رغم إعلان الحكومة بدء إعداد المخطط العام لتنفيذ مشروع المثلث الذهبى، الأحد، فإن مافيا الأراضى الصحراوية استطاعوا أن يتعدوا على آلاف الأفدنة الصحراوية بمنطقة وادى قنا ضمن المشروع الذى تقدم به الدكتور فاروق الباز للمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، لاستصلاح نحو 750 ألف فدان تقع داخل نطاق أراضى مشروع المثلث الذهبى سفاجا - قنا - القصير.
ورصدت «المصرى اليوم» تزايد عمليات الاستيلاء والتعدى على الأراضى الصحراوية الواقعة على جانبى طريق سوهاج - سفاجا الجديد، على امتداد 200 كيلومتر، فى المنطقة التى تقع بوادى قنا وتتبع محافظات سوهاج وقنا والبحر الأحمر، وتضم مساحات كبيرة من الأراضى الصحراوية الصالحة للزراعة والمستوية وجيدة التربة وتتوافر بها المياه الجوفية على مسافات تتراوح ما بين 15 و50 مترا.
وقدرت مصادر بمديرية الزراعة بالبحر الأحمر حجم الأراضى التى تم الاستيلاء عليها من جانب الأهالى ورجال الأعمال ومافيا الأراضى الصحراوية بنحو 400 ألف فدان صالحة للزراعة بنسبة 90% من هذه الأراضى.
وأضافت المصادر أن سبب زيادة التعديات يعود للغياب الأمنى بالمنطقة التى يمر بها الطريق، وعدم وجود أى أكمنة أمنية أو دوريات بطول الطريق الذى يصل إلى نحو 300 كيلومتر، بالإضافة إلى عدم تبعية هذه الأراضى لأى جهة حكومية أو محافظة من المحافظات التى يمر بها الطريق، إلى جانب سهولة وصلاحية الأرض للزراعة وتوافر المياه الجوفية بكميات كبيرة، وقام عدد من البدو المقيمين بالمنطقة باستغلال غياب سيطرة الدولة على تلك الأراضى وغياب التواجد الأمنى ببيع الفدان الواحد بألف جنيه مقابل الحماية وعدم التعرض لهم، وسط تجاهل من محافظى المحافظات التابعة لها المنطقة فى حماية أراضى الدولة.
«المصرى اليوم» انتقلت إلى منطقة وادى قنا، ورصدت عمليات التعدى، حيث كانت البداية من نقطة الكيلو 100 على جانبى الطريق الأسفلتى داخل وادى قنا وعلى بعد نحو 150 كيلو من سفاجا و50 كيلومترا فقط من قنا، حيث انتشرت المبانى المقامة بالطوب الأبيض على مسافات متباعده تتراوح بين 500 و100 متر بمواجهة الطريق الرئيسى، ويقوم من يشترى الأرض من البدو بتحديد مدخل لكل مزرعة من الطريق الأسفلتى الرئيسى للوصول للأرض وإدخال المعدات.
أكد محمد عمر، من مدينة سفاجا، أن التعديات على الأراضى بجانبى الطريق حدثت عقب ثورة 25 يناير والغياب الأمنى، حيث تم إنشاء طرق فرعية تربطها بالطريق الرئيسى المرصوف لربط هذه المزارع بالطريق الرئيسى للتمكن من إدخال معدات حفر الآبار والزراعة والاستصلاح.
وأضاف أنه تم رصد العشرات من معدات حفر الآبار لاستخراج المياه الجوفية، وبدأت بالفعل الزراعات تنمو وتظهر وتحولت مساحات كبيرة من الأراضى الصحراوية إلى أراض مزروعة بمختلف المحاصيل، خاصة القمح والأشجار، ولا يتطلب الأمر إلا إلقاء البذور وتوفير المياه حتى تتحول هذه الأراضى الصحراوية لمزارع خضراء.
من جانبه، ادعى محمود أبوبكر، من محافظة سوهاج، ومن الذين بدأوا فى إقامة مزرعة على مساحة 30 فدانا، أنه تقدم بطلب لوزارتى الزراعة والاستثمار لشراء مساحة من الأراضى الصحراوية على جانبى الطريق عقب تشغيله منذ 3 سنوات لإقامة مزرعة ومحطة تربية وتثمين للحيوانات وذلك العام الماضى، إلا أنه لم يتلق ردا على طلبه ومعه العشرات من رجال الأعمال والأهالى من محافظتى قنا وسوهاج.
وأضاف أنه اكتشف هو وعشرات الأهالى أن البدو المقيمين بالمنطقة يعرضون الفدان مقابل ألف جنيه، لحماية هذه المزارع، وأن هذا هو أسهل طريق للحصول على الأرض المطلوبة.
وأوضح «أبوبكر» أنه قام بدفع 30 ألف جنيه للبدو مقابل الحصول على 30 فدانا، ثم استولى على مساحات أخرى مجاورة عن طريق إقامة السواتر الترابية كعلامات حدودية بين كل تقسيم ومزرعة، وتم حفر بئر لاستخراج المياه بتكاليف تتراوح بين 150 و300 ألف جنيه، حسب قرب أو بُعد منسوب المياه الجوفية.. وبعد شهر، تم استخراج المياه بكميات كبيرة، ثم بدأ فى عملية الزراعة.
وأشار إلى أن عدد من قاموا بالاستيلاء على مساحات من الأراضى زاد بعد التأكد من صلاحية الأرض وتوافر المياه وعدم تعرض الأجهزة الأمنية للمتعدين.
وطالب السيد ثابت، من محافظة قنا، صاحب إحدى المزارع، بتدخل الحكومة لتقنين وضع العشرات ممن قاموا باستصلاح هذه الأراضى وتمليكها لهم وفتح باب التخصيص لمزارع جديدة لصغار وكبار المزارعين والمستثمرين.
من جانبه، أكد اللواء على شوكت، رئيس مدينة سفاجا، أن الأراضى التى تقع على جانبى طريق سفاجا - سوهاج الجديد تابعة لشركة «الصعيد للاستثمار» التابعة لوزارة الاستثمار، التى أنشات الطريق، وأنها صاحبة الحق فى طرح وتخصيص الأراضى والمشروعات، وأن الأرض الموجودة على جانبى الطريق ليست تابعة لمدينة سفاجا.
وطالب رأفت النجار، عضو مجلس محلى سفاجا السابق، وزارة الزراعة بضم المنطقة لخطة استصلاح 4 ملايين فدان بالمناطق الصحراوية التى أعلن عنها الرئيس السيسى، وتقسيم هذه المساحة على شباب محافظات سوهاج وقنا والبحر الأحمر، وإقامة مجتمع عمرانى زراعى جديد.
واتهم «النجار» أجهزة الدولة بإهدار هذه المساحة من الأراضى بعدم السيطرة عليها والسماح لمافيا الاستيلاء على الأراضى الصحراوية من رجال الأعمال للحصول على آلاف الأفدنة بطرق غير مشروعة وإعادة بيعها بالملايين مرة أخرى.
وأكدت مصادر بهيئة الطرق والكبارى بالبحر الأحمر أن وزارة النقل تسعى لإصدار قرار جمهورى بنقل تبعية الطريق لها، لتزويده بالخدمات والإشراف عليه، بالإضافة إلى أن مسؤولية إزالة التعديات ووقف الاستيلاء على الأراضى مسؤولية تائهة بين مديريات الأمن بمحافظات سوهاج وقنا والبحر الأحمر، ما ساهم فى عدم تحرير أى مخالفات أو إزالة التعديات.