يوم 1 أكتوبر عام 1996 خرجت جريدة «إيفيننج ستاندارد» الإنجليزية، بعنوان «أرسين من؟»، بعد تعيين نادي أرسنال لمدرب فرنسي غير معروف في إنجلترا، أتى من اليابان لقيادة مدفعجية شمال لندن.
في أغسطس عام 1996، أقال أرسنال مدربه بروس ريوتش، وتوقع متابعو كرة القدم وقتها أن يتولى الهولندي الطائر يوهان كرويف مسؤولية النادي الفائز بـ 10 ألقاب للدوري الإنجليزي حينها، ولكن إدارة النادي فاجأت الجميع بتعيين صديق نائب رئيس النادي حينئذ، ديفيد دين، مديرًا فنيًا للفريق اللندني.
ولكن هل يبدأ مشوار فينجر مع الكرة من خلال كونه مديرًا فنيًا؟.. الإجابة لا، لعب فينجر، كلاعب وسط في عدة أندية فرنسية في الدرجة الثانية والأولى وكان إنجازه الوحيد كلاعب هو الحصول على لقب الدوري الفرنسي مع ستراسبورج عام 1979.
بدأ «فينجر»، وهو من مواليد 22 أكتوبر 1949 بستراسبورج، مشواره التدريبي كمساعد مدرب بنادي كان، بدوري الدرجة الثانية الفرنسي عام 1983، وبعدها بعام جاءت اللحظة التي وضعت «فينجر» على أول الطريق حين رشحه ألدو بلاتيني، والد أيقونة الديوك ورئيس ويفا الحالي ميشيل بلاتيني، لتولي مسؤولية نادي نانسي بدوري الدرجة الأولى.
قضى المدرب ثلاثة أعوام بنانسي، اختتمها بهبوط الفريق للدرجة الأدنى، رغم ذلك أراد موناكو التعاقد مع «فينجر»، و هو ما حدث عام 1987.
وجلب الفرنسي لاعبين مثل الإنجليزي جلين هودل، والفرنسي باتريك باتيسون، والأسطورة الليبيرية جورج وايا.
قاد المدرب الملقب حاليًا بـ«البروفيسور» موناكو للفوز باللقب المحلي في أول مواسمه، ولكن في الموسم التالي احتل المركز الثالث وخسر الكأس لصالح مارسيليا.
في الموسم التالي، 1989-1990، أنهى «موناكو- فينجر»، الدوري بالمركز الثالث ولكنه ثأر من مارسيليا وظفر بكأس فرنسا.
استمر فينجر في موناكو حتى سبتمبر 94، حين أقالته إدارة النادي لسوء النتائج.
خلال فترته مع الأحمر والأبيض الفرنسي وصل فينجر لنهائي كأس أوروبا للأندية البطلة عام 92، قبل أن يخسر من فيردر بريمن الألماني، وقبل نهائي دوري أبطال أوروبا عام 94، ولكنه خرج على يد ميلان الإيطالي.
توجه فينجر للشرق الأقصى ليتولى مسؤولية ناجويا جرامبوس باليابان في يناير 1995، وفي 18 شهرًا مع النادي الياباني حصل على كأس الإمبراطور، ووصافة الدوري الياباني.
وهنا أتت اللحظة التي حددت مسيرة الفرنسي النحيل، حين اختير في 30 سبتمبر 1996 مدربًا لمدفعجية شمال لندن وتسلم مهامه قبل 18 عامًا في الأول من سبتمبر من نفس العام.
وفي المجمل، حصل المدرب الشهير باكتشافه للمواهب الشابة على ثلاثة ألقاب للدوري الإنجليزي، وخمسة ألقاب لكأس الاتحاد الإنجليزي وخمسة ألقاب لحساب الدرع الخيرية.
وحددت التسع لحظات التالية مشوار فينجر الطويل مع أرسنال:
1 - ثنائية موسم «1997- 1998».
في أول موسم كامل لفينجر مع أرسنال قاد الفريق بمساعدة الهولنديين دينيس بيرجكامب، ومارك أوفرمارس، والإنجليزي إيان رايت، للحصول على «البريميير ليج» وكأس الاتحاد، ثاني ثنائية في تاريخ النادي المؤسس عام 1886
2- ضم تييري هنري
فيم كان يفكر فينجر، عندما جلب جناحًا فرنسيًا عاديًا من يوفنتوس الإيطالي بـ 11 مليون جنيه إسترليني؟، انضمام تييري هنري لأرسنال في أغسطس 99 سيظل علامة فارقة في تاريخ فينجر، والمدفعجية
3- ثاني ثنائية والتتويج في مسرح الأحلام
بفضل هدفين سجلهما راي بارلور، وفريدي ليونبرج، في مرمى تشيلسي في الثلث ساعة الأخير من نهائي كأس الاتحاد في ويمبلي، حصل أرسنال على ثالث بطولاته في عهد فينجر.
ولكن، لم تكن الكأس هي سبب الاحتفال الأكبر في موسم 2001-2002
أن تتوج بالدوري في معقل مانشستر يونايتد «أولد ترافورد»، أمام مدرجات ممتلئة بجماهير الغريم وأن يجعلهم هدف الفرنسي سيلفاين ويلتورد، يصمتون تمامًا، هذه بالتأكيد أسباب أدعى للاحتفال.
4- بطل «البريميير ليج» بلا هزيمة
في إنجاز غير مسبوق في تاريخ «البريميير ليج»، بشكله الجديد، حقق «البروفيسور» مع الفريق بقيادة ينز ليمان، وسول كامبل، وباتريك فييرا، وليونبرج، وروبرت بيريز، وتييري هنري، وبيرجكامب، بالحصول على الدوري دون هزيمة، حيث فاز في 26 مباراة وتعادل في 12.
ومن أجل إضافة أسباب أخرى للاحتفال، تُوّج أرسنال بتاج البطولة في «وايت هارت لين»، ملعب الغريم التاريخي وشريك شمال لندن توتنهام هوتسبير.
5- بداية السنين العجاف
احتاج أرسنال لركلات الجزاء الترجيحية ليحصل على لقب كأس الاتحاد عام 2005 أمام مانشستر يونايتد، في ويمبلي، لقب كان الأخير قبل صيام طويل عن البطولات.
6- مشوار بطولي ونهاية حزينة
لم يضع أرسنال يديه على الكأس الأوروبية ذات الأذنين أبدًا، ولكنه كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز بدوري الأبطال عام 2006.
تأهل أرسنال من مجموعته التي ضمت أياكس الهولندي، ثون السويسري، سبارتا براج التشيكي، متصدرًا لها برصيد 16 نقطة.
في دور الـ16، أزاح ريـال مدريد بهدف تاريخي للغزال «هنري»، في سانتياجو برنابيو، قبل أن يقسي يوفنتوس بهدفين في دور الثمانية، ويمر من فياريـال في نصف النهائي بهدف للإيفواري كولو توريه.
وصل المدفعجية لنهائي ملعب دي فرانس، في باريس دون أن تُمس شباكهم في المراحل الإقصائية، ليواجهوا كتيبة برشلونة بقيادة المدرب فرانك ريكارد والساحر البرازيلي رونالدينيو.
يتلقى ليمان بطاقة حمراء ويأخذ مكانه مانويل ألمونيا، الذي حل بديلًا لبيريز، وبعدها بقليل يحول كامبل عرضية هنري في شباك فالديز. شوط رائع لأبناء فينجر.
ومع الشوط الثاني، يهدر الغزال الفرنسي فرصة لا تعوض، قبل أن يعاقبه الكتالونيون بهدفين من بيليتي وإيتو ليفقد «البروفيسور» فرصة الحصول على الأميرة الأوروبية.
7- الهزيمة المدوية.. يونايتد 8 أرسنال 2
في 28 أغسطس 2011، سقط فينجر أمام غريمه السير أليكس فيرجسون بثمانية أهداف لهدفين على الملعب الذي شهد تتويجه بالدوري قبل 9 أعوام.
الهزيمة كانت أسوأ هزيمة للمدفعجية في 115 عامًا.
8- كارثة المباراة الألف
يتوجه أبناء فينجر للاحتفال بمباراة مدربهم الألف في قيادة الفريق وما من مناسبة أفضل من ديربي الضباب أمام تشيلسي في ستامفورد بريدج.
ولكن المباراة تحولت لكارثة في لمح البصر، هزيمة من تشيلسي بسداسية و90 دقيقة تمنى «البروفيسور» أن تُمحَى من تاريخه.
9- «رامسي» يفك الشفرة
يتأهل أرسنال لنهائي كأس الاتحاد بعد 9 سنوات من غياب البطولات، ليواجه هال سيتي في نهائي البطولة.
يخطف هال هدفين في الشوط الأول ليقترب من تحطيم حلم مشجعي المدفعجية بكسر صيام البطولات، لكن ثلاثية الإسباني سانتي كازورلا والفرنسي لورين كوسييلني، والويلزي أرون رامسي، أعطت مدفعجية شمال لندن اللقب المنتظر بعد وقت إضافي وانتظار دام 9 سنوات.