبت ثورات الربيع العربي لتطيح بكل من مبارك والقذافي، وتولى المجلس العسكري مقاليد الحكم في مصر برئاسة المشير حسين طنطاوي، حضر الدكتور محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الاسبق وطلب بشكل واضح وصريح من «طنطاوي«أن تتدخل مصر لضبط الأوضاع في ليبيا، لكن الجنرال العجوز رفض حينها قائلاً: «فينا اللي مكفينا هنا يا محمود».

ولعل من المفارقات المدهشة أن الرئيس المصري الحالي «عبدالفتاح السيسي» كان مسؤولا عن متابعة الملف الليبي بحكم منصبه كمدير المخابرات الحربية أثناء قصف قوات حلف الناتو لليبيا في أكتوبر2011… بل إن أول رحلة خارجية للسيسي كانت للجزائر، وهو ما أعلن عنه صراحة حينها أنها زيارة تخص الأمن القومي والتنسيق مع الجزائر لمحاصرة الإرهاب في ليبيا.

المشهد الليبي الآن هو مشهد شديد التعقيد (يحتاج إلى مقال منفصل لشرحه) لكن يمكن إيجازه أننا أمام «شبه دولة» تتناحر فيها القوى الإسلامية المتشددة مع القوى الأهدأ طبيعة، والتي يعتبرها الإعلام مجازاً «قوى مدنية»، والبلاد على مشارف حرب أهلية بين الشرق والغرب، كلاً لدية مجلس نيابي، وكلاً يدعى أنه يملك الشرعية، والنزعات القبلية في خلفية المشهد عامل لا يمكن إغفاله، أما عن السلاح فهو في يد الجميع.

موقف كهذا يدفع القاهرة للنظر بترقب لما يحدث في دولة الجوار، خصوصاً أننا أمام ثلاثة تهديدات جلية للأمن القومي المصري.

الأول: الجماعات الجهادية المنتشرة في شرق ليبيا المتاخم للحدود المصرية، والتي لا يوجد أي ضامن ألا تنقل نشاطها الجهادي للأراضي المصرية أما نصرة لدين الله أو غضبة لإخوانهم الذين تمت الإطاحة بهم من حكم مصر.

الثاني: السلاح المنتشر بليبيا، والذي يتم تهريب كثيراً منه لداخل الحدود المصرية، فوفقاً للتقارير الأمنية تعد ليبيا المصدر الأساسي لأغلب السلاح غير المرخص المنتشر مؤخرا في مصر، فاتساع الحدود بين الدولتين، يسمح للبدو بنقل وتمرير أي شيء.

ثالثاً: العمالة المصرية، والتي تضاربت التقارير حول حجمها، لكنها لا تقل بأي حال من الأحوال عن مليون مصري، أغلبهم ينتمون لفئة العمال، ذات التعليم المحدود، والتي تعاني فقراً لا تخطأه عين، وعليه يسهل جداً استقطابهم باسم الدين أو بإغراء المال وبالاثنين معاً، وتحويلهم لعناصر جهادية، تعود هنا لتنفذ عمليات إرهابية.

وعليه… فاتفق مع السيسي أو عارضه، اعتبره بطلاً أو انقلابياً، هذا شأنك، لكن المؤكد تحركات الرجل (الذي ترأس لسنوات جهاز المخابرات الحربية) ابتداء من زيارته للجزائر، انتهاء بما قاله في نيويورك تشي إنه يدرك جيداً خطورة الموقف الليبي على الأمن القومي المصري، بقى أن نتمنى أن تكون لديه خطة لكيفية التعامل مع هذا الخطر الداهم.










قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية