استغل مزارعو الأرز في عدد من المحافظات إجازة عيد الأضحى وغياب الرقابة وبدأوا في حرق قش الأرز، ما تسبب في انتشار السحابة السوداء في سماء عدد من المحافظات وتسببها في حالات اختناق بين المواطنين.
ففى الدقهلية أحرق مئات الفلاحين قش الأرز بأراضيهم، مستغلين إجازة العيد وحالة التراخى من الأجهزة الرقابية، وفى ظل عدم قيام الشركات الخاصة بتسلم القش لإعادة تدويره.
وانتشرت السحب الدخانية على الطرق الرئيسية خاصة في مراكز ميت غمر والسنبلاوين وأجا وبلقاس وطلخا، وتحولت فترات الليل فيها إلى حالة من الاختناق الشديد وارتفاع في درجات حرارة الجو، ويزداد الأمر سوءاً في مركز ميت غمر لوجود مسابك الألومنيوم ومصانع الطوب ومكامير الفحم التي تطلق جميعها ملوثات بالجو. وكشف مصدر مسؤول بمديرية الزراعة أنه تم تحرير نحو 100 محضر ضد الفلاحين خلال هذا العام، وهو عدد ضئيل جداً، حيث إن الدقهلية بها ما يقرب من نصف مليون فدان مزروعة بالأرز.
وقال المهندس محمد الشعراوى، مسؤول جهاز شؤون البيئة في ميت غمر، خلال إشرافه على مقاومة مصادر التلوث في قرية أتميدة، إن الوزارة دعمت مواقع تجميع قش الأرز مادياً للتجميع ومنع الفلاحين من حرق قش الأرز، حيث تم تخصيص 9 مواقع تجميع بروتوكول الزراعة علاوة على موقعين لشركة إيكارو، وعملت على وقف نشاط ملوثات الهواء من مصانع طوب ومكامير فحم ومسابك خاصة في آخر النهار.
وأضاف: ما زال هناك تقصير واضح في تعاون مسؤولى الزراعة وغلق الجمعيات الزراعية خاصة في الطريق السريع.
وفى القليوبية بدأ المزارعون حرق القش رغم الخطة التي اعتمدها المحافظ المهندس محمد عبدالظاهر للتصدى للسحابة السوداء، ما ينذر بموسم غنى بالأدخنة الخانقة.
وكشفت مصادر أنه رغم أن القليوبية من المحافظات الممنوعة من زراعة الأرز بناء على قرارى وزير الرى رقم 118/2014، والمحافظ رقم 168 لسنة 2014، إلا أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى زراعة أكثر من 16 ألف فدان بالمخالفة، تنتج نحو 42 ألف طن قش، تحتاج إلى إمكانيات ضخمة لتدويرها لا تستطيع الحكومة بوضعها الراهن توفيرها، وهو أحد أسباب «استسهال» الفلاحين بحرق كميات كبيرة منه.
وقال عبدالله نظمى، أمين نقابة الفلاحين بالمحافظة، إن ظهور السحابة السوداء مبكراً سببه إقبال الفلاحين على حرق القش نظراً لعدم توافر أعداد المكابس اللازمة لكبسه وتحويله لأسمدة التي أعلنت عنها الزراعة منذ سنوات، مشيراً إلى أن بعض الفلاحين يكبسون القش لعمل أعلاف والبعض الآخر يحرقه لهذا السبب.
وحمل وزارة الزراعة مسؤولية ظهور السحابة السوداء كل عام لضعف الإمكانيات التي توفرها لتدوير قش الأرز، وعدم فتح مجالات استثمارية جديدة لاستغلال القش بجانب الأعلاف في صناعات الورق والأخشاب، كما يحدث في مصانع السكر التي تحول مصاصات القصب أخشاباً وورقاً.
وقال سامى عبدالوهاب، عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة، إن المزارعين يحرقون قش الأرز غير مبالين بدعوات الحكومة لتدويره أو تسليمه للمكابس التي توفرها، مشيراً إلى ضرورة أن تضع أجهزة الدولة عقلية الفلاحين موضع الاعتبار كى تؤتى قراراتها ثمارها.
وطالب حمدى هيكل، ناشط سياسى بالقليوبية، الدولة بتوفير مزيد من المكابس وأن تضاعف قيمة ما تمنحه للمزارع عن كل فدان قش يسلمه لتدويره، محذراً من بدء ظهور أدخنة السحابة السوداء، خاصة مع حلول المساء، الوقت الذي تزداد فيه نسبة الحرق ما يعرض المواطنين وخاصة الأطفال إلى الاختناق.
وطالب الحكومة بتوفير مكابس في أماكن قريبة من الحقول، وأن تتحمل الحكومة تكلفة نقل القش عن طريق توفير سيارات تجوب عليها، مؤكداً أن المزارعين لديهم استعداد لترك القش بدون مقابل، بعد أخذ ما يكفى لاحتياجاتهم، خاصة أن بعضهم تحملوا العام الماضى تكلفة نقل القش من وإلى المكبس، وفى النهاية تم تكديس «بالات» القش في الحظائر، دون الاستفادة منها، وهو ما جعل بعض المزارعين هذا العام يمتنعون عن نقل القش للمكابس والإقدام على حرقه.
وقال أحمد إبراهيم، مزارع من مركز بنها، إن مديرية الزراعة لا توفر لهم المكابس اللازمة لتدوير قش الأرز والمخلفات الزراعية الأخرى ما يدفعهم إلى حرقها للتخلص منها لتفريغ الأرض منها لبدء زراعة محصول جديد. وشدد أحمد على أحمد، مفتش بوزارة البيئة، بمركزى طوخ وقها لمتابعة خطة منع السحابة السوداء، على دور وزارة الزراعة ممثلة في المرشدين الزراعيين في التوعية بأهمية قش الأرز واستخداماته الاقتصادية أفضل من حرقه.
وأكد مصدر بمديرية الشؤون الصحية بالمحافظة اتخاذ بعض التدابير اللازمة بالمستشفيات والمراكز والوحدات الصحية لسرعة إسعاف أي مواطن يصاب بالاختناق في حال تفاقم أزمة السحابة السوداء.
وأوضح المهندس محمد سامى سعد، وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة، أنه تم وضع خطة للقضاء على السحابة السوداء في مهدها، بالتنسيق بين مديرية الزراعة بالمحافظة ومسؤولى وزارة البيئة لبحث إجراءات وتدابير تدوير قش الأرز طبقاً للبروتوكول الموقع بينهما.
وفى البحيرة، شدد المحافظ اللواء مصطفى هدهود، على عدم حرق المزارعين قش الأرز بالحقول للحد من السحابة السوداء ومنع التلوث البيئى، وعدم التعرض للغرامات التي ستفرض على المخالفين.
وأكد توافر المكابس التابعة للزراعة ولجهاز شؤون البيئة المنتشرة بجميع القرى والنجوع، والتى يمكن للمزارعين من خلالها تجميع قش الأرز لكبسه وبيعه لمصانع تدوير المخلفات الزراعية بالمحافظة، للاستفادة منه في تصنيع الأسمدة والأعلاف بعد فرمها.
وشدد هدهود على تحرير محاضر للمخالفين الذين سيحرقون القش بمعرفة مشرفى الأحواض ومسؤولى البيئة المتواجدين بجميع قرى المحافظة.
وأوضح المهندس زكريا عفيفى، وكيل وزارة الزراعة، أن إجمالى المساحات المنزرعة بالأرز هذا العام بالمحافظة يبلغ 175 ألف فدان وتم حصاد 130 ألف فدان منها حتى الآن.