x

نيوتن جمال عبدالناصر رضى الله عنه نيوتن الجمعة 10-10-2014 21:03


لم ينقص ذكرى وفاة الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر هذا العام سوى أن وسائل الإعلام لم تقرن اسمه بالدعاء له. فتقول مثلا رضى الله عنه. على أقل تقدير. ثم جاءت ذكرى حرب أكتوبر فتجاهلت أيضا أن تضيف إليه صلى الله عليه وَسَلَّم. على اعتبار أن هذا حقه. فيما بدا أنه تجاهل عن عمد لا يتفق مع التناول الأسطورى للذكرى. هى تعاملت مع الرجل على أنه بطل الحرب. وبطل السلام. على أنه منقذ البشرية. الرخاء عّم العالم فى عصره. لم يكن نصف المصريين ينامون جوعا. هو ليس مسؤولا عن ضياع سيناء. أو عن ضياع غزة. كما ليس مسؤولا عن مائة ألف قتيل وأسير. ليس مسؤولا عن قتلانا فى اليمن. كما ليس مسؤولا عن سنوات القهر وتكميم الأفواه. ربما يكون أيضا صانع النصر الإسرائيلى فى حرب 1967. التى لم يسجل التاريخ هزيمة على غرارها فى كل الكرة الأرضية.

■ ■ ■

إذا كان مايكل هارت قد اعتمد فى تقييم الخالدين. فى كتابه «الخالدون مائة». على مدى تأثيرهم فى مجتمعاتهم أو حول العالم. فجمال عبدالناصر كان يستحق مرتبة متقدمة. باعتبار أن تأثيره على أجيال متعددة فقرا وجهلا وظلما. مازال ممتدا حتى الآن. الرجل أسس لنظام تعليمى هو الأكثر تخلُّفا فى العالم. نظام سياسى هو الأكثر ديكتاتورية بلا منازع. نظام صحى جعل من كل الشعب بلا استثناء مرضى بأمراض مزمنة. الجوع والفقر والمرض عوامل مشتركة بين أطياف الشعب المختلفة. فجأة أصبح هو بطل قرار الحرب والعبور.

■ ■ ■

لا عزاء للرئيس الراحل محمد أنور السادات. فجأة أصبح صاحب الضربة الجوية. الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك كأن لم يصبه الدور فى التجنيد للجهادية. فجأة أصبحت ما تسمى «حرب الاستنزاف» هى صانعة النصر. كما أصبح تحرير كامل التراب المصرى من خلال المفاوضات أحد إنجازاته وهو ميت أيضا. لم لا. هو جمال عبدالناصر. يستطيع فعل أى شىء. حتى وهو فى الآخرة. هكذا يراه مريدوه.

■ ■ ■

هو بالفعل له مريدون. يتعاملون مع ضريحه فى الذكرى السنوية والفصلية والشهرية. وربما الأسبوعية واليومية. سواء بسواء مع أضرحة الأنبياء والأولياء. إضاءة شموع وابتهالات ومرثيات وبكائيات. أضف لحالتنا الجهل والنصب والابتزاز والمزايدات. ما زاد الطين بلة هذا العام. هو ذلك الاهتمام الرسمى من الشؤون المعنوية بالبرقيات. التى تعدت عيد ميلاد عبدالناصر إلى أعياد أخرى قد تدرجها كتب التاريخ العام المقبل.

■ ■ ■

لم تتذكر هذه الشؤون أو تلك أن هناك بطلا حقيقيا. للحرب والسلام والمفاوضات والتحرير. هناك آخر مازال على قيد الحياة. كان أول من بدأ مشوار العبور وتحمل أمانة استكماله بعد اغتيال البطل. هو الآن يصارع المرض بالمستشفى العسكرى. شهد له الأعداء قبل الأصدقاء. كان هو أَوْلَى بمثل هذه البرقيات. التى بدا واضحا أنها ركبت الموجة هى الأخرى دون أدنى حس وطنى. ودون أدنى اعتبار للتاريخ الذى سوف يسجل كل هذه الممارسات على أنها كانت مهاترات غير مدروسة.

■ ■ ■

فى مرحلتنا هذه يبدو أن تزييف التاريخ أصبح هو الأصل. ما خلاف ذلك هو الاستثناء. المشكلة التى لا يضعها المزيفون فى الحسبان دائماً هى أن الشهود على ذلك التاريخ مازالوا أحياء يرزقون.

■ ■ ■

الناس أصيبت بالقرف من جراء ما يجرى هذه الأيام فى هذا الصدد الماسخ تحديدا. وصل تزييف الحقائق إلى مرحلة بالغة السوء. لم تعد مقبولة لا شكلا ولا موضوعا. محمود بانجو أصبح سعد زغلول. وصانع النكسات أصبح صانع النصر. لمصلحة من يتم هذا العبث بتاريخ مصر من كل الوجوه وفى كل المراحل تقريبا. ولماذا الآن تحديدا. بالتأكيد هى ليست مصادفة. الأمر الذى يدعونا إلى وقفة جادة لتدارك الموقف قبل فوات الأوان. إذا كنا قد قبلنا على أنفسنا أن نتعايش مع هذه الأوضاع من التزييف والتزوير. فما ذنب الأجيال القادمة؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية