قال زعيم حركة «النهضة» الإسلامية في تونس، راشد الغنوشي، إن حزبه مستعد لحكومة ائتلاف تضم خصومه العلمانيين، بل حتى أحزابا يقودها مسؤولو الرئيس المخلوع، زين العابدين بن على، بهدف غرس أول بذور الديمقراطية في البلاد.
وأضاف الغنوشي، في مقابلة بمكتبه: «الوفاق هو الذي أنقذ تونس، ولاتزال البلاد بحاجة للوفاق بين الإسلاميين والعلمانيين، حتى بعد الانتخابات لن نكون في وضع ديمقراطية مستقرة بل هي ديمقراطية انتقالية تحتاج حكومة وحدة وطنية تعالج العديد من التحديات في ظل الوضع الإقليمي المضطرب».
وقال إن«النهضة»، التي سجن عدد كبير من قياداتها، وفروا للخارج تحت حكم بن على «مستعدة للعمل ضمن حكومة ائتلاف تضم منافسها العلماني نداء تونس، وحتى الأحزاب، التي يقودها مسؤولون بارزون في نظام بن على أو ما يعرف بأزلام النظام السابق».
وبعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة من إسقاط بن على تسير تونس نحو ديمقراطية كاملة بإجراء ثاني انتخابات برلمانية حرة في البلاد، في 26 أكتوبر تشرين الأول الحالي بعد أن تم إقرار أول دستور، في وقت سابق من 2014.
وفازت حركة «النهضة» الإسلامية في أول انتخابات برلمانية حرة، في 2011، بنسبة حوالي 40 من مقاعد المجلس التأسيسي، وكونت حكومة مع حزبين علمانيين قبل أن تندلع أزمة سياسية حادة تلت اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية في تونس على يد مسلحين إسلاميين.
واتهمت المعارضة العلمانية حركة النهضة بالتساهل مع المتشددين الإسلاميين، وزادت حدة التوتر بين الطرفين قبل أن يتوصلا لاتفاق أنهى حكم «النهضة» وأدى لتشكيل حكومة مستقلة برئاسة مهدي جمعة تقود البلاد لانتخابات.
والتسويات السياسية بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس جنبت البلاد أكثر من مرة السقوط في أتون أزمات سياسية، وساعدت في الحفاظ عليها من الفوضى التي اجتاحت جارتها ليبيا.
وقال الغنوشي: «كل الأحزاب المعترف بها مستعدون للعمل معها. ليس لدينا أي فيتو على أي حزب قانوني، نحن لن نواجه الإقصاء بإقصاء».
وتسبب العزل السياسي لأنصار النظام السابق في ليبيا في اضطرابات وأدخل البلاد في أتون حرب أهلية بين عدة ميليشيات متناحرة.
وتشارك عدة أحزاب يقودها وزراء بن على في الانتخابات المقبلة، ويرى محللون أن لها فرصا للنجاح، خصوصا في مدن مازالت تحتفظ فيها بنفوذ واسع.
لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن النهضة ونداء تونس الذي يرأسه الباجي قائد السبسي هما أبرز مرشحين للفوز في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقال الغنوشي إن التحديات التي تواجهها تونس بما فيها الإرهاب والإصلاح الاقتصادي المطلوب لدفع النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل وتنمية المناطق الداخلية تستوجب التوحد في الفترة المقبلة، ودعا المنظمات الاجتماعية ومنها اتحاد الشغل ذو النفوذ القوية إلى المشاركة في أي حكومة مقبلة.
ومضى قائلا: «البلاد تحتاج إلى عدة إجراءات يتعين أن يشارك الجميع في اتخاذها من بينها بعض الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة، ومراجعة سياسة الدعم الحكومي، وتهيئة مناخ الاستثمار، وإعادة هيكلة مؤسسات عمومية».
وردا على سؤال عما تغير في حركة «النهضة» بعد عامين من حكمها للبلاد قال: «نحن الآن أصبحنا حركة أكثر واقعية وقدرة على صنع الوفاق مع خصومنا، أصبحنا جزءا من الدولة، ونفهم جيدا مشكلات وأولويات البلاد».
وخلال حكمها واجهت حركة «النهضة» انتقادات بالتساهل مع الإسلاميين المتشددين وإفساح المجال أمام «الجهاديين» لإلقاء خطب بالمساجد، وبث خطابات ضد معارضيها.
وكان السيسي قد قال، في مستهل حملته الانتخابية هذا الأسبوع إنه «يتعين على التونسيين أن يختاروا بين حزب القرن الحادي والعشرين الذي يدعم قيم الحداثة وقوى تسعى لجذب البلاد للعصور السابقة»، في إشارة لحركة «النهضة».
لكن الغنوشي دعا زعيم نداء تونس إلى وقف الخطاب، الذي يقسم المجتمع، قائلا: «الدستور الجديد لتونس يؤكد أن التونسيين مجتمع موحد، نحن كلنا في القرن 21 ولنمض إلى نقاشات مهمة حول كيف تنمية قطاع التعليم والصحة ودفع الاقتصاد».
ومضى الغنوشي قائلا: «لكل هذا يجب أن نتوحد حتى تنجح الثورة التونسية التي أدخلت العالم العربي في طور جديد، وحتى تكون أولى زهرات الربيع العربي».