اشتعلت حدة الأوضاع الأمنية فى اليمن، أمس، بسقوط عشرات القتلى من قوات الجيش والمتمردين الحوثيين الشيعة فى هجمات انتحارية شنها تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية على جماعة أنصار الله الزيدية فى صنعاء وعلى قوات الجيش فى حضرموت، فى الوقت الذى تفاقمت فيه الأزمة السياسية فى البلاد بعد اعتذار رئيس الوزراء المكلف، أحمد بن مبارك، عن عدم قبول منصبه بعد رفض الحوثيين وتهديدهم بالتصعيد واتهام زعيمهم عبدالملك الحوثى للرئيس عبدربه منصور هادى بأنه «دمية فى يد الغرب» يحركها كيف يشاء.
وقالت مصادر أمنية يمنية إن 30 جنديا، على الأقل، قتلوا أمس فى هجوم بسيارة ملغومة يقودها انتحارى استهدف نقطة تفتيش فى مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت شرق اليمن، واشتبك الجنود فى المعسكر مع المسلحين وأجبروهم على التراجع. وقال مصدر أمنى إن «سيارة مفخخة يقودها انتحارى من تنظيم القاعدة انفجرت عند نقطة تفتيش للجيش فى منطقة الغبر بلدة بروم، على المدخل الغربى لمدينة المكلا، مما أدى إلى مقتل 30 جنديا وتدمير دبابة وعربتين». ودمر المسلحون ثلاث مدرعات وخمس سيارات عسكرية، مستخدمين قذائف هاون وقنابل يدوية ورشاشات.
وعلى صعيد متصل، بث تنظيم «أنصار الشريعة»، المتطرف التابع لتنظيم القاعدة، تسجيلا مصورا على الإنترنت يصور إعدام 14 جنديا يمنيا قال إنهم من الشيعة ويظهر التسجيل أشخاصا ملثمين يوقفون حافلة فى مدينة شبام اليمنية، فى شرق البلاد، ويجبرون عددا من الركاب على الخروج منها والاستلقاء على بطونهم.
وكان 10 عناصر من الشرطة، على الأقل، قتلوا فى سلسلة هجمات، بينها هجوم انتحارى، نسبت لتنظيم القاعدة، أمس الأول، فى مدينة البيضاء وسط اليمن.
وفى صنعاء، قتل 45 من المتمردين الحوثيين على الأقل، بينهم نساء وأطفال، وأصيب أكثر من 150 فى هجوم انتحارى كان يرتدى حزاما ناسفا استهدف تجمعا للحوثيين فى ميدان «التحرير»، بينما كانوا يستعدون للاحتجاج على تعيين أحمد بن مبارك رئيسا للحكومة المقبلة، وتفرقت الحشود بعد الهجوم فى كل الاتجاهات، وتناثرت الجثث وغرقت الأرض بالدماء، وحاول البعض إسعاف الجرحى. وخلت الساحة سريعا من الزيديين الذين يسيطرون على صنعاء. وقال عضو المكتب السياسى لجماعة أنصار الله الزيدية، على القحوم، إن «الانتحارى لم يتمكن من الدخول إلى وسط المظاهرة وفجر الحزام الناسف فى الحاجز الأمنى الذى وضعه الحوثيون لحماية الاحتجاجات».
وتأتى تلك الهجمات، فيما وصل اليمن إلى مأزق سياسى كامل بعدما قبل الرئيس هادى اعتذار رئيس الوزراء المكلف، أحمد عوض بن مبارك، عن عدم تشكيل حكومة بضغط من المتمردين الشيعة، الذين اتهموا النظام اليمنى بالخضوع للضغوط والإملاءات الخارجية، وهددوا بحشد أنصارهم فى صنعاء ومدن أخرى لإجبار «بن مبارك» على الرحيل. وقال بن مبارك «أعتذر عن عدم قبول ذلك التكليف العزيز، من قبل رئيس سيعلم اليمنيون أنهم خذلوه وخذلوا معه حلمهم القادم»، وأشار إلى أنه «رُشح من قبل الحراك الجنوبى السلمى، وليس من قبل الرئيس»، وأكد تكتل أحزاب اللقاء المشترك، الذى يضم 6 أحزاب، إنه «لم يصر على شخصية بعينها لتحمل مهام رئاسة الحكومة الجديدة».
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن اللجنة الحكومية المشرفة على عملية الانتقال السياسى بالبلاد قالت، فى بيان، إن الحوثيين وافقوا بشكل مبدئى على «وقف الفعاليات الاحتجاجية والتصعيدية»، التى كانوا يعتزمون القيام بها.
وشن زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثى، هجوما غير مسبوق على الرئيس اليمنى، وقال، أمس الأول، إن هادى كان قد وعده بعدم تعيين بن مبارك، لكنه غير رأيه بعد الاجتماع مع السفير الأمريكى فى صنعاء، ماثيو تولر، وأضاف «الرئيس اليمنى أصبح دمية تحركها قوى الخارج كما تشاء»، وقال مسؤول يمنى إن الحوثيين قدموا 3 مرشحين للمنصب، فيما أكد الحوثى أنه لا يريد فرض رئيس الوزراء المقبل. ووصف مسؤول أمريكى اتهام واشنطن بأنها فرضت بن مبارك بأنه «سخيف»، وقال إن الخيار كان قرارا يمنيا.
وفى المقابل، كشفت مصادر مطلعة فى صنعاء أن قرار جماعة الحوثى برفض تكليف هادى لمدير مكتبه بتشكيل الحكومة يعود إلى موقف إيرانى ممانع لتولى «بعثى سابق» رئاسة الحكومة الجديدة، وأشارت المصادر إلى أن الرفض الإيرانى جسده رفض الحوثيين لقرار تكليف بن مبارك، لأنه كان ناشطا بعثيا خلال دراسته الجامعية فى جامعة بغداد.
وكان حزب المؤتمر الشعبى العام، الذى ينتمى إليه هادى والرئيس السابق على عبدالله صالح، رفض تعيين بن مبارك.