رفض تنظيم «القاعدة» ما ورد في تقييم أمريكي، يفيد بأنه في طريقها للزوال ووصف التنظيم ذلك التقييم بأنه «أكذوبة» إلا إن رسالة الكترونية تتسم بالتحدي نشرتها الجماعة، الأحد لم تشر إلى تنظيم «داعش»التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها تنافسها في قيادة العمليات الجهادية في العالم.
وقال حسام عبد الرؤوف وهو مصري من قادة تنظيم القاعدة «أيا كانت الزلات والأخطاء التي قد تكون الأفرع الإقليمية، قد اقترفتها إلا أنها محدودة العدد وسط جبال من الأعمال والنجاحات المشهودة».
وقال عبد الرؤوف الذي عمل تحت إمرة زعيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، إن الجماعة تتوسع في شتى أرجاء العالم.
وتواجه القاعدة تحديا من تنظيم «داعش» بشأن زعامتها لنضال المتشددين الإسلاميين ضد الغرب وربما تكون تسعى لتحسين صورتها فيما تتأهب منافستها «داعش» لمعركة دفاعا عن أراض استولت عليها في العراق وسوريا.
وكانت الولايات المتحدة ودول عربية قد تعهدت الأسبوع الماضي بمحاربة تنظيم «داعش» فيما ظلت مقاتلات أمريكية تقصف مواقع الجماعة بالعراق مدة تجاوزت الشهر.
ولم تعترف «القاعدة» بإعلان «داعش» الخلافة على الأراضي التي استولت عليها فيما بثت «القاعدة» سلسلة من مقاطع الفيديو خلال الأسابيع الأخيرة توضح أنشطتها، إلا أنها أحجمت عن انتقاد ««داعش».
وقال التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب، الذي نشر في أبريل الماضي «نتيجة للجهود العالمية المتواصلة ضد التنظيم والانتكاسات التي مني بها قادته فقد تقلصت القيادة الرئيسية للقاعدة وتآكلت قدرتها على شن الهجمات وتوجيه أتباعها».
وقتلت الولايات المتحدة عددا من قادة القاعدة منهم بن لادن في معقل الجماعة على الحدود الأفغانية الباكستانية حيث يعيش زعماء التنظيم تحت حماية متشددين محليين يدينون بالولاء للجماعة.
إلا أن عدة أفرع منبثقة عن القاعدة ومنتشرة في العالم استولت على أراض وخاضت مناوشات مع حكومات يدعمها الغرب في الصومال والجزائر واليمن وهاجمت جنودا وقصفت منشآت حكومية كما قتلت مدنيين أيضا.
وقال عبد الرؤوف «كيف يمكن أن تكون القاعدة قد تلاشت بدرجة كبيرة، وفقدت الكثير من كبار قادتها في الوقت الذي تتوسع فيه أفقيا وتفتح جبهات جديدة تعتمد عليها؟»، إلا أنه قال إن مثل هذه الجماعات تقترف الأخطاء.
وانفصلت «القاعدة» عن «داعش» عام 2013 بسبب توسع الأخيرة في سوريا حيث نفذ متشددو الجماعة عمليات إعدام بقطع الرأس والصلب والقتل الجماعي.
وكلف زعيم «القاعدة»، أيمن الظواهري، «جبهة النصرة» بأن تكون فرع التنظيم الأم في سوريا.
وانشقت جماعة متشددة تطلق على نفسها اسم «جند الخلافة في الجزائر» عن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وبايعت «داعش» التي تقاتل في العراق وسوريا.
ويسلط انشقاق قادة جزائريين أساسيين من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الضوء على تزايد المنافسة بين قيادة «القاعدة» و«داعش» على زعامة حركة التطرف الإسلامي العابرة للحدود.
وأعلن أمير منطقة الوسط في تنظيم القاعدة خالد أبو سليمان، واسمه الحقيقي قوري عبد المالك، في بيان نشرته مواقع جهادية قيادته للفصيل الإسلامي الجديد وانضم إليه قائد منطقة في شرق الجزائر يتخذها جناح «القاعدة» في شمال أفريقيا مقرا له.
وقال أبو سليمان مخاطبا زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي «إن لكم في مغرب الإسلام رجالا لو أمرتهم لأتمروا ولو ناديتهم للبّوا ولو طلبتهم لخفّوا» مشيرا إلى أن تنظيم (القاعدة) الأم وفرعها في المغرب «حادا عن جادة الصواب».
وانشق البغدادي، الذي أعلن نفسه خليفة المسلمين، عن تنظيم «القاعدة» في 2013 بسبب توسعه إلى سوريا حيث قام أتباعه بأعمال ذبح وصلب وعمليات إعدام جماعية.
ويعد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أحد الفصائل الإسلامية المتشددة في شمال أفريقيا والذي كان مصدرا لتجنيد آلاف الشبان الذين سافروا من ليبيا وتونس والمغرب إلى سوريا والعراق.
والجزائر التي ما زالت تتعافى من صراع استمر نحو عشر سنوات مع المتشددين الإسلاميين راح ضحيته أكثر من 200 ألف شخص هي حليف قوي للولايات المتحدة في قتالها ضد التطرف في المنطقة.
غير أن الخبراء يقولون إن هذا الإعلان لن يكون له على الأرجح أثر ميداني كبير في ظل تركيز تنظيم القاعدة على منطقة الساحل لا على الجزائر نفسها. وأصبحت الهجمات الإرهابية في الجزائر أكثر ندرة رغم قدرة الإرهابيين المتمركزين فيها على ذلك.
وقال المحلل الأمني المحلي أنيس رحماني «سيبذل الفصيل الجديد قصارى جهده لإثارة بعض الصخب لكن سيكون من الصعب عليه تنفيذ أعمال إرهابية كبيرة إذ أن قوات الأمن الجزائرية وجهت ضربات قاضية لمعظم المجموعات المسلحة المتشددة في الجزائر».
لكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون هذا الفصيل نقطة جذب للمجندين الإسلاميين الجدد في المغرب الذين يسعون للقتال في سوريا والعراق حيث تسيطر قوات البغدادي على أراض واسعة.
والفصيل الذي أطلق على نفسه إسم «جند الخلافة في أرض الجزائر» هو الثاني الذي ينشق عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بعد انشقاق جماعة «الموقعون بالدم» بزعامة مختار بلمختار التي يقول مراقبون إنها تتمركز حاليا على الأرجح في جنوب ليبيا.
وبلمختار هو جهادي جزائري مخضرم وأحد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وقد اتهم بقيادة الهجوم على منشأة إن أميناس للغاز في أوائل 2013 والذي قتل فيه 40 من العاملين في قطاع النفط معظمهم من الأجانب بعد حصار دام أربعة أيام.