x

فاطمة ناعوت هنا قناة السويس فاطمة ناعوت الأحد 07-09-2014 21:24


أكتبُ لكم من أرض مشروع القناة الجديدة، السبت ٦ سبتمبر. هذه زيارتى الثانية، بعد الأولى مع شباب «تمرد» الواعد بتاريخ ١١ أغسطس الماضى. فى أقل من شهر وفّى رجالُنا الأبطال ما وعدوا به، قبل الموعد الذى ضربوه لأنفسهم. فى زيارتى الأولى سألتُ العميدَ «حسن العراقى»: «متى نرى المياه؟» قال: «بعد شهرين. تعالى يوم ١١ أكتوبر وخذى حفنة ماء من القناة الجديدة. «لكن تباشير المياه ظهرت قبل الموعد لأن يوم الجيش بست ساعات، إن افترضنا أن يوم الحكومة بسنة، كما يذهب الفولكلور المصرى الساخر».

أتأمل الشارة المطرّزة بكلمات «الجيش المصرى» على صدر بذلة اللواء «عفت أديب»، فيملؤنى الفخرُ بجيش بلادى. أولئك رجالٌ نزعوا من قاموسهم كلمات لا محلّ لها فى دنيا الانضباط: «تأخير، فشل، نصف نصف...» رجالٌ اعتمدوا مقولة: «Failure is NOT an Option»، «الإخفاق غير مطروح»، المعروفة فى حقل رحلات الفضاء المكوكية.

يبتسم اللواءُ وهو يرى الانبهارَ فى عيوننا، فيقول: «لقد نفذنا مشاريعَ أصعب من مشروع القناة بكثير». هذا الجيش الباسل، مثلما يحمى ظهورنا على الجبهة، يصنع مستقبلنا ويؤمّن مستقبل أولادنا.

هذه الرمال الصفراء المشرقة مثل نُثار الذهب، لن تكون موجودةً بعد برهة قصيرة من الزمن. لهذا أجمعُ بعضَها فى قنينة صغيرة. ثم أختلسُ صخرتين صغيرتين من نتاج الحفر كأنما قطعٌ من خام الألماس. الآن، أدُسُّ كنزى فى حقيبتى لأزيّن به بيتى، وذاكرتى. حين أعود، سأزيحُ قطعة الصخر الصغيرة التى انتزعتُها من «سور برلين» كتذكار يشهد بوجوده قبل أن يسقط وتتوحّد الألمانيتان، وأضع محلّها صخور بلادى الغالية فى مكتبة «التذكارات» القيمة التى أحفظ فيها كنوزى وأسرارى وتآريخَ العالم.

منذ كثير وكثير من السنوات، ظللتُ أحلُم بأن يتوحّد المصريون على حُلمٍ. مشروعٌ قومى نصطفُّ خلفه ويكون محورَ أحاديثنا ومادةَ ترقّبنا للغد. طالما حسدتُ الستينيين على اصطفافهم حول مشروع «قناة السويس» الذى لم أعشه.

كان المصريون من شمال مصر إلى جنوبها يتحدثون عنه، لهذا كان ذاك الجيل مثقفًا وممتلئًا لأنه كان «مشغولا» بحلم مصرى. جيلى لم يعش هذه اللحظات ولا الجيل اللاحق، لهذا تفشّت الأمراضُ المجتمعية كالطائفية والتحرش والفوضى والكسل والشكلانية، لأننا «فارغون من الحلم». الآن، أصبح لنا حلمُنا الخاص، وآن لنا أن «ننشغل» بصناعة الغد الذى أثق أنه سيكون نقيًّا من تلك الأدران التى أهلكتنا، وأهلكتْ مصر.

يا جيشَ مصرَ العظيم، عِشْ أبدَ الدهر، احمِ ظهرَ مصرَ، وشيّدْ مستقبلَها، واصنعْ لنا الأمل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية