بينما كانت طائرات الأباتشى الأمريكية تقصف مواقع داعش فى سوريا والعراق، خرج مولود جديد فى قارة أخرى، وفى أقصى غرب مناطق الغارات الجوية.. فى درنة الليبية، المدينة التى استقبلت مجموعات من تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش»، وأصبحت ملجأ جديداً للتنظيم الإسلامى المسلح الجديد.
الرايات السوداء ليست بالأمر الجديد على درنة، التى كان يعتبرها نظام القذافى بؤرة تنظيم القاعدة فى ليبيا قبل سقوطه ومقتل العقيد، ولكن الجديد هو مصاحبة شعارات داعش والهتافات المبايعة لها مع هذه الرايات، حيث ظهرت، مساء الأحد الماضى، فى شوارع المدينة، مجموعة من المبايعين لتنظيم «داعش» يحملون الرايات السوداء للتنظيم، ويرددون شعاراته، فى موكب كبير من سيارات الدفع الرباعى كتب عليها «الشرطة الإسلامية»، تحمل مسلحين من المنضمين تحت لواء التنظيم الجديد، مرددين شعار داعش الشهير: «دولة الإسلام.. باقية»، فى حركة استعراضية للقوة مفادها إبراز قوة المسلحين وإحكام قبضتهم على المدينة.
«خلافة على منهاج النبوة» عبارة ترددت فى مساجد درنة على مدار يومين كانت العنوان الذى اختاره أفراد تنظيم «مجلس شورى شباب الإسلام»، ليكون مدخلاً لدعوة أهل درنة إلى المبايعة فى مساجد المدينة، ليلتى الأحد والاثنين الماضيتين، حيث كانت ساحة مسجد الصحابة، أحد أكبر المساجد بالمدينة، منبراً تبارى فيه المشايخ الوافدون من خارج ليبيا فى إلقاء خطبهم على مسامع أهل المدينة، وفى ندوات دعوا فيها الحضور إلى الانضمام إلى ما أطلقوا عليه «دولة الخلافة» وتشجيعها ودعمها، وطالبوا الحضور بـ«التوبة» عما سموه «المبادئ الكفرية» لتأسيس الدولة.
درنة المدينة الجبلية التى تقع على البحر المتوسط، تحميها من الجنوب سلسلة من جبال الجبل الأخضر، التى جعلت منها حصناً تتجمع فيه كل القوى المتشددة المسلحة بسبب صعوبة اقتحامها برياً، والتى أعلن فيها تنظيم أنصار الشريعة، فرع تنظيم القاعدة فى ليبيا، عن نفسه بقوة السلاح، بجانب عدد آخر من التنظيمات الإسلامية المسلحة التى تتكون أساساً من العائدين من أفغانستان والشيشان، والذين انضموا إلى صفوف الثورة الليبية لقتال العقيد معمر القذافى.
مؤخراً، انضم إلى هذه المجموعات المسلحة هاربون من مصر، بعد فض اعتصام رابعة، وسوريون قاتلوا لفترة فى صفوف الجيش السورى الحر، بالإضافة إلى عناصر من دول كأفغانستان وباكستان واليمن، وكذلك مواطنون من الولايات المتحدة وأوروبا فى فترة فتح الحدود فى الأشهر الماضية، وترددت أقاويل عن تدريب ما يسمى الجيش المصرى الحر فى المدينة، باعتبارها من النقاط الحصينة أمام اللواء المتقاعد خليفة حفتر فى حربه على الإرهاب.
تنظيم أنصار الشريعة، أكبر وأقوى التنظيمات الإسلامية المسلحة، دفع باقى الفصائل فى طريق مبايعة داعش وإعلان المدينة إمارة إسلامية تابعة لما يسمى الدولة الإسلامية فى العراق والشام، وهو ما تسبب فى حالة من الانقسام داخل تنظيم «فجر ليبيا»، أحد أهم التنظيمات المشاركة فيما يسمى «مجلس شورى شباب الإسلام»، الذى يسيطر على العاصمة طرابلس حالياً، ويضم مجلس الشورى فى صفوفه عدداً من التنظيمات الإسلامية المعتدلة، بجانب المسلحين.
أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى المدينة اعترضوا على توقيت إعلان المدينة إمارة إسلامية، ودافعوا عن ضرورة تأجيل الخطوة إلى ما بعد حسم معركة مطار «بينينا» بين الجماعات المتشددة وقوات اللواء خليفة حفتر، قائد عملية الكرامة.