x

طارق عباس خطيئة المصالحة فى مخالفات البناء طارق عباس الجمعة 19-09-2014 21:13


لا يكاد يمر يوم حتى نقرأ أو نسمع أو نشاهد انهيار أحد العقارات بهذه المنطقة أو تلك فوق رأس من كانوا بداخله وسقوط عدد من القتلى والمصابين فى مشهد قديم جديد لم يفجر فى ضمائر مسؤولينا رغبة صادقة فى إيجاد حل لهذه المهزلة ولم يشعرهم بأن الحفاظ على الأرواح فريضة على كل من قبل على نفسه تحمل المسؤولية فى هذا البلد.

فى صباح يوم الأحد الماضى استيقظ الناس على انهيار مصنع بمنطقة العبور بسبب جشع صاحبه وإصراره على زيادة طابق جديد دون أن يكون المبنى جاهزاً من الناحية الفنية لمثل هذه الزيادة،، الأمر الذى أدى لانهيار المصنع وسقوط 4 قتلى تحت أنقاضه وإصابة 27 آخرين، حادثة مروعة طبعاً، ورغم مأساويتها تحمل بصمات حوادث قبلها مماثلة لها وخلفت وراءها عشرات القتلى والجرحى، ومع ذلك بقيت حكومات ما بعد الثورة عاجزة لا تفعل شيئاً، بداية من حكومة شفيق وانتهاء بحكومة محلب.

وفى كل ميدان وفى كل شارع أو حارة أو زقاق على النيل مباشرة أو فى عمق الأراضى الزراعية، تتواصل عمليات البناء فى وضح النهار وعلى عينك يا تاجر حتى بلغ حجم العقارات المخالفة فى محافظة الإسكندرية وحدها حوالى 14321 عقاراً، وبدلاً من البحث عن آليات لوضع حد لتلك المخالفات الخطيرة لتجنب ما قد يترتب عليها من كوارث، يفاجئنا مجلس الوزراء الحالى برئاسة محلب بهدية ثمينة للمتجاوزين ومنتهكى القانون وتجار الموت وجاءت الهدية فى صورة قرار تصالح مع أصحاب المبانى المخالفة يسرى مدة 6 أشهر فقط، يتم خلالها استقبال الجهات المعنية لطلبات المخالفين من أجل تقنين أوضاعهم سواء فى المدن الجديدة أو المحافظات، وطبقاً لمشروع القرار سوف يتم البت فى المخالفة بواسطة لجنة فنية برئاسة مهندس استشارى وعضوية 2 من المهندسين المتخصصين من غير العاملين بالجهة الإدارية، بحيث تصدر اللجنة القرار بالتصالح على المخالفات إذا ثبتت السلامة الإنشائية للمبنى وتحدد المادة الثانية لقرار التصالح فى المخالفات مقابل أداء مبلغ يقدر بمثلى قيمة الأعمال المخالفة ثم توزيع حصيلة هذه المبالغ كالآتى: 55% لحساب تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادى و20% لوزارة التطوير الحضارى والعشوائيات و20% للموازنة العامة للدولة و5% للوحدات المحلية يصرف منها على نفقات وأبحاث ومعاينة ومكافأة اللجنة المختصة.

القرار فى ظاهره وفى باطنه كل أمارات الفساد وعلى كل لون ولأسباب كثيرة منها:

أولاً، توقيت القرار جاء صادماً فى ظل توالى انهيارات العقارات وسقوط الضحايا وكأن من فقدوا حياتهم ليسوا منا ولسنا منهم، وكأن الدولة قررت فتح المصالحة لمكافأة الخارجين على القانون والتصالح مع من أهدروا حق الدولة والمجتمع.

ثانياً، لا توجد معايير واضحة لاختيار لجان فحص المبانى والتأكد من أن المخالفات لا تشكل خطورة على سلامة تلك المبانى، مما سيجعل الباب مفتوحاً أمام من عليهم العين والنية، وبالتالى ستكون الرشوة سبيلاً أساسية فى التقييم.

ثالثاً، إذا كان المقصود من قرار التصالح هذا دعم مشروعات الإسكان الاجتماعى وتطوير العشوائيات والمحليات ودعم الموازنة العامة للدولة، فكان الأولى مصادرة عقارات المخالفين فوراً واعتبارها ملكاً لوزارة الإسكان تعيد طرح المتميز منها للمستثمرين وتعرض الباقى على الشباب مقابل حق الانتفاع على أن توظف عائدات البيع والانتفاع فى الأغراض المشار إليها.

رابعاً، هناك عقارات بنيت منذ عشرات السنوات وأخرى بنيت بعد ثورة يناير، هناك عقارات مخالفة دخلتها المرافق بقرار من حكومة عصام شرف وهناك عقارات مخالفة أيضاً منعت عنها المرافق على يد هشام قنديل، فأى من هذه العقارات يمكن التصالح بشأنها؟.

خامساً لا توجد دولة محترمة تقبل بتقنين التجاوزات وتشريع الأخطاء مهما كان السبب، لا توجد دولة محترمة تتصالح مع من يتعدى على الأراضى الزراعية ويبورها ويحولها من مصدر خير للناس إلى صحراء جرداء لا يستفيد منها إلا عشاق الخراب، لا توجد دولة محترمة تتصالح مع من يبنى طوابق بدون ترخيص فوق عقارات انتهى عمرها الزمنى، كل من أخطأ ينبغى أن يحاسب ومن خالف القانون يجب محاسبته بالقانون ومصر الجديدة لا تبنيها عقول قديمة تربت على فساد نظام مبارك وعاشت بالحنجلة واللعب بالبيضة والحجر فلا بد من سيادة القانون إن كنا نريدها دولة قابلة للنمو والتطور، لا بد من مسؤولين عندهم ضمائر لا يقبلون زيادة موارد الدولة على أنقاض عشوائيات تم الترخيص لها لتكون قنبلة تنفجر فى وجه هذا المجتمع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية