لماذا يكره الرئيس التركى رجب طيب أردوجان مصر؟
لأن ثورة ٣٠ يونيو حطَّمت أحلامه، وهزمت مشروعاته، وقضت على طموحاته الإمبراطورية.
بدأت التجربة الأردوجانية، حيث يضع أردوجان رأسه فى الغرب، بـ«السياسة الكمالية» العلمانية، بينما قدمه فى الشرق بـ«العثمانية الجديدة». العثمانية تعنى بالنسبة لليمين الدينى عندنا عودة «دولة الخلافة»، وبالنسبة للأتراك تعنى عودة الإمبراطورية العثمانية العظمى.. هكذا اعتمد أردوجان على سياسة متعددة الأقنعة ومتنوعة المصالح.. يعادى إسرائيل بينما يرتفع التبادل التجارى فى عام قطع العلاقات الدبلوماسية إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه. يدافع عن الإسلام وتكون قواته فى صدارة المشهد عندما يتحرك الناتو ناحية أى بلد إسلامى «ليبيا وأفغانستان»، وقبلهما كانت الطائرات الأمريكية تنطلق من تركيا لتدك العراق فى عام ٢٠٠٣. أردوجان كان صديقاً صدوقاً لبشار الأسد، حتى إنه ألغى التأشيرات بين البلدين عام ٢٠٠٩، ومنحته جامعة حلب الدكتوراه الفخرية لـ «مواقفه البطولية»، حسب وصف الجامعة، ثم تآمر عليها.. موَّل ودعم داعش والنصرة والآن يشارك فى الحرب عليهما.
فشل تركيا فى الحصول على «عضوية أوروبا» جعلها تفتش فى دفاترها القديمة- وفقاً لفكر أحمد داوود أوغلو، رئيس وزراء أردوجان ومفكره- والعودة إلى «العثمانية القديمة» مع ترك الباب موارباً مع أوروبا. نجحت الأردوجانية اقتصادياً بعد التحول إلى اقتصاد السوق وتهيئة المناخ للاستثمار، خصوصاً للعرب الذين هجروا بلداً مثل مصر لسوء مناخه الاستثمارى والسياسى.. سياسة «السمسار» جعلت تركيا تنجح اقتصادياً من حيث بيع منتجاتها للعرب، وتسويق نفسها باعتبارها راعية الإسلام. جاء النجاح التركى على أنقاض تراجع الدور المصرى، لذلك نجده داعماً لكل خلاف بين أى دولتين عربيتين.
حين وصل حزب الحرية والعدالة لحكم تركيا كان همه الأول إبعاد الجيش والمحكمة الدستورية عن المشهد السياسى بشكل كامل، لكنه لم يهتم بأى شىء له علاقة بالإسلام. أردوجان من هذه الناحية تعامل معنا ومع شعبه أيضاً، مثلما تعاملت السينما الهندية حين كانت تجعل أحد أبطالها ينطق بالشهادتين فتضج القاعات العربية بالتصفيق، كأن الإسلام انتصر على أعدائه، والحقيقة أن السينما الهندية اخترقت العقول العربية لسنوات، تماماً كالدراما التركية.. بالضحك على العقول المسطحة، فأردوجان الذى يحرص على مظهر «الرجل المحافظ» نشطت فى عهده «تجارة الدعارة»، واعتبرت تركيا واحدة من المحطات الرئيسية للدعارة فى العالم. أيضاً تعد تركيا من أكثر بلدان العالم قمعاً للصحفيين، حيث يتم سجنهم لمدد طويلة قبل تقديمهم للمحاكمة، أردوجان جعل العالم العربى شريكاً صورياً وسوقاً للمنتجات التركية التى راجت فى كل بلاد العرب، بحجاب زوجته، وفى الوقت نفسه غازل أوروبا بعلمانية تركيا. التى تعد من أسوأ دول العالم فى ملف حقوق الإنسان تعذيباً واعتقالاً وتمييزاً بين الأعراق المختلفة، ويكفى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أدانت تركيا فيما يقرب من ألفى حكم عن انتهاكات لحقوق الإنسان خلال السنوات العشر الأخيرة، فمن أين تستمد قوتها؟ قوة تركيا تأتى من كون حكومتها «كلب أوروبا وأمريكا» لحراسة البوابة الروسية. أى أن الموقع الجغرافى و«الدجل الأردوجانى» تماهيا مع مصالح أوروبا وأمريكا ضد «روسيا» والعرب. تركيا بالنسبة للأمريكان قاعدة عسكرية استراتيجية وصمام أمان فى مواجهة روسيا بسبب تحكمها فى المضايق البحرية. الموقع الجغرافى جعل تركيا عضواً فى حلف شمال الأطلسى، الموقع أيضاً جعل تركيا تحصل على صفة «دولة مرشحة للاتحاد الأوروبى» منذ عام ١٩٩٩، لكن ملف حقوق الإنسان كان ومازال حائلاً.
كل نجاح لمصر يثير غضب أردوجان حتى أنه لم يتمالك أعصابه حين رأى العالم يحتفى بالسيسى.
أردوجان يقطر حقداً وكرهاً لمصر، جيشاً وشعباً وأزهراً ودوراً، فحين تكون مصر فى صدارة العالم العربى والإسلامى ماذا سيتبقى لتركيا وأردوجان؟!