قال سفير ليبيا لدى كندا، فتحي محمد البعجة، وأحد قيادات ومؤسسي المجلس الانتقالي الليبي، الذي أدار البلاد بعد سقوط نظام معمر القذافي إن «الإخوان المسلمين يسعون للانقضاض مرة أخرى على السلطة في مصر، وينظرون إلى ليبيا على أنها البؤرة التي يمكن التجمع حولها أو داخلها لتحقيق ذلك».
ورأى أن هناك «أطرافا عربية وغير عربية تدعم ذلك بقوة، أعطت وعودا لما تبقى من زعامات إخوانية مصرية على الأراضي الليبية للرجوع إلى الحكم في مصر من خلال تكوين بؤرة لها في ليبيا تمكنها من التسلل والعودة إلى مصر».
وفي حوار خاص مع المصري اليوم، اتهم السفير الليبي «الإخوان» بأنهم «أدخلوا السلاح إلى مصر لزعزعة الأمن والاستقرار بها»، وقال: «التكتيك الحالي لهذه المجموعة لكي يعودوا إلى الحكم مرة أخرى هو تصعيد العنف لإرهاب الأهالي وإخضاع السلطة المركزية لإرادتهم».
وأكد السفير فتحي البعجة، الذي كان يعمل أستاذا للعلوم السياسية بجامعة بنغازي في حواره مع «مراسل المصري اليوم»، في أوتاوا، أن الإخوان المسلمين هم المظلة للمجموعات التي تستهدف العنف وتحتل بعض المناطق في ليبيا، وتدعى أنها تحمى ثورة 17 فبراير، معتبرا أنه تحت هذه المظلة تتكون وتنمو جيوشا من الإرهابيين مثل«أنصار الشريعة»، و«التكفير»،و«الهجرة»، و«فجر ليبيا»، و«شورى الثوار في بنغازي»، كما أشار إلى أن كل هذه المجموعات ترفع بيد علما أسود في وسطه عبارة «لا إله إلا الله»، وفى اليد الأخرى يحملون السيف وقذائف «أر بي جي» لقطع الرؤوس، والهجوم على مؤسسة القضاء ومؤسسة الجيش والشرطة وسحق الصحفيين ومطاردة واغتيال المناضلين الشرفاء، وقال إن هذه المجموعات تستخدم تكتيكا أضحى قديما وغير مقبول ومفضوح أمام الجميع الآن، فهذا ليس الإسلام، والجميع يعرف ذلك.
وفيما يتعلق بتطورات الأوضاع الحالية في ليبيا وتأثيرها على مصر، وصف «البعجة» ما يحدث بأنه «حرب أهلية» حتى وإن لم يتحدث الليبيون عن هذه الحرب، مثلما حدث في لبنان 1976، حيث لم يتحدث اللبنانيون عن كونها حربا أهلية إلا بعد 4 سنوات وأسموها نزاعا طائفيا.
وأشار إلى أن الليبيين لا يتحدثون عن الحرب الأهلية وإن كانوا يعيشونها بالفعل، وقال إن الحرب الأهلية ببساطة في علم السياسة هي وجود سلطتين سياسيتين داخل الكيان السياسي الواحد وهو الدولة، وهو ما يعنى وجود فريقين، وأن الأهل قد انقسموا مما يؤدى إلى هذه الحرب.
ورأى أن الانقسام في ليبيا لم يفرض فقط ميليشيات عسكرية وفرقا مسلحة، ولكن أيضا عصابات تقوم بالفساد المالي والأخلاقي والخطف والاغتصاب داخل ليبيا.
وأرجع السفير الليبي هذا الانقسام إلى مجموعة من العوامل مازالت حتى الآن، في مقدمتها وجود مجموعة سياسية انهزمت سياسيا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أبرزت الكيان السياسي الشرعي في ليبيا وهو مجلس النواب، كما أن هذه القوى السياسية لم تحصل إلا على مقاعد قليلة في المجلس، وانهزمت أيضا في الانتخابات السابقة للبرلمان، وهى هيئة الستين لكتابة الدستور الليبي حيث لم يحصلوا على مقاعد في هذه اللجنة الدستورية، وهو ما يعنى أن «أفكارهم لن تكون موجودة في هذا الدستور الذي من المقرر أن يتم الاستفتاء عليه، كما انهزمت أيضا في المجالس البلدية، وهو ما يعكس عدم القبول الشعبي لهذه المجموعة التي منيت بهزيمة سياسية وشعبية».
واعتبر أن ذلك كان سببا أساسيا للانقسام في ليبيا، وأضاف السبب الآخر ناتج من قيام الثورة ذاتها، حيث أن السلطة المركزية ضعيفة ولم تستطع بسط نفوذها على جميع بقاع ليبيا في ظل وجود أوضاع قبلية ناتجة من التغذية المستمرة التي كان يستغلها القذافى، كما أشار إلى أن الميليشيات العسكرية عاشت في هذه الأجواء الانقسامية، وقد ساعد في ذلك وجود سلاح بكثرة يقدر بنحو 20 مليون قطعة سلاح في ليبيا، وقال إن هذه الميليشيات تقوم بتصدير السلاح إلى 12 دولة إفريقية وفى مقدمتها مصر .
وأكد القائد البارز بالمجلس الوطني الإنتقالى السابق أن «الإخوان المسلمين أخذوا السلاح من ليبيا وأدخلوه إلى الحدود المصرية وهو ما هدد الأمن المصري كما نقلوا سلاحا إلى غزة»، وقال إن «الإخوان يتاجرون في السلاح»، مشيرا إلى أن «ما يعرف بالإسلام السياسي الذي يقوده تيار الإخوان المسلمين كان سببا رئيسيا في تغذية الحرب الأهلية في ليبيا».
وفيما يتعلق بالعلاقات «المصرية - الليبية» قال السفير فتحي البعجة، والذي كان رئيسا للجنة السياسة والعلاقات الدولية بالمجلس الوطني الإنتقالى في ليبيا وأحد معارضي القذافى بالداخل والخارج، أن «مصر ومنذ بداية ثورة 17 فبراير، وحتى الآن لم تقف لحظة واحدة مكتوفة الأيدي تجاه نصرة الشعب الليبي وتطلعاته للعيش في حياة كريمة».
وقال إن مصر رفضت في بداية الثورة طلب القذافى لإغلاق الحدود الليبية المصرية من جانب السلطات المصرية، حتى تتم محاصرة الثوار الليبيين في المنطقة الشرقية، وأضاف لقد فتحت مصر حدودها لليبيين للتنقل داخل مصر والعيش فيها بحرية، وسمحت باستمرار العلاقات التجارية وقدمت الدواء والغذاء أثناء الثورة.
وقال إن مصر بعد الرئيس عبدالفتاح السيسي «تقف موقف الداعم للتحول الديمقراطي ولخلق الأمن والاستقرار في ليبيا والدفاع المشترك عن كرامة الإنسان الليبي والمصري.»
وأكد على أن «العلاقة مع مصر تسير اليوم على قدم وثاق نحو غد أفضل بكثير مما سبق وتشير إلى أن الأمن والاستقرار سيعودان إلى ليبيا قريبا بإذن الله».
وأختتم السفير الليبي حديثه بالتأكيد على أن الحل لما يحدث الآن في ليبيا من انقسامات واقتتال داخلي هو التمسك بالشرعية الممثلة في مجلس النواب وبحكومته المؤقتة التي يقودها السيد عبدالله الثنى والمؤسسات الدستورية المنبثقة عن المجلس والسعي الحثيث لصياغة الدستور الوطني الديمقراطي الذي يضع حجر الزاوية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية في ليبيا وأكد على أهمية التمسك بوحدة البلاد والحفاظ على نسيجها الاجتماعي الوطني.