x

سناء سيف.. «أمعاء خاوية» تتحدى ليل «القناطر» (بروفايل)

السبت 13-09-2014 11:54 | كتب: أحمد خير الدين |
جنازة أحمد سيف الإسلام: علاء وسناء عبد الفتاح جنازة أحمد سيف الإسلام: علاء وسناء عبد الفتاح تصوير : محمد شكري الجرنوسي

اختار لها أهلها اسم عروس صيدا، سناء محيدلي، لترتبط بالهم العام قبل حتى أن تخرج إلى العالم وتدرك ما الذي يجري حولها.

وهي تبدأ مرحلة ما بعد العشرين من حياتها انضمت سناء سيف، ابنة المحامي الحقوقي الراحل أحمد سيف، رسميًا إلى تجربة السجن وفقدان الحرية التي كتبت فرضًا على أسرتها الصغيرة بعدما عاشت مرارتها مع أخيها وولدت أختها ووالدها نفسه داخل سجون مبارك.

وبينما كانت العائلات تتابع متأثرة حياة السجون وتكتشف مرارتها كما صاغتها الكاتبة مريم نعوم والمخرجة كاملة أبوذكرى على الشاشة في رمضان، كانت سناء تبدأ أيامها في «سجن النساء» الحقيقي بالقناطر الذي نقلت إليه بعد احتجازها لأيام في قسمي مصر الجديدة والقاهرة الجديدة في انتظار أن تعرض على النيابة.

سناء و22 متظاهرًا يواجهون تهمًا بخرق قانون التظاهر وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وحيازة «أسلحة ومفرقعات ومواد حارقة»، ومقاومة السلطات، بسبب تنظيمهم مسيرة قرب قصر الاتحادية ضد قانون التظاهر والمطالبة بالإفراج عن المتظاهرين المقبوض عليهم أمام مجلس الشورى لرفضهم لذات القانون، من بينهم علاء شقيقها الأكبر.. وأمام النيابة اعترفت أنها هي الداعية للتظاهر وأنها تتحمل المسؤولية وحدها.

ويوم تشييع جثمان والدها، وقفت ذاهلة بين جموع المشيعين بعد وصولها من السجن إلى المقابر، يسندها ذراع السجانة، وتلتقي أخاها علاء لأول مرة بعد 66 يومًا من تغيبهما في السجون، كانت نظرتها وهو يرفع يدها لشكر وتحية من حرصوا على الحضور تختصر هزيمة الأيام ومشاعر الفقد والحرمان من بقاء الابنة الصغرى إلى جانب والدها على فراش المرض في مستشفى المنيل الجامعي في أيامه الأخيرة.

وفي يوم العزاء بدار مناسبات مسجد عمر مكرم، استعادت سناء تماسكها رغم بدئها إضرابًا عن الطعام.. وتحولت هي إلى مواساة حشود المُعزين والربت على أكتافهم والابتسام في وجوههم.

جسد سناء المنهك يعيش تجربة الإضراب عن الطعام للمطالبة بالحرية.. لا تملك إلا هذا في مواجهة سجن طالت لياليه دون جرم اقترفته إلا رفض قانون «جائر» وحال تتزايد انتهاكاته يوميًا.

رغم التجربة المؤلمة انتزعت سناء انتصارًا بنجاحها في دراستها للغات والترجمة في جامعة أكتوبر، دفعتها ظروف الثورة وسجن الأخ ومرض الأب إلى الصمود، فحصلت على الامتياز في مواد امتحنتها بلجنة خاصة تحت الحراسة بجامعتها.. الدراسة التي تنتظر الانتهاء منها لتبدأ المهنة التي أحبتها والفن الذي بدأت أول خطواته بـ«المونتاج» بعد أن شاركت في فريق وثائقي «الميدان»، وأهدى لها صانعوه جائزة «إيمي» التي فاز بها الفيلم مؤخرًا.

في الزيارات تحرص سناء على استكمال ما بدأت رغم سنين عمرها المعدودة.. تسأل عن المضربين عن الطعام في السجون الأخرى.. وتتقصى أخبار المعتقلين وتطمئن على حال أسر الشهداء الذين كانت تحرص على زيارتهم والسؤال عن حالهم وتغضب إن غابت تفاصيل وافية عن أحوالهم.

وأثناء العدوان الأخير على غزة، تناسى طبيب بمستشفى الشفاء في القطاع مرارة القصف وتواصل مع أهلها ليسأل عن حالها داخل السجن، ويتذكر اهتمامها بجمع المساعدات وإرسالها إلى هناك ودوام سؤالها عنهم بعد انتهاء عدوان «عمود السحاب» عام 2012.

كتابة أشياء كهذه عن سناء قد تغضبها كما حال أفراد هذه العائلة.. لكن ما تواجهه هي بسنها الصغيرة وتجربتها في حياة السجن المقيتة يدفع إلى تذكر كل هذا وهي تمضي نحو محاكمة على مخالفة قانون معيب بشهادة أفراد من داخل السلطة ومحبيها، غيبها هي ومئات آخرين لشهور في السجون وغيّر ملامح حياتهم وحياة أسرهم المنتظرة خروجهم وعودتهم إلى حياتهم مرة أخرى بعدما عانوه في ليل القناطر وأبوزعبل وطرة وسجون أخرى يرفضونها بكل ما يملكونه الآن.. أمعاء خاوية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية