يمكن لقارئ عندما يربط بين محاولات إسرائيل حماية معنويات أجيالها الجديدة ومحتوى الوثائق الإسرائيلية، التى نشرت نصوصها الكاملة بالمركز القومى للترجمة، أن يكتشف أمرين:
الأول: السبب الذى دفع السلطات الإسرائيلية إلى حجب أهم الوثائق عن النشر لمدة أربعين عاما، والذى جعلها تقوم بحذف بعض المواضع من أصول الوثائق قبل نشرها.
الثانى: السبب فى منع نشر بقية محاضر اجتماعات القيادة الإسرائيلية للتشاور حول إدارة الحرب بعد يوم 9 أكتوبر وهو اليوم الرابع للقتال وهو اليوم الذى بدأ فيه الجسر الجوى الأمريكى الحامل للأسلحة الأكثر حداثة فى الترسانة الأمريكية وأطقمها البشرية من الاقتراب من المطارات الإسرائيلية.
إن السبب واحد فى الحالتين وهو محاولة حماية معنويات الأجيال الإسرائيلية الجديدة التى كانت فى سن الطفولة أثناء حرب 1973 من فكرة هزيمة الجيش الإسرائيلى ومواصلة تنشئتهم فى غيبة الوثائق الفاضحة على فكرة التفوق والانتماء للجيش الذى لا يقهر والتى سنعود إليها لاحقاً، هناك واقعة رواها لى أحد خريجى قسم اللغة العبرية العاملين فى مجال السياحة، ذات دلالة مباشرة فى هذا السياق، وهى أنه استمع إلى تعليقات وفد سياحى إسرائيلى من طلاب وطالبات المدارس الثانوية، جاء لزيارة بانوراما حرب أكتوبر فى القاهرة. يقول الخريج إن أعضاء الوفد أصيبوا بصدمة وهم يشاهدون توثيق المعركة وهى صدمة لم يخرجهم منها إلا قول أحدهم تذكروا أن هذه الحرب انتهت بانتصار جيشنا وعبوره القناة «عملية الثغرة». إن الوثائق رغم حذف بعض المواضع تؤكد أن شارون ظل ينتظر بعيدا عن خط القناة بعد أن انتهت جميع محاولات اقترابه هو وقائد الفرقة الشمالية الجنرال بيرن بخسائر فادحة فأمرهما ديان بالبقاء بعيدا لحين وصول المدد الأمريكى.
أعتقد أن السلطات الإسرائيلية معذورة فى حجب الوثائق كل هذه السنين، فلقد أدى نشر بعضها رغم بعد الزمن إلى ثورة ضد قيادة الحكومة وقيادة الجيش، انتهت إلى قيام بعض الناس بتلطيخ قبر وزير الدفاع موشيه ديان باللون الأحمر واتهامه كرمز للقيادة بالمسؤولية عن الدماء الإسرائيلية، التى أريقت وعن الهزيمة التى كادت تصل بالقوات المصرية إلى داخل الحدود الإسرائيلية، لولا التدخل الأمريكى المباشر فى العمليات العسكرية.
دعوهم فى عذرهم يروجون لوهم الانتصار الإسرائيلى، وهيا بنا نطالع الوثائق ومحتوياتها التى تبدد هذا الوهم.
اجتماع الدقائق الأولى من يوم 8 أكتوبر: تقرير رابين عن الأوضاع بالجبهة المصرية
فى الدقائق الأخيرة من يوم 7 أكتوبر ومع بدء يوم 8 أكتوبر التأم اجتماع للقيادات برئاسة جولدا مائير نشره أرشيف الدولة وسجل عليه موعد البداية فى الساعة 11.50 ليلا. عقد الاجتماع للاستماع إلى تقرير إسحق رابين - الذى كان رئيسا لهيئة الإركان فى حرب 1967 - عن زيارة قام بها للجبهة المصرية بتكليف من رئيسة الوزراء بعد أن لاحظت انهيار وزير الدفاع وانحيازه لفكرة الانسحاب من أمام المصريين وإقامة خط دفاع جديد عند خط الممرات. حضر الاجتماع كل من رئيسة الوزراء ونائبها يجال ألون ورئيس الموساد الجنرال تسيفى زامير، ووكيل أول وزارة الخارجية أفراهام كيدرون الذى كان حلقة الوصل بين رئاسة الحكومة ووزير الخارجية ابا إيبان، الموجود آنذاك فى الولايات المتحدة على مقربة من الإدارة الأمريكية، دعونا نطالع تقرير رابين عن لقاءاته بقادة الفرق الثلاث الموجودة بسيناء شارون «أريك» وأفراهام مندلر «البرت» وأفراهام أدان «بيرن».
وعن شهادة القادة للقوات المصرية وأدائها القتالى المتميز بالكفاءة والبسالة، وأيضاً عن اقتراح للقيام بهجوم مضاد على القوات المصرية محكوم عليه بالفشل واقتراح الانسحاب إلى خط المضايق كبديل لا يقل مرارة. يقول الجنرال رابين فى تقريره بالنص ما يلى:
«لقد اجتمعت عند قائد الجبهة الجنرال جنونين «جورديش» لجميع قادة الفرق فى أم خشيب، وهم قائد الفرقة الشمالية الجنرال بيرن وقائد الفرقة الجنوبية الجنرال ألبرت وقائد الفرق الوسطى الجنرال شارون.
لقد تكبدت فرقة ألبرت خسائر فادحة لقد فقدت الفرقة مائة وخمسين دبابة هناك محاولة لإرسال تعزيزات لهذه الفرقة وهناك تقدير بأن عدد دباباتنا سيصل إلى ستمائة وخمسين دبابة مع صباح الغد.
أما فيما يتصل بالوضع فى الجبهة المصرية فالأمور شديدة الصعوبة وبالغة التعقيد، حيث لدينا أربعمائة جريح وثمانون قتيلا ويعتقد قائد الجبهة أن عدد قتلانا سيرتفع إلى ما بين مائة وخمسين ومائتى فرد إلى أن يمكننا التحول إلى وضع هجومى.. إن صورة الوضع كما يلى.
لقد عبرت قوات مصرية من سلاح المشاة المصرى مجرى القناة وهى فى حالة تقدم، إن معظم خسائرنا من الدبابات لم تنتج عن نيران دبابات مصرية بل نتجت عن أسلحة قوات المشاة المصرية والصواريخ المضادة للدبابات. وهناك عدد قليل من دباباتنا تم تدميره بواسطة الدبابات المصرية. لقد عبر المصريون بالدبابات فى نقطتين أو ثلاث نقاط وهى القنطرة والفردان وأمام مضيقى «الجدى ومتلا». إن عدد الدبابات المصرية التى عبرت حتى الآن يقدر بما لا يقل عن ثلاثمائة وخمسين ونرجح أن يزيد العدد إلى 500 دبابة. إن المصريين لا يتجاوزون الطريق الموازى للقناة ومن الواضح أنهم سيحتاجون إلى عبور الفرقتين الرابعة والسادسة. إن مواقعنا تمدنا بمعلومات بأن المصريين مستمرون فى نقل الدبابات ولديهم خمسة أو ستة كبارى ولم يمكننا تدميرها أو أنهم أعادوا بناءها.
إن قدرتنا على الوصول إلى الكبارى محدودة حالياً ويحاول سلاحنا الجوى القيام بهجمات عليها غير أن النتائج هزيلة. عندما كنت فى المنطقة الجنوبية من سيناء قام المصريون بالضغط بشدة على مواقعنا وحصوننا فى منطقة لسان بورتوفيق وتوفرت معلومات بأن بعض دباباتهم تعبر القناة هناك وهى تتجه إلى عمق سيناء ولا ندرى إذا كانت تريد الوصول إلى شرم الشيخ أم لا.. طبعاً سيتصاعد دخان المعارك فى الليل عندما يسود الظلام، إن سلاحنا الجوى لا يبدأ فى تقديم المساندة الجادة لقواتنا إلا بعد الظهر، فى ساعات الليل لن نواجه ضغطاً من جانبهم لكننا لا نعرف ماذا سيفعلون فى ساعات الصباح المبكرة. إن الجنرال بيرن يقول إن المصريين يدفعون جنوداً وضباطاً مستعدين للانتحار بالفعل.
إن جميع من استمعت إليهم من قادتنا يؤكدون أن أفراد قوات المشاة المصريين متميزون للغاية ولعلهم من القوات الخاصة، لقد استطاع عدد أربعين إلى خمسين من جنود المشاة المصريين التصدى للواء عسكرى تابع لنا بكفاءة ملحوظة.
إن الاقتراحات التى سمعتها من القادة هى كالتالى: أراد شارون أن يقوم بهجوم مضادة اليوم لينقذ المواقع غير أن رأى رئيس هيئة الأركان الفريق دافيد أليعازر أنه إذا أمكننا القيام بإنقاذ أفراد المواقع الثلاثة فليكن دون محاولة البقاء فيها خياران أحلاهما مر للجيش الإسرائيلى.
لقد بلورنا الفكرة التالية وقوامها أنه لا يجب أن نقوم غداً بهجوم محدود ومتقطع بل يجب أن نهاجم بقوة فرقة عسكرية كاملة تضم مائتى دبابة بهدف تدمير الدبابات المصرية، لقد صدق رئيس الأركان على خطتين، واحدة لفرقة بيرن فى المنطقة الشمالية من سيناء والثانية لشارون فى المنطقة الوسطى، المهم هو ألا تقوم الفرقتان بالهجوم، ذلك أن لدى كل فرقة مائتى دبابة ومجموع دباباتها أربعمائة دبابة وهذا العدد من الدبابات هو كل ما لدينا فى المنطقة الواقعة بين قناة السويس ومدينة تل أبيب، ولذا لا يجب استخدام جميع هذه الدبابات فى الهجوم، إننا سنهاجم بإحدى الفرقتين وسنجعل الأخرى للدفاع بمساندة القوات الجوية الفعالة، لابد لنا من النجاح فى هذا الهجوم».
هنا يتدخل الجنرال تسيفى زامير، رئيس الموساد، معلقاً على كلام رابين فيقول إن هجوماً من هذا النوع هو بالضبط ما يتوقعه منا المصريون، وينتظرون أن نقوم به والسؤال المطروح هو ما المكان الأمثل للقيام بهذا الهجوم؟
ويجيب رابين الخيار الثانى أو البديل لهذا الهجوم هو أن نقوم بالانسحاب ونسمح لهم بالعبور بطريقة كاسحة، إن هذين الخيارين المؤلمين أمام الجيش الإسرائيلى وأيضاً الإحساس بالورطة الشديدة لم يدعا للقادة الإسرائيليين من مخرج سوى الإلحاح على طلب المساندة الأمريكية.
محضر اجتماع الساعة 9.50 صباح يوم 8 أكتوبر 1973 جولدا مائير تستعجل الإمدادات الأمريكية
يتميز هذا المحضر بأنه قصير من صفحتين فقط أهم ما فيهما أمران، الأول خطة قدمها رئيس الأركان دافيد أليعازر تهدف إلى التأثير على معنويات المصريين وذلك باستخدام السلاح الجوى لشن هجوم ضد بطاريات الصواريخ الموجودة فى بورسعيد وقد وافق كل من وزير الدفاع ورئيسة الوزراء على الخطة، أما الأمر الثانى الأهم فهو إلحاح جولدا مائير على ضرورة إرسال برقية أخرى إلى كيسنجر لاستعجال الإمدادات.
محضر اجتماع الساعة 7.50 مساء يوم 8 أكتوبر كل شىء فى انتظار الأمريكيين
أرجو أن يلاحظ القارئ للنص الكامل لهذا المحضر والمنشور بالكتاب الذى أشرفت على إصداره بالمركز القومى للترجمة أن المضمون فى مساء اليوم الثالث من القتال يبين ما يلى: 1- أن فكرة الانسحاب أمام القوات المصرية وإقامة خط دفاعى خلفى عند الممرات كانت محل نقاش وهو ما يعكس إحساساً واقعياً بالهزيمة من جانب القادة الإسرائيليين من ناحية، ويؤكد بطلان الادعاءات الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلى لم يهزم من ناحية ثانية، فلقد ظلت وقائع الهزيمة على ألسنة القادة إلى أن وصل المدد الأمريكى بكامل عتاده للتدخل المباشر، بدءاً من يوم التاسع من أكتوبر.
2- تتساءل رئيسة الوزراء جولدا مائير عن جدوى فكرة الانسحاب إلى خط الممرات وإنشاء خط دفاعى جديد، مادام المصريون قد ذاقوا طعم النصر أو على حد تعبيرها الحرفى ذاقوا طعم الدم، وبالتالى سيواصلون التقدم واجتياح خط الدفاع الجديد. إن بارليف صاحب فكرة إنشاء خط الحصون التى تحمل اسمه على القناة ينضم إلى جولدا مائير فى تأكيد أن الانسحاب إلى خط الممرات لن يغير من قدرة المصريين على مواصلة ما يفعلونه عند القناة ولن يوقف قوة اندفاعهم على مواصلة الهجوم واجتياح الخط الدفاعى المقترح.
3- ينضم الجنرال تسيفى زامير، رئيس الموساد، إلى نفس الاتجاه مؤكداً أنه لا توجد طريقة لتغيير الوضع على الجبهة المصرية دون وصول الإمدادات الأمريكية.
هذه الوقائع المثبتة على ألسنة القادة الإسرائيليين تدعونى إلى مطالبة الخبراء العسكريين المصريين باستخلاص الدرس المستفاد، ترى هل تأخرنا فى استغلال فرصة الانهيار الإسرائيلى وتباطأنا مع تطوير الهجوم إلى أن وصل المدد الأمريكى، إن علينا ونحن نحتفل بالانتصار أن نتخذ من المناسبة فرصة للتفكير واستخلاص الدروس اللازمة لأجيالنا المصرية الجديدة، فلست أشك فى أن الإسرائيليين سيفكرون فى عدوان جديد على سيناء فى الظرف المناسب لتحقيق أطماعهم التوسعية التى لم تتبدد، لقد دخلت هذه الأطماع فقط فى وضع الانكماش استعداداً للتمدد فى الوقت المناسب.
4- يتبين أن التفكير بالتمنى والمرغوب كان حاضراً على مائدة اجتماعات القيادة، فقد قدم العميد يسرائيل ليؤرا، السكرتير العسكرى لرئيسة الوزراء، تقريراً يفيد بأن فرقة الجنرال بيرن تتقدم على طول خط حصون بارليف للانضمام إلى المواقع المحاصرة، غير أن رئيس الموساد بما لديه من معلومات يكذب هذا التقرير، ونلاحظ أيضاً أن رئيس الموساد قد تدخل ليبين أن ما يقال فى الاجتماعات عن رغبة الجنرالين شارون وبيرن فى عبور القناة هو مجرد وهم غير قابل للتنفيذ، ويصف الجنرالين بأنهما متفائلين أكثر مما يجب فى هذه النقطة، يتبين بعد ذلك من تقرير لديان أن مجرد محاولة بيرن للاقتراب من خط حصون بارليف المحاصر قد كلفته خمسين دبابة دمرت بكامل أطقمها، وفى هذه النقطة أيضاً يتبين وجود تناقض بين الفكرة المتفائلة أكثر مما يجب والتى يرددها رئيس الأركان الجنرال دافيد أليعازر عن إمكانية عبور قناة السويس ويبين تقرير قائد جبهة سيناء الجنرال جونين الذى يؤكد عدم وجود دبابات كافية لتنفيذ الفكرة، وهو ما يعنى ضرورة انتظار وصول الدبابات الأمريكية بطواقمها البشرية.
تتساءل جولدا مائير عما إذا كان وضع القوات الإسرائيلية قد تحسن منذ الظهر ويجيب رئيس الموساد إن كل شىء متوقف على وصول إمدادات الدبابات الأمريكية، ويضيف قائلاً إن المصريين قد حققوا هدفهم بالسيطرة على قطاع بين 10 و12 كيلومترا، وأن حديث شارون وبيرن عن إمكانية عبورهما للقناة حديث لا صلة له بالواقع.
محضر يوم 9 أكتوبر 1973 الساعة 7.30 صباحاً آخر المحاضرة المنشورة، لماذا لم ينشروا المحاضر التالية.
لابد أن يعلم القارئ أن هذا المحضر هو المحضر الأخير الذى سمحت السلطات الإسرائيلية بنشره حتى يومنا هذا من محاضر اجتماعات القيادة لإدارة الحرب، وإذا طرحنا السوال لماذا لم ينشروا سائر المحاضر التى سجلت عن اجتماعات الأيام التالية من المعركة، فإن الإجابة فى تقديرى تكمن فى سبب جوهرى، هذا السبب يتضح عندما نجد فى هذا المحضر، وفى الوثائق الأخرى إشارات واضحة على ألسنة، جولدا مائير، رئيسة الوزراء، ووزير الدفاع موشيه ديان، ووزير الخارجية ابا ايبان، تؤكد إحساسهم بالتفاؤل والارتياح، لماذا؟ لأنهم تلقوا إخطارا من وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر بأن الرئيس نيكسون قد وافق على توفير كل الإمدادات، وأن الجسر الجوى الأمريكى الحامل للإمدادات فى طريقه إلى مطارات إسرائيل ومطار العريش فى سيناء، من المؤكد أن محاضر الاجتماعات التالية على هذا التطور ستحتوى على أحاديث تكشف مدى التدخل الأمريكى المباشر فى المعارك، وفى اجتماعات القيادة الإسرائيلية لإدارة الحرب.
وبالتالى تفضح الأكذوبة التى يحاولون إقناع أجيالهم الجديدة بها، وهى أكذوبة أن الحرب انتهت بالنصر للجيش الإسرائيلى، عن طريق عبور القناة وتنفيذ ما نسميه الثغرة، إن الاجتماعات التى مازالت محاضرها ممنوعة من النشر تمثل فضيحة لكل من أمريكا وإسرائيل معا، ذلك أن كشف التدخل الأمريكى المباشر لوقف تقدم الجيش المصرى يعنى تدخلا لمساندة جيش الاحتلال الإسرائيلى، كما أن هذا الكشف يعنى أن الجيش الإسرائيلى ظل مجمدا بدبابات بيرن وشارون إلى أن وصلته ماما أمريكا وحملته على ذراعيها لتعبر به القناة فى عملية الثغرة.
تقييم ديان وشارون المبكر لعملية الثغرة قبل وقوعها
فى محضر يوم 9 أكتوبر نجد ما يلى:
1- إعلان جولدا مائير أن تطورا أساسيا قد حدث بموافقة الرئيس نيكسون على إرسال الجيش الأمريكى بعتاده وبالأطقم البشرية، وأن مقدمة الجسر الجوى الأمريكى قد تحركت فى الطريق إلى إسرائيل.
2- ارتياح وزير الدفاع موشيه ديان لهذا التطور وتغير موقفه من الدعوة للانسحاب إلى خط الممرات أمام المصريين قبل ذلك إلى تجميد التحركات الإسرائيلية ودبابات الفرق الثلاث للجنرالات شارون وبيرن وأدلر انتظارا لاكتمال وصول الدعم الأمريكى للتحرك من جديد على الجبهة المصرية.
3- يقدم وزير الدفاع تقريرا عن الوضع فى الجبهة المصرية فى اليوم الرابع للقتال يظهر صعوبة موقف القوات الإسرائيلية والخسائر التى تلحق بالفرق الثلاث الموجودة فى سيناء، ويقدم تقييما لفكرة شارون لعبور القناة بدباباته فى القطاع الأوسط باعتبارها فكرة يتفق هو وشارون معا على أنها فكرة غير مؤثرة وغير قادرة على إحداث تغيير جذرى فى الموقف.
4- تعبر جولدا مائير عن انزعاجها من وقوع دبابات شارون إذا نجح فى العبور تحت سيطرة المصريين على الضفة الغربية من القناة وسقوطه فى المصيدة وتحول العملية إلى كارثة.
5- يرى مساعد رئيس الأركان ورئيس المخابرات العسكرية السابق الجنرال ياريق أن الميزة الرئيسية للعملية هى أنها ستجذب نيران المصريين فى اتجاه فرقة شارون وهذا أمر جيد لشغل المصريين.
6- يتبين من التقرير المفصل الذى قدمه وزير الدفاع موشيه ديان عن الأوضاع فى جبهة سيناء، أن أى تحركات بالدبابات الإسرائيلية فى الوقت الراهن وقبل وصول الإمدادات الأمريكية واكتمالها شديدة الخطورة، وهو ما يعنى ضرورة تأجيل فكرة عبور شارون (عملية الثغرة) لحين اكتمال الحضور العسكرى الأمريكى.
7- يفصل ديان الأوضاع التى لمسها بنفسه خلال زيارته للجبهة المصرية قبل الاجتماع فيصف مدى صعوبة الاقتراب بواسطة المدرعات الإسرائيلية من القناة، ويقول إن أسلوب انتشار القوات المصرية عند القناة يجعل أى محاولة للاقتراب بالمدرعات نحو القناة كارثة فى الخسائر الفادحة، يضيف قائلاً إن المصريين لديهم الكثير من الدبابات وقطع المدفعية وأن دباباتهم جديدة وحديثة ومزودة بأجهزة رؤية ليلية تجعلها قادرة على القتال ليلا، وهو أمر لم يستعد له الجيش الإسرائيلى.
يقدم تقييما للدرجة العالية من الكفاءة التى ظهر عليها سلاح المشاة المصرى وتسلحه بصواريخ مضادة للدبابات.
يضيف موشيه ديان: لقد حاول الجنرال بيرن قائد الفرقة الموجودة فى القطاع الشمالى أن يقترب من القناة ففقد فى غارتين 8 دبابات فى كل غارة واستحال عليه الوصول إلى خط الحصون، ويقول ديان إن علينا أن نحافظ على دباباتنا بعيداً عن مدى المدفعية المصرية.
9- ينتقل ديان إلى فكرة شارون لعبور القناة فيقول: لا يبدو لنا أن هناك طريقة حالياً لتغيير الوضع بشكل جذرى ملمحا ضمنياً إلى ضرورة انتظار المدد الأمريكى، ويضيف بالنص: لقد اقترح شارون أن يعبر القناة بنفسه باستخدام كوبرى نقوم نحن بإنشائه، وهذا يعنى أن علينا أن نحضر كوبرى من الخلف ونتقدم به ناحية القناة، وهذه عملية بطبيعتها ثقيلة وتتسم بالبطء ومشكوك فى نجاحها.
وهنا تسأله جولدا مائير من أين يريد شارون أن يعبر القناة؟
10- ويجيب ديان قائلاً إن شارون يشير إلى منطقة قريبة من القنطرة وإذا سمحنا له بالعبور فإنه سيكون هناك مع بعض الدبابات، وهو سيتواجد فى قطاع واحد فقط، لكن هذا أفضل من الوضع الحالى، ومع ذلك فإن شارون نفسه لا يعتقد أن هذه العملية ستؤدى إلى تغيير حاسم فى الموقف، إن الصورة التى نتلقاها من قادة الفرق الثلاث فى سيناء بقيادة بيرن وشارون وأفراهام مندلر (ألبرت) تقول إنهم لا يمتلكون القدرة حاليا على الاقتراب من خط المياه أو احتلاله، فكلما اقتربوا فقدوا مزيداً من الدبابات ويضطرون للانسحاب، لقد فقدنا مائتى قتيل فى هذه المحاولات، ولذا من الأفضل لنا الانتظار حالياً.
إلى هنا ينتهى حديث ديان، وأضيف كباحث مصرى أن الفرق الثلاث ظلت تتجنب الاقتراب من القناة حتى اكتمل الدعم الأمريكى، ومع هذا فقد قتل القائد مندلر يوم 13 أكتوبر على أيدى القوات المصرية.