«صورة لطابع بريد» تحولت بين ليلة وضحاها لقضية تثير اهتمام الآلاف على الفيس بوك، صورة تضم ثلاثة طوابع أصدرتها هيئة البريد كما قيل، كتذكار بمناسبة البدء في مشروع محور قناة السويس الجديد، الموضوع أثاره الفنان التشكيلى هانى المصرى على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى، الطوابع الثلاثة قيمة كل منها 2جنيه وهى معروضة على موقع E-Bay على الإنترنت، أحدها وهو الأهم وبطل القصة يظهر صورة لقناة ملاحية تعبرها سفينة وضفتيها، المفاجأة أن القناة التي تظهر في الطابع المصرى ليست قناة السويس ولا رسما تخيليا لما ستكون عليه القناة بعد التوسعة، ولكنها صورة طبق الأصل لقناة بنما موجودة ومنتشرة على جوحل.
بمجرد نشر صورة الطوابع وبوست هانى المصرى والذى يقول فيه: هيئة البريد المصرية.. نزلت طابع عن مشروع قناة السويس الجديدة..! لغاية كده.. وكله تمام..! المصيبة بقي.. ان عشان ما يصرفوش على التصميم... حطوا صورة فوتوغرافية.. من على النت .. لقناة «بنما»..! رئيس هيئة البريد المصرية يحمد ربنا انه مش في اليابان... هنا.. على الأقل.. ممكن يستقيل.. بس ! هناك ..كان لازم ينتحر بالهاراكيري..! انهالت التعليقات وتمت مشاركة البوست والصورة على مئات الصفحات على الفيس بوك، ولعل عمل الفنان هانى المصرى في مجال الرسوم المتحركة والرسم اعطى لحديثه المزيد من مصداقية، فهو فنان محترف عمل لسنوات في مجال الرسوم المتحركة مع أشهر الشركات الامريكية في هذا المجال، ويعرف جيدا أهمية التفاصيل في أي رسمة خاصة اذا كانت طابع بريد له قيمة فنية ومادية في آن واحد، أنقل ما كتبه على صفحته دون تعديل: عشان بس نفهم تبعات موضوع الطابع «الفضيحة» ده .. لما طابع بيتصمم.. المصمم مفروض انه بيعمل اسكتشات.. ودي بتمر على مراكز كتيرة.. قبل الموافقة النهائية على بداية التصميم. وبعدين التصميم النهائي بيمر تاني على كل المشرفين دول قبل ما يسمح بطباعته. و بعدين.. الطابع مفروض انه ياخد موافقة من المسؤولين عن المشروع الجديد.. بما فيهم المهندسين المسؤولين لأن الصورة لازم تبقي مطابقة لمواصفات المشروع حيث انه لسه ما اتنفذش وانها صورة افتراضية لما سوف يكون ...! وبعدين تصميمات الطابع نفسه بتمر على كل مسؤولين الطباعة.. في مطبعة هيئة البريد.. وبعدين بعد الطباعة.. الطوابع نفسها بتمر على مسؤولين يتطمنوا ان الطابع ما فيهوش اخطاء.. لأن الطابع اللي فيه خطأ.. لازم يعدم قبل ما يتباع رسميا في مكاتب البريد..! يعني ..التصميم المبدئي.. والتصميم النهائي.. وفروخ الطوابع .. بيمروا على ما لا يقل عن ٢٠ إلى ٥٠ شخص.. كل واحد فيهم بيمضي ويترخ.. انه شاف الطابع.. واتطمن انه سليم! يعني.. كل اللي شافوا المراحل المختلفة دول.. ما اخدوش بالهم من الهويس اللي ورا المراكب في الطابع.. وان ده من مواصفات قناة بنما لأنها بتعدي مجموعة جبال.. اما قناة السويس فهي مسطحة تماما وكلها في نفس المنسوب .. وما حدش منهم شك.. ولو للحظة.. ان فيه مشكلة في الطابع وان الصورة مش من عندنا.. وماحدش كان عنده الشجاعة الأدبية.. والمسؤولية الحرفية انه يرفع راية انذار..! يعني كل اللي مر عليهم الطابع قبل الموافقة النهائية عليه.. جهلة.. تماما... يا إما.. جبناء.. وما عندهمش شعرة إحساس بالمسؤولية! انتهى بوست هانى المصرى. وتنوعت تعليقات الأصدقاء، الغالبية سخرت من جهل الهيئة والبعض الآخر قالوا إنهم لم يجدوا الطابع في مكاتب البريد المجاورة لهم، واتهموا جهات أجنبية (ولم يستبعدوا الإخوان) بأنها وراء هذا الموضوع للإضرار بصورة مصر وسمعتها وأن الصورة التي تضم الطوابع الثلاثة مزيفة ومفبركة فوتوشوب. أكثر من جريدة وموقع إلكترونى تحدث عن موضوع الطابع نقلا عن صفحة هانى المصرى، ولكن للأسف لم أجد ردا من مسؤول ينفى أو يؤكد الخبر، وتابع هانى المصرى الموضوع ونشر مؤخرا على صفحته صورة للطابع الذي أصبح بين يديه، وبهذا حسم الأمر وكان عنده حق عندما كتب: بدون تعليق..! واللي عنده كلمة يلمها...! الطابع إذن طرح وربما بعد اكتشاف الخطأ الجسيم تم سحبه بسرعة من التداول في مكاتب البريد. صباح السبت نشر موقع جريدة المال خبرا عن اللواء مجدى حجازى القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد الذي ترأس لجنة فنية بمقر الهيئة بالعتبة، لبحث الانتقادات الموجهة للهيئة بشأن طابع مشروع تنمية محور قناة السويس والمقرر إطلاقه خلال الأيام القليلة المقبلة، الخبر لم ينف الواقعة، المسؤول الكبير انتبه أخيرا وقام بخطوة متأخرة جدا. هذه الواقعة أكتبها بالتفصيل لأصل لعدة نتائج: 1- المصريون أصبحوا مراقبين جيدين جدا لأداء المسؤول الحكومى، وأصبحوا أكثر إيحابية في فضح المستور ومحاولة تغييرالواقع وتصحيحه، الشعب المصرى بعد ثورتين أصبح فاعلا وليس مجرد مفعول به. 2- مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت وسيلة إعلامية شعبية تسبق الصجف والمواقع الإخبارية، يجب الانتباه إلى أن هناك حقائق يتم تداولها على الفيس بوك ولكن هناك أيضا شائعات وأكاذيب أكثر، وفى هذه الحالة يجب على المسؤولين أن يبادروا بتقديم إجابات سريعة تتسم بالصدق والشفافية، تقتل الشائعات في مهدها وتبرر الحقائق. 3- وأخيرا، مصر في مرحلة إعادة هيكلة مؤسسات الدولة ومحاربة الفساد وإهدار المال العام، وما حدث صورة من صور إهدار المال العام بسبب التعجل والجهل وعدم الدقة والإخلاص في العمل، ولا يمكن أن يمر مرور الكرام، فليس الخطر على سمعة مصر هو اصدار طابع بريد به خطأ لكن الخطر الحقيقى السكوت على هذا الجهل والتساهل مع المسؤول عنه الذي يجب أن يحاسب بكل حسم وحزم حتى لا تتكرر أمثال هذه الأخطاء الجسيمة في حق مصر. [email protected]