فجر الفيديو المتداول على الإنترنت الذي يظهر وداع إحدى الجهاديات الداعشية من الأجانب لزوجها قبيل تنفيذها لعملية انتحارية وسط مجمع عسكري يعتقد أنه في سوريا، أسئلة كثيرة مثيرة للجدل والقلق لدى الغرب الذي بدأ يتسرب من بلاده العديد من الفتيات صغار السن قاصدات العراق وسوريا للانضمام إلى تنظيم «داعش».
«يانغ» التي لم يعلن عن جنسيتها وظهرت في الفيديو متشحة بالسواد لا تظهر ملامحها بسبب رداءها الذي يغطيها من رأسها حتى أخمص قدميها وبالكاد يظهر عينيها، أثارت جدلا وقلقا بالغًا لدى دول أوروبا المعنية بمحاربة تنظيم «داعش», وبالذات بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة, إذ أظهرت تقارير عدة سفر الكثير من فتيات صغار السن من تلك الدول إلى سوريا والعراق بهدف الانضمام للتنظيم والزواج بأحد عناصره, بعد تجنيد الأخير لهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت والتواصل معهن من خلال مسؤولين في التنظيم عن تلك الصفحات.
صحيفة «الجارديان» البريطانية نشرت تقريرًا يظهر قلق الدول الغربية من مغادرة مئات النساء والفتيات بيوتهن في الدول الغربية للانضمام إلى المسلحين التكفيريين في الشرق الأوسط، وحسب التقرير فإن هناك فتيات لا تتجاوز أعمارهن 14 و15 عامًا يسافرون إلى سوريا للزواج من المسلحين الداعشيين والانضمام إلى مجتمعاتهم, ولفرنسا العدد الأكبر من المجندات إذ يبلغ عدد النساء الفرنسيات 25% من مجموع النساء الغربيات اللاتي انضممن إلى المتطرفين, كما تعاني ألمانيا من نفس القلق إذا ما عرفنا أن أعدادًا كبيرة من الفتيات قد هربن من أسرهن وسافرن إلى سوريا والعراق عبر تركيا للجهاد, وبالذات «جهاد النكاح», واخترق التنظيم أيضًا مواطني أمريكا العدو الأول لـ«داعش» وقام بتجنيد الفتيات في موطنهن متحديًا, بعيدًا عن عين القانون والمباحث الفيدرالية التي اعتبرت طبيعة تجنيد هذا التنظيم المخبول تتمثل في طريقة استخدام عنصر المفاجأة !
الفتيات اللائي غادرن منازلهن للزواج بالمسلحين يجري تجنيدهن وفق فكرة ضرورة وجود أطفال للجهاديين لمواصلة انتشار الإسلام، وفي حال قتل زوجها فإنها تحصل على لقب زوجة شهيد, وقد حدد الباحثون في المركز الدولي لدراسة التطرف في جامعة «كينجركوليدج» أن الفئة العمرية للفتيات اللاتي يلتحقن بالتنظيم تتراوح بين 16 و24 وأن العديد منهن خريجات جامعات جديدات تركن ورائهن عائلاتهن, مؤكدين أن هناك اتجاه متزايد بين المراهقين للتطرف والذهاب للشرق الأوسط دون إذن من آبائهن, ويبقى هذا الشغف الذي حدا بالفتيات لمثل هذه الخطوة عصيًا على الفهم, فما الدافع الحقيقي وراء هروبهن من بيئتهن الأصلية والسفر لمجرد الزواج بالمقاتلين في التنظيم لإنجاب الأطفال فقط؟؟!
ربما اعتقدت الفتيات اللاتي انضممن إلى «داعش» أنهن يشاركن في الجهاد أو على الأقل تلعبن دورًا نشطًا في تأسيس دولة إسلامية، غير أن الواقع قد يكون أكثر دنيوية منها دينية, فقد ثبت بالدليل القاطع أن تنظيم «داعش» يجند النساء كي تكون مصنعًا للأطفال ليس إلا, فهو يسعى لإقامة الخلافة الإسلامية وهو بحاجة الآن إلى تأهيلها بالسكان, ومراقبة حساب الجهاديين عبر وسائل التواصل الاجتماعي تؤكد أنهم لا ينظرون إلى النساء إلا زوجات ومصنع للإنجاب والتناسل لإنجاب الدواعش الجديدة.
غرور وحماسة الشباب وفورتها أعمت عيون الكثير من الفتيات عن حقيقة التنظيم ومآربه واعتقدت العديد من الفتيات أن حمل السلاح والانضمام إلى صفوف المقاتلين في داعش تلبي طموحاتهن الشغوفة بالاستعراض والتباهي اعتقادًا منهن أنهن يجاهدن في سبيل الله لنشر الدين الإسلامي مدفوعون بالحماس رغم أنهن لا يجدن القتال ولا حتى حمل السلاح، هذا الجهاد الذي سيكون بوابة العبور إلى الجنة التي وعدهم بها «داعش» متكئا على إرساء قواعد الدين كذبًا بالأقوال والإغراءات, لأن أفعاله تجافي إدعاءاته بل تمارس النقيض تمامًا !!
وتظل الإجابة القاطعة في انضمام المئات من الفتيات الأجنبيات إلى «داعش» لغزًا محيرًا حتى الآن رغم الاجتهاد في تحليل تلك الظاهرة وبواعث انتشارها بهذا الشكل؟