x

جمال الجمل نتيجة مباراة مصر وتونس جمال الجمل الأربعاء 10-09-2014 21:42


هل يجوز الكتابة في السياسة اليوم؟

وإذا كتب مغامر عن اغتيال نجل قاضي المنصورة، أو ما وراء أقنعة «ضنك»، وجدوى المظاهرات التي تلوث صورة المعارضة الجادة، ونتائج مؤتمر طريق المستقبل، إذا كتب كاتب عن مثل هذه القضايا التي نعيشها اضطرارا منذ فترة طويلة، هل يجد من يقرأه؟

في الأيام العادية تبدو حالة القراء بعافية، فما بالنا يوم مباراة تحديد المصير مع تونس؟

آه من تونس

آه من الخضراء الصغيرة الجميلة التي تلهب خيالنا، وتثير حماسنا، وتستفز طاقاتنا، وتذكرنا دوما أنها كبيرة في أعيننا برغم محدوديتها على الخريطة.

العبرة إذن ليست بالحجم، بالعبرة بالفهم، والإرادة، وهذه التفاحة المعلقة تحت إبط البحر المتوسط ألهمتنا في ثورة يناير شعار الإرادة (الشعب يريد..) بعد أن انتفضت لانتزاع حقها في الحرية والخبز، وصنعت من مأساة البائع الجوال بوعزيزي ملحمة تحكي عن قوة الياسمين.

إن انتصار تونس على فساد الحكم، كان انتصارا لنا ولكل أحرار العالم، رفعنا الهلال الأحمر بهجة واستبشارا في شوارع القاهرة، واشتركنا في مشاعر الشوق للحرية ونبذ الطغاة والطغيان، وأتمنى ألا تعكر هذه الروح الودودة، مباراة في كرة القدم.

هل يمكن أن نستمتع بالرياضة دون تعصب؟

وهل يمكن أن نحترم الجيرة الأفريقية، والأخوة العربية، والطقس المتوسطي، نلعب لنكسب، وتونس تلعب لتكسب، من يستحق الفوز نشيد بأدائه، ومن يخسر نقول له بادب واحترام: حظ موفق واداء أفضل في مباريات قادمة

لا نريد للرياضة أن تتحول إلى ضغينة، لانريد تكبرا، ولا تهورا، ولا حقدا، ولا عنفا، آن الأوان أن نفكر في مصر الكبيرة ودروها وما يليق بها كبلد للأمن والطيبة وحسن الضيافة.

لقد خسرنا الكثير عندما فرطنا في هذه الصورة، وسمحنا للعابثين والمتعصبين بتلويث مقام مصر ومكانتها.

اليوم يحضر الجمهور هذه المباراة الهامة، وهذا اختبار لمصر وليس لوزارة الداخلية، اختبار لأخلاق الشعب وليس لقدرة الحاكم، اختبار لمفهومنا عن الرياضة بروحها السمحة الحلوة ومهاراتها الفنية، وتقبل نتيجتها مهما كانت، لأنها في النهاية لعبة تحتمل الفوز كما تحتمل الخسارة، وليس في أيهما مفتاح الجنة أو الجحيم، فاللعبة ستستمر، والنتائج ستتغير، ولكل مجتهد نصيب.

أتمنى أن أرى اليوم صورة مصر التي أحبها: تشجيع حماسي بلا عنف أو تجريح للمنافس، وانتماء وطني دون تغصب ضد الآخر، ولمسة حلوة يتذكرها الأشقاء عندما يعودون إلى أرضهم الخضراء، فيقولون: كنا نلعب في بلدنا الكبير ووسط جمهور يحب كرة القدم، ويستمتع بها، وهذا هو الانتصار الذي أريده، فمن يلعب معي للفوز بهذه المباراة؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية