موقع VeteransToday لقدامى المحاربين الأمريكيين نشر تحقيقاً لفريق متخصص فى أسلحة الدمار الشامل، كشف ضلوع المخابرات الأمريكية فى توفير غاز السارين المستخدم فى قتل 1300ضحية بغوطة دمشق 21 أغسطس 2013، وأكد أن مصدره مختبر (CPHRL) الذى أنشأته وتشرف عليه وزارة الدفاع الأمريكية بمدينة تبليسى عاصمة جورجيا، السيناتور الجمهورى السابق ريتشارد لوجار نقله للمخابرات التركية، فى طريقه لمقاتلى القاعدة بسوريا، الكاتب الأمريكى سيمور هيرش «لندن ريفيو أوف بوكس»كشف أن الاستخبارات البريطانية حللت عيّنة من سارين الغوطة، وتيقنت من عدم تطابقه مع ما لدى الجيش السورى..
«سيناريو النووى» انتهى بإسقاط نظام صدام حسين.. و«سيناريو الكيماوى» استهدف إسقاط نظام بشار الأسد!!
عوامل متعددة أفسدت الخطة.. الفشل فى تعبئة شركاء دوليين على نحو ما تم بالعراق.. صلابة الدعم الروسى الإيرانى.. الحرص الأمريكى على تجنب التورط المباشر فى الحرب.. المرونة السياسية لسوريا بما ساعد روسيا خلال قمة العشرين ببطرسبورغ على فرض «نزع السلاح الكيماوى» كبديل ديبلوماسى.
ذبح الصحفيين الأمريكيين جيمس فولى، وستيفن سوتلوف، والتهديد بذبح الجندى البريطانى «ديفيد هاينز»، وتوافر مؤشرات حول اعتزام «داعش» شن هجمات إرهابية فى أوروبا، ورصد اتصالاتها بجماعات من المكسيك وأمريكا اللاتينية، لتسهيل تسلل عناصرها للداخل الأمريكى، ضاعف المخاوف الأمريكية من تهديداتها.. فُرِضَت حالة الطوارئ، وسط ضغوط الكونجرس على الإدارة، واتهامها بالعجز عن مواجهة الإرهاب.. تداعيات لن تلقى بظلالها على انتخابات مجلس النواب وثلث مقاعد الشيوخ نوفمبر المقبل فحسب، وإنما قد تؤدى لتجاوز رد الفعل الأمريكى حدود الحرص على تحجيم داعش، والاضطرار لتوجيه ضربات موجعة، قد تحد من استخدامها كأداة ضغط أمريكية بالمنطقة.
الولايات المتحدة تدرك أن ضرب «داعش» فى سوريا، دون تنسيق مع النظام، مغامرة محفوفة بالمخاطر، فهو يثير غضب النظام السورى بما يمتلكه من أنظمة دفاع جوى وطيران لا يفتقدان للفاعلية، ثم إنه يثير إيران الحليف القوى لسوريا، وربما أجهض تفاهمات «النووى»، كما أن التداخل فى أوضاع المتحاربين على الأرض السورية وفقر المعلومات يضعف من تأثير القصف الجوى، كما أفسد محاولة إنقاذ نفذتها القوات الخاصة الأمريكية فى يوليو الماضى لتحرير الرهائن المحتجزين طرف «داعش»، لكنه احتمال ينبغى الاستعداد له فى كل الأحوال.
أوباما سمح بالاستطلاع الجوى فوق سوريا.. لرصد مقار قيادة التنظيم ومواقعه الرئيسية حول «الرقة»، معقله بالشرق، والممرات الحدودية مع العراق فى دير الزور والحسكة، وكذا مناطق تمركز الجهاديين الأوروبيين والأمريكيين، المحتمل توجيههم عمليات ضد الغرب، العراق عرض تسهيلات تسمح للطائرات الأمريكية بقصف مواقع «داعش» بسوريا من داخل مجاله الجوى.. استخدام الطائرات دون طيار ومقاتلات ستيلث «الشبح»، والصواريخ من السفن الحربية بالمتوسط، أهم البدائل الآمنة والمتاحة.. تشكيل من القوات الخاصة الأمريكية «دلتا» والبريطانية يتمركز غرب الموصل، لكنه يحصل على الدعم الفنى واللوجستى من قاعدة أكروتيرى بقبرص، لتجنب قواعد الناتو بتركيا «إنجيرليك وملاطية»، حتى لا تهدد «داعش» رهائنها بالموصل، وتفضح تفاصيل الدعم التركى لها حال تعرضها لهجوم من أراضيها.
القصف الجوى الأمريكى يتطلب دعما مخابراتيا، الاعتماد على جماعات المعارضة السورية يطرح احتمال توجيهه على النحو الذى يورط أمريكا مباشرة فى الحرب، التنسيق المخابراتى مع النظام السورى له سوابق، بدأته أمريكا محاولة السيطرة على الحدود العراقية بعد الغزو، لكنه لم يكن مجدياً لحرص سوريا على دفع المزيد من المسلحين لاستنزاف القوات الأمريكية، فى مرحلة لاحقة ساعدت سوريا الأجهزة الغربية على اعتقال «جهاديين أوروبيين وأمريكيين»، وتفادى هجماتهم، حتى توقف بعد الثورة2011، أجهزة الأمن الأوروبية استأنفت التعاون مع الجهاز السورى مؤخراً، بعد قناعتها بتجاوز النظام لاحتمالات السقوط، وتضاعف أعداد الجهاديين الأوروبيين.. ورغم ترحيب سوريا بالتنسيق ضد «داعش»، حتى مع الولايات المتحدة، إلا أن التجاوب الأمريكى قد يبدو تراجعاً مخلاً ومسيئاً فى مواقفها وسياساتها، باعتبار ضرب «داعش» يساهم فى تعزيز قوة الأسد.. حالة من التخبط والحيرة تجبر أمريكا على اللجوء لوسطاء، ولو مرحلياً، إيران وروسيا، وألمانيا.. غارات الطيران السورى ضد مواقع «داعش» بالرقة ودير الزور وحلب حققت منذ نهاية أغسطس معدلات قياسية «122غارة/يوم»، وكل المؤشرات ترجح اعتمادها على رصد أمريكى لتحركات «داعش» وأرتالها.
شحنات كبيرة من الأسلحة الأمريكية نُقِلَت من تركيا للجبهة الإسلامية وحركة «حزم» المعارضتين بشمال سوريا، لاستخدامها ضد «داعش»، وفق تكتيك يجبرها على التراجع وتجميع تشكيلاتها بقطاع الرقة.. استيلاء «داعش» على مطار الطبقة تم بعد تراجع الجيش السورى لتجنب التداخل بين القوات داخل القطاع، تيسيراً لاستهداف التنظيم.
التحالف الدولى ضد «داعش» الذى أعلن تشكيله 5 سبتمبر يثير التساؤلات والشكوك.. البداية عشر دول، جميعها أعضاء بحلف الناتو، وبالتالى الملتحقون بالتحالف سيعملون من خلال الحلف، وتحت قيادته!! أهداف التحالف: تقديم الدعم العسكرى لحكومتى العراق والأكراد، أى أن الأساس مبنى على تكريس الانقسام.. السعى لضم الحكومات السنية للتحالف، أى أنها حرب طائفية لا ضد الإرهاب.. وقف انضمام المقاتلين الأجانب للتنظيم، لأن المقاتلين العرب لا يشغلونهم بنفس القدر، فتأمين الغرب هو الهدف.. وقف مصادر تمويل «داعش».. التصدى للأزمات الإنسانية التى تسببها.. تفنيد مشروعيتها الأيديولوجية.. حتى كيرى لا يثق فى جدوى الخطة، بتأكيده أن القضاء على «داعش» قد يستغرق ثلاث سنوات.
مواجهة «داعش» ينبغى أن تتم بجهد جماعى من داخل المنطقة، ينبذ الرؤية الطائفية أو المذهبية.. داعش قتلت وذبحت الآلاف من الشعبين السورى والعراقى، لم تميز بين أهل السنة فى الأنبار ودير الزور، والمسيحيين فى الموصل، والأيزيديين فى سنجار وشنكال، والتركمان فى تلعفر وخورماتو، والأكراد حول أربيل وريف الحسكة.. لم تراع أى فوارق بين الديانات أو القوميات أو الطوائف أو المذاهب، فى المقابل فإن التعامل الطائفى مع الصراع لا يزال سائداً؟! الأردن- على سبيل المثال- بتاريخه الهاشمى، يتمتع بصلات وروابط قوية مع قبائل السنة بالعراق، كان يمكن استثمارها فى تحقيق التوازن بين السعى لاسترداد حقوقهم فى المشاركة السياسية، وعدم التورط فى علاقات غير مأمونة العواقب مع «داعش»، لكنه استضاف منتصف يوليو 2014 مؤتمر «دعم الثورة وإنقاذ العراق» بمشاركة 250 من مختلف القوى العشائرية والبعثية والفصائل المقاتلة المسلحة والضباط العراقيين السابقين وهيئة علماء المسلمين بالعراق، وشخصيات أكاديمية، البيان الختامى أعلن رفض إعادة إحياء قوات «الصحوات» العشائرية التى استخدمها الأمريكيون فى القضاء على «القاعدة»، كما رفض تشكيل أى قوة تحت أى عنوان لمقاتلة «الثوار»، وهو وصف يتضمن «داعش» بين طياته، حرصت قيادات بارزة على إدراجه (مالك الصديد شيخ عشائر شمر...) بعد ما أبدته خلال المؤتمر من آراء مؤيدة لبناء تحالفات مع «داعش»، واعتبارها من أبناء العشائر!!
«داعش» أحدثت تَغَيُراتٍ استراتيجية على ساحة المشرق العربى.. أدت لتخبط أمريكى، من مخطط يستهدف إسقاط أنظمة، إلى بدايات للتعاون معها، ضمن تفاهم مع إيران لإبعاد المالكى مقابل دور أمريكى يضع حداً لتمدد «داعش»، ويضمن أمن «بغداد» و«أربيل»، وتلك فرصة ليتكامل بدور لمصر وللأزهر الشريف يستهدف الحد من التعاطى الطائفى مع أزمات المنطقة، ويحقق المشاركة السياسية المتكافئة داخل أنظمة الحكم، لعزل «داعش» عن ظهيرها الشعبى، وإنهاء حالة الاحتقان بين دول الخليج وسوريا والعراق، بما يسمح بتنسيق قومى عربى لمواجهة مخططات ومخاطر التفتيت والإرهاب.