x

يسري الفخراني صحافة وصحيفة وصحفيو البانجو! يسري الفخراني الثلاثاء 23-09-2014 21:39


يمرر رؤساء تحرير صحف ومواقع إخبارية للنشر أخباراً أقل ما توصف به أنها سخيفة، مثلا: شبيه السادات يزور موقع انفجار وسط المدينة أو حفر قناة السويس، فتوى الشيخ فلان بتحريم الموز وبطوط وميكى، بقرة تتكلم وتشفى من يشرب حليبها، ناشط يكتب على صفحته يسب قيادة سياسية، ممثلة تفكر فى الزواج، لاعب كرة يسهر فى ملهى ليلى..

كم خبراً ينشر يومياً من هذا الصنف، إنها من أصناف صحافة البانجو، حيث يسعى الصحفى والصحيفة ورئيس الصحيفة إلى تغييب العقول واستهلاك يوم من عمرنا فى مثل هذه التفاهات. وأسال ـ بينى وبين نفسى ـ ما هو شعور الصحفى وهو يجلس منفرداً بنفسه ليكتب خبراً من هذه النوعية التى تشير إلى أنه صحفى تافه؟ ما شعور رئيسه حين يأتى له الخبر فيتأمله وهو ينفخ دخان سيجارته على أنه انفراد يستحق مساحة مهمة من الصفحة الأولى!

الصحفى الموهوب الماهر لا يرضى بأقل من البحث عن أخبار تهم القارئ، أخبار محترمة تشبه أمانيه أن يكون صحفيا محترفا محترما. يسعى لانفرادات حقيقية، وكشف فساد مسكوت عنه، واقتناص جزء من الصفحة الأولى فى قصة خبر تستحق القراءة.

أتابع وألاحظ أننا نسير إلى هاوية سريعة، سقوط مرعب فى صناعة الصحافة لا نحسد عليه، هوجة من النشر تعتنى بالتافه وتنتظر الهايف وتحتفى بكل ماهو ساذج سطحى.

هكذا نفتح باباً لن يغلق على صحافة التوليف والتأليف، وتعليم الصحفى أنه كلما كان خبره مجرد حلم يقظة.. كان أفضل.

حتى الأخبار المهمة، أصبح تناولها عشوائياً، على الماشى، بدون دقة فى المعلومات وبدون مناقشة المصدر، وربما ـ أصلاً ـ إهمال متابعتها، مثلا: قصة بداية علاج أكثر من 7 ملايين مصرى مصاب بفيروس سى، بدواء جديد، كل ما نقله الصحفى إلى صحيفته مجرد تصريحات صحفية، من قرر أن يحقق فى التجربة التى تمنح أملاً لـ 7 ملايين عائلة؟ من بحث وصاغ وفهم وتعب وكتب، لا أحد، لكنهم أجهدوا أنفسهم فى نقل فتاوى برهامى وشركاه.

إذا لم تكن هذه قصة الأسبوع.. ماذا تكون؟

إذا لم يكن استشهاد ضابطين أحدهما شاهد فى قضية تخابر، قصة الأسبوع، بكل ما فيها من تفاصيل وإنسانية، ويتم تناولها كأنها مجرد «اقرأ الحادثة»، نحن أمام كارثة فى فن صناعة الصحافة والصحيفة.

لم أجد فى أى صحيفة سلسلة تحقيقات استقصاء وتحليل لمشروع قناة السويس حتى الآن، من لم يفهم نقل لمن لا يعرف، والنتيجة تضارب بين الناس فى معرفة الحقيقة. لماذا لم ترسل صحيفة فريق عمل ـ كنا نفعل هذا فى وقت سابق ـ إلى قناة السويس ليعيش مع صناع العمل، نراهم عن قرب، نستمع إلى رؤاهم، نعرف مشاكلهم، الشتاء على الأبواب فهل تم الاستعداد له لحياة وظروف عمل مستقرة؟

نسير للخلف بسرعة..

فهل أطلب من زملاء، رؤساء تحرير وصحفيين، أن ينتبهوا أن دورنا جميعاً فى منتهى الخطورة، ودور بناء لحياة أفضل فى وطن يمر بظروف صعبة للغاية، خاصة أن الصحف والصحفيين والصحافة هى نفسها المادة الخام لصناعة برامج التليفزيون المسائية.

إذا كان لدى نقيب الصحفيين وقت.. أرجو أن يقرأ المقال. وأن يدعو لمؤتمر إنقاذ المهنة التى تندثر.. لصالح من يبيع للقارئ على النواصى وفى الطرقات فيشار وغزل البنات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية