لم يكن هناك رئيس مختلف عليه من قبل المؤرخين والمحللين السياسيين مثل الراحل محمد أنور السادات، فمنهم من يراه بطلا وصاحب مبادرة استرداد الكرامة في حرب أكتوبر وكاسر غرور وغطرسة الآلة العسكرية الإسرائيلية بعقلية يمكن وصف صاحبها بأنه «داهية»، ومنهم من يراه متصالحا مع العدو بمبادرة فردية وأن ما حدث من انفتاح في عهده كان بذرة لضرب القيم الاجتماعية والطبقة البرجوازية وأنه انحرف عن المسار الناصري.
ومهما يكن من أمر فإن الكلمة الأخيرة تكون للتاريخ، ونحن هنا نوجز سيرة الرجل في محطاته الأساسية والمحورية والناس أحرار فيما يحكمون به خيرًا كان أم شرًا، غير أن أحدًا لا يستطيع التشكيك في وطنيته لكن يظل السادات أيقونة درامية في المشهد السياسي بأدائه وشعاراته الفريدة ومنها كبير العائلة وأخلاق القرية، فضلًا عن طريقة لبسه وكلامه ويشهد علي ذلك مشاركته في مفتتح شبابه في الحركة الوطنية ثم ثورة يوليو.
ولد السادات في 25 ديسمبر سنة 1918 بقرية ميت أبوالكوم بمحافظة المنوفية، وتلقى تعليمه الأول في كتاب القرية على يد الشيخ عبدالحميد عيسى، وانتقل إلي مدرسة الأقباط الابتدائية بطوخ دلكا، وحصل على الشهادة الابتدائية وفي 1935 التحق بالمدرسة الحربية لاستكمال دراساته العليا وفي 1938 تخرج من الكلية الحربية، وتم تعيينه في مدينة منقباد جنوب مصر.
وفي 1941 دخل السجن لأول مرة أثناء خدمته العسكرية إثر لقاءاته المتكررة بعزيز باشا المصري الذي طلب من السادات مساعدته للهروب إلى العراق،بعدها طلبت منه المخابرات العسكرية قطع صلته بعزيز المصري، غير أن السادات لم يعبأ بهذا الإنذار فدخل على إثر ذلك سجن الأجانب في فبراير 1942 وخرج فى وقت كانت فيه عمليات الحرب العالمية الثانية على أشدها.
وعلى أمل إخراج الإنجليز من مصر كثف السادات اتصالاته ببعض الضباط الألمان الذين نزلوا مصر خفية، فاكتشف الإنجليز هذه الصلة بين السادات والألمان فدخل المعتقل مجددا في 1943، وهرب من المعتقل مع صديقه حسن عزت وعمل أثناء فترة هروبه من السجن عتالًا على سيارة نقل تحت اسم مستعار هو «الحاج محمد».
في أواخر 1944، انتقل الى بلدة ابو كبير بالشرقية ليعمل فاعلاً فى مشروع ترعة ري، وفي 1945 ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية سقطت الأحكام العرفية وعاد إلى بيته بعد ثلاث سنوات، والتقى بعناصر من الجمعية السرية التي قررت اغتيال أمين عثمان، وزير المالية، في حكومة الوفد، ورئيس جمعية الصداقة المصرية البريطانية لتعاطفه الشديد مع الإنجليز، وعلى إثر اغتيال عثمان اعتقل للمرة الثالثة وبعدم ثبوت الأدلة أفرج عنه وعمل مراجعا صحفيا بمجلة المصور حتى ديسمبر 1948 ثم سلك طريقه في الأعمال الحرة مع صديقه حسن عزت، وبعدها عاد لعمله بالجيش بمساعدة زميله القديم، الدكتور يوسف رشاد، الطبيب الخاص بالملك فاروق.
وعام 1951، تشكلت الهيئة التأسيسية للتنظيم السري في الجيش والذي عرف فيما بعد بتنظيم الضباط الأحرار فانضم إليها، وتطورت الأحداث في مصر بسرعة فائقة بين عامي 1951 و1952 كان من أبرزها وأفدحها مذبحة الإسماعيلية ثم حريق القاهرة وانتخابات نادي الضباط، وفى 21 يوليو أرسل جمال عبدالناصر إلى أنور السادات في مقر وحدته بالعريش يطلب إليه الحضور إلى القاهرة للمساهمة فى ثورة الجيش على الملك والإنجليز.
وقامت الثورة و أذاع أنور السادات بصوته بيان الثورة، وبعدها أسند إليه مهمة حمل وثيقة التنازل عن العرش إلى الملك فاروق وفي 1953 أنشأ مجلس قيادة الثورة جريدة الجمهورية وتولى رئاسة تحريرها وفي 1954.
ومع أول تشكيل وزارى لحكومة الثورة تولي منصب وزير دولة في سبتمر 1954، وفي 1957 انتخب عضوا بمجلس الأمة عن دائرة تلا ولمدة ثلاث دورات، وفي 1960 انتخب رئيسا لمجلس الأمة لفترتين حتى 1968، وكان في 1961 قد عين رئيسًا لمجلس التضامن الأفرو أسيوى.
وفي 1969 اختاره عبدالناصر نائبا له حتى يوم 28 سبتمبر 1970، حيث توفي ناصر وصار السادات رئيسًا لمصر لمدة 11 عامًا، وخلالها اتخذ السادات عدة قرارات تاريخية خطيرة هزت العالم.
وبدأ رحلته، عا 1971، حيث اتخذ قرارًا حاسمًا، حيث تخلص من خصومه بمن أسماهم مراكز القوى في مصر فيما عرف بثورة التصحيح في 15 مايو 1971، وبعدها أصدر دستوراً جديداً لمصر واستغنى عن 17000 خبير روسى في أسبوع واحد لإعادة الثقة بالنفس لجيش مصر.
وفي 1973 كانت مباغتته لإسرائيل بحرب 6 أكتوبر 1973 ثم كان قراره بالانفتاح الاقتصادي كرؤية للانفتاح علي العالم، وفي 1976كان قراره بعودة الحياة الحزبية في شكل منابر أولا وظهر أول حزب سياسي وهو الحزب الوطنى الديمقراطي كأول مولود حزبى ثم تولى من بعده ظهور أحزاب أخرى كالوفد الجديد والتجمع الوحدوى التقدمى والناصري، لكن مصر ظلت رغم ذلك دولة الحزب الواحد المسيطر والحاكم، وفي 1977كان قراره بزيارة القدس توطئة لعقد معاهدة سلام مع إسرائيل.
وخرج السادات في رحلة أمريكا ووقع اتفاقية كامب ديفيد، وفى يوم الاحتفال بذكرى النصر يوم السادس من أكتوبر 1981 اغتيل السادات على يد منتمين للجماعة الإسلامية.