x

«فينجر وفابريجاس».. عودة الابن الضال

الأحد 05-10-2014 13:07 | كتب: محمد المصري |
سيسك فابريجاس سيسك فابريجاس تصوير : other

المشهد الأول:

أكتوبر 2003

سيسك فابريجاس


فتى صغير جداً، خفيف الحركة لأنه لا يحمل على كتفه سوى 16 عاماً و177 يوماً فقط، يَنزل إلى أرض الملعب في أول مباراة مع فريقه الجديد، ويصبح أصغر لاعب يلعب في بطولة رسمية في تاريخ أرسنال.

اسمه سيسك، سيسك فابريجاس، أتى من أسبانيا، جسده هزيل، ولا يجيد الإنجليزية، لم ينتبه له أحد في النادي حين دخل للمرة الأولى، ولكن السيد فينجر يعتقد أنه سيكون لاعباً مذهلاً. والجميع يصدق ما يعتقده السيد فينجر.


المشهد الثاني:
سبتمبر 2004

سيسك فابريجاس


سيسك لعب مباراته الأولى في الدوري أمام مانشستر يونايتد، مع جيل اللاهزيمة، شاهد المباراة من على الدكة في البداية، يرى جيلبرتو سيلفا، دينيس بييركامب، روبرت بيريس، توريه وكامبل وأشلي كول، في الأمام هناك تيري هنري، وحين نزل إلى أرض الملعب.. كان ذلك بدلاً من باتريك فييرا.

الفتى الصغير بدا رائعاً، لعب عدة مباريات أخرى بسبب إصابة فييرا وسيلفا، وفي عامه السابع عشر وقع عقداً رسمياً مع أرسنال.

المشهد الثالث:
سبتمبر 2005

سيسك فابريجاس


حين رحل باتريك فييرا إلى يوفنتوس موسم 2005، لم يصدق أحد في النادي أو خارجه أن السيد فينجر سيمنح فابريجاس الصغير كل الإرث الذي تركه واحد من أعظم لاعبي خط الوسط في العالم.

ولكن فينجر كان يعرف، كما عرفَ دائماً في ذلك الوقت: خطط لمنحه القميص رقم 4، واللعب أساسياً بجوار جيلبرتو سيلفا، والثقة الكاملة في قيادة وسط ملعب الفريق، وربط الدفاع بالهجوم.

حين تَكون في الثامنة عشرة من عمرك.. فإن هذا الحِمل يبدو مرعباً: هناك رجل واحد يؤمن بك.. والجميع يشكك فيك، الثقة والشك.. كلاهما حملاً.

ولكن ما حدث بعد ذلك أن فابريجاس لعب 49 مباراة في هذا الموسم، جعل وسط ملعب أرسنال مختلفاً، ليس أفضل ولا أسوأ، فقط هذا الاختلاف، لا يملك قوة فييرا، ولا حدته في اللعب ولا قيادته المدهشة، ولكن لديه لمسة جمالية لم يعرفها الفريق بهذه الصورة من قبل.


المشهد الرابع:
مايو 2006

سيسك فابريجاس

موسم فابريجاس الأول هذا كان الأنجح أوروبيا في تاريخ أرسنال، مسيرة رائعة جداً في دوري الأبطال حتى نهائي باريس أمام برشلونة، والفتى الأسباني، دون أن يكمل عامه العشرين، كان سبباً رئيسياً في ذلك.

مبارتا ريال مدريد، ذهاباً وإياباً، فياريال في قبل النهائي، حتى المباراة النهائية، كان فابريجاس ممتازاً، دوماً، ولكن اللوحة الأهم في كل ما قدمه كانت مباراة يوفنتوس على ملعب هايبري في ربع النهائي.

كان يلعب أمام قائده السابق باتريك فييرا، وفي جيل ذهبي لليوفي بقيادة بوفون وديل بييرو وإبراهيموفيتش ونيدفيد وكانافارو وتريزيجيه، وفي النهاية كان هو، في عُمر الـ18، نجم اللقاء، أحرز هدفاً، وصنع الآخر للأسطورة تيري هنري، كانت تلك اللحظة تحديداً هي النقطة التي رأى الجميع فيها ما يراه فينجر.

لاحقاً، صار أرسنال وصيف أوروبا، ومع نهاية الليلة.. كان هناك جيلاً كاملاً يستعد لمغادرة الفريق، ومنح الراية لجيلٍ جديد اسمه سيسك فابريجاس.


المشهد الخامس:
يونيو 2007

سيسك فابريجاس


جيل سيسك فابريجاس هذا حمل أسماء من قبيل روبين فان بيرسي، إدواردو دا سيلفا، أليكساندر هليب، ماثيو فلاميني، توماس روزيسكي، جيل كليشي، بكاري سانيا، إيمانويل أديبايور، ثيو والكوت وأليكساندر سونج.

الجيل الذي قرر به السيد فينجر، عند قمة نجاحه بدوري اللاهزيمة عام 2004، أن يبدأ الرحلة من جديد، وسط اقتصاديات متضحمة في سوق الكرة، يقرر الرجل أن يسير عكس التيار تماماً، بقيمٍ لا يحملها أحد غيره.

موسم أول غير مثالي عام 2006-2007، تُوج فابريجاس في آخر بجائزة أفضل لاعبي أرسنال خلال الموسم، وكل شيء كان مُهيئا للأفضل.


المشهد السادس:
23 فبراير 2008

سيسك فابريجاس

موسم ثانٍ، 2007- 2008، كان مثالياً حتى ربعه الأخير، الفريق الشاب الذي كوّنه فينجر وقاده فابريجاس ظل يحتل قمة الدوري، بأحد أفضل الأداءات التي شهدتها إنجلترا خلال هذا العقد حتى آخر فبراير، بالتحديد يوم 23.

ربما لو كُتِبت رواية عن تاريخ أرسنال في الألفية الجديدة لوُضِع هذا اليوم باعتباره النقطة التي بدأ عندها كل شيء في الانحدار.

خرج أرسنال لمواجهة برمنجهام سيتي، كان متصدراً للدوري ويتحرك بثقة نحو اللقب، كرة في وسط الملعب، لاعب الفريق المُضيف «تايلور» يدخل على قدم إدواردو دا سيلفا.. يكسرها تماما، في واحدة من أعنف لقطات الكرة في التاريخ.


فابريجاس، الذي كان أقرب لاعب منه، عَرِفَ حينها أن هناك مواقف أكبر منه، وأن كرة القدم بها أشياء شديدة الصعوبة، أثقل من أن يحتملها وهو لم يزل –رغم مرور السنين- فتى، فهو –بعد- في الحادية والعشرين.

«لم تكن أقدامنا تحملنا لبقية المباراة»، انتهت بالتعادل، بعد كرة مأساوية سرح فيها «كليشي» وتسبب في ركلة جزاء، بكاء القائد جالاس، شعور الفتية بالضياع، «كان كل شيء مأساوياً»، والسيد فينجر رأى أنه واحدة من أسوا ليالي مسيرته.


ليلة برمنجهام لم تفارق الفريق بعدها، ثلاثة تعادلات متتالية ثم خسارة من تشيلسي، فوز وحيد ثم تعادل مع ليفربول وخسارة من مانشستر يونايتد، اللقب سُرِق في 6 أسابيع فقط، وأنهى أرسنال الدوري بفارق 4 نقاط عن مانشستر يونايتد.

حينها، بدء العِقد، الثمين جداً، في الانفراط.


المشهد السابع:
24 نوفمبر
2008

سيسك فابريجاس

رحل فلاميني إلى ميلان، هليب إلى برشلونة، أتى سمير نصري وأندريه أرشافين.

وفي ذلك اليوم، وفي عمر الثانية والعشرين، منح السيد فينجر سيسك فابريجاس ثقته الأكبر، قائداً للفريق، وأسطورة محتملة إلى جانب توني آدامز، بييركامب، تيري هنري.

كان السيد فينجر واثقاً من أن الابن، الذي صار أصغر قائد في تاريخ النادي، لن يفارقه.

وصل الفريق إلى نصف نهائي دوري الأبطال، وأنهى رابعاً بالدوري، خرج إيمانويل أديبايور وكولو توريه إلى مانشستر سيتي في الصيف اللاحق.

المشهد الثامن:
يوليو 2010

سيسك فابريجاس


أرسنال يخسر الدوري بفارق 11 نقطة عن تشيلسي.

يخرج من دوري الأبطال على يد برشلونة يوم 6 أبريل.

وفي منتصف يوليو 2010، وأثناء الاحتفال بكأس العالم الذي فازت به أسبانيا، يقوم جيرارد بيكيه وكارليس بويول بتلبيس فابري قميص برشلونة.

كانت المفاوضات مستمرة منذ موسم كامل حول خروج سيسك من أرسنال، والعودة إلى برشلونة، وبدا أن شارة الكابتن التي منحها فينجر إلى "الابن" تحسم الأمر.. فابري سيبقى.

ما هو البيت؟ هنا أم هناك؟ المكان الذي ولدت فيه أم المكان الذي تحققت بداخله؟ الوطن الذي خرجت منه أم الموطن الذي استقبلك واحتواك؟

لم تكن الإجابات واضحة، وفي تلك الليلة بدا أن رحيل فابريجاس، الذي لم يقاوم زملاء المنتخب وأصدقاء الطفولة وهم يلبسونه قميص فريقهم، الذي انتصر على فريقه من 3 أشهر فقط، مسألة وقت ليس أكثر. وشيء ما –عند تلك النقطة- لم يعد كذي قبل.


المشهد التاسع:
15 أغسطس 2011

سيسك فابريجاس


فابري يرحل إلى برشلونة كما أراد.

هناك شيء من الخذلان قطعاً، السيد فينجر لم ينكر، ولكنه تقبل، طالما هذا ما يريده الابن، وسيظل ابناً، تمثاله باقٍ، وذكرياته كذلك.

لاحقاً، ساءت أمور الإثنين، فينجر وفابري، الأستاذ ظل 9 سنوات لا يفوز ببطولة، وأصبح كل ما يؤمن به ويطبقه محل تشكيك، من مشجعي الفريق قبل كارهيه، وفابري، الذي تعلم أسلوب لعب مختلف مع أرسنال، لم يستطع التكيف بصورة كاملة مع برشلونة بيب جوارديولا وما بعده، حتى أنه لم يؤدِ 6 مباريات متتالية بنفس الوتيرة، وفشل الفريق لثلاثة مواسم قضاها هناك في الفوز بدوري الأبطال، وفي موسمه الأخير.. خرج الفريق خالي الوفاض.. وكان فابري أحد أكثر الوجوه المدانة من الجماهير، والتي ينتظر خروجها في الصيف، بعد 3 مواسم فقط هناك، بعيداً عن لندن.


المشهد العاشر:
12 يونيو 2014

سيسك فابريجاس


لم يعد صغيراً كما كان حين جاء إلى لندن أول مرة.

لم يعد فتى، ولم يبقَ هزيلاً، صار يجيد الإنجليزية، والجميع يسعون إليه.

هو في السابعة والعشرين الآن، يعرف جيداً ما يريده، قادراً على اتخاذ قراراته.

ومن بين كل أندية العالم.. اختار أن يعود إلى غريم لندني لبيته القديم.

والسيد فينجر، الذي رفض عودته أولاً لأن أرسنال به آرون رامزي وسانتي كازورلا ومسعود أوزيل، ولأنه ليس من المنطقي أن يدفع نفس المال لاستعادة لاعب كبر 3 سنوات منذ خرج من هنا، كان قراره.. ولكنه لم يصدق حين رآه أول مرة يمسك بقميص تشيلسي، ويقف مبتسماً.

لم يرد على اتصالاته، كان الابن المفضل، أجمل شيء استطاع أن يطوره خلال سنينه الأخيرة، من الصعب على الرجل العجوز، خصوصاً في مراحل من الشيخوخة والضعف يمر بها، أن يقبل هزيمة بهذا الشكل.


المشهد الحادي عشر:
5 أكتوبر 2014

سيسك فابريجاس


فابريجاس سيلعب مع تشيلسي ضد أرسنال للمرة الأولى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية