قال رئيس الوزراء الليبي الأسبق، محمود جبريل، إن التدخل العسكري الخارجي في بلاده «أمر مرفوض من جميع الليبيين»، ودعا أثناء استضافته في برنامج «صالون التحرير»، مساء السبت مع الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، على فضائية «التحرير»، إلى دعم الجيش الليبي ومؤسسات الدولة في القيام بمهامها في حماية المدنيين، محذرا من تفاقم الأزمة الليبية لتصير «فوضى شاملة».
واعتبر «جبريل» أن الصراع في ليبيا هدفه المال وليس السلطة، وقال إن الإخوان خططوا لتحويل بلاده إلى «صندوق تمويل» لـ«الإمبراطورية الإسلامية»، التي كانت تنوي الجماعة إقامتها من مصر وحتى المغرب، في أعقاب فوزها بالسلطة في مصر وتونس.
بدأ السناوي بسؤال «جبريل» عن توصيفه للأزمة والصراع في ليبيا، فأجابه قائلاً: هناك ثلاثة مستويات للمشكلة، مستوى دولي، والجوهر فيه قضية الإرهاب والتطرف، ومستوى إقليمي يتعلق بتهديد الأمن القومي لدول الجوار، ومستوى محلي حيث يوجد تنازع على الشرعية في ظل انتشار أكثر من 22 مليون قطعة سلاح وأكثر من 1600 ميليشيا في ليبيا من أكثر من 12 جنسية.
وتابع: «لابد ألا نستبعد التركيبة القبلية للمجتمع الليبي في تواجد السلاح وتنازع الشرعية، وهذه الخلطة المعقدة والمتشابكة لابد من تفكيكها دون إغفال أي منها، فلا يمكن الاقتراب منها دوليا بمعزل عما يحدث محليا، وعندما نتحدث عن تدخل دولي، فهناك شبه إجماع على رفض التدخل العسكري المباشر على الأرض، القضية قضية سيادة لا أحد يستطيع المساومة عليها، حتى البرلمان عندما تحدث عن التدخل الدولي، خرج مفسرا بأننا نطلب المساعدة للمؤسسات القائمة لتقوم بوظيفتها في حماية المدنيين الذين تعرضوا لمجازر بشعة بعد غزو طرابس الأخير واحتلالها».
وواصل: «نحن مقبلون على عدة سيناريوهات، فقد يتجدد الصراع المسلح في أي لحظة في حال رفضت الميليشيات التي دخلت طرابلس، الخروج منها بعدما رفضت نتيجة الانتخابات البرلمانية، وحاولت فرض إرادتها بالسلاح لتحتفظ بتمركزها في مفاصل الدولة التي احتفظت بها طيلة عامين، ففي هذه الحالة ورفضها الانصياع لقرار مجلس الأمن بخروجها من العاصمة والالتزام بوقف إطلاق النار، قد يتجدد الصراع، وهذا سيناريو بشع قد يتحول لحرب أهلية، ليس هناك ليبي لا يحمل قطعتين وثلاثا من السلاح، والطبيعة القبلية أساسها الثأر والانتقام عندما يسال الدم على الأرض».
وأردف: «أما السيناريو الثاني فيتمثل في أن نصل إلى قناعة بأن القوة لن تجدي ولابد من الحوار وأرجو أن يكون هذا هو السيناريو السائد، والسيناريو الثالث يتضمن دخول الأمور مرحلة الفوضى الشاملة، بشكل يضطر المجتمع الدولي للتدخل بالقوة لحل هذه المشكلة، فما يجري على أرض ليبيا يمثل مصالح للدول المحيطة بها أمنيا، واقتصاديا بالنسبة لأوروبا، ما يحدث اليوم هو صراع بين قوة الحق وحق القوة، بين شرعية معترف بها أفرزتها صناديق الاقتراع وبين من يرفضونها بالقوة».
وسأل «السناوي»، «جبريل»، عن مدى قبول الليبيين اقتراحا لرئيس الوزراء الليبي الأسبق علي زيدان، بتشكيل قوة عربية إسلامية، فرد جبريل: الجهة الشرعية الوحيدة التي لها حق مخاطبة المجتمع الدولي بالتدخل أو عدم التدخل، هو البرلمان المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، ماعدا ذلك يعبر عن رأي صاحبه فقط، ولا أعتقد أن قضية التدخل العسكري على الأرض تلقى قبولا في الشارع الليبي.
وردا على سؤال بشأن فرص الحل السياسي في مواجهة الاحتكام للسلاح، قال: «مهما طال الاحتكام للسلاح فلابد أن ينتهي بحل سياسي، حتى لفرض شروط الطرف المنتصر، والجلوس لطاولة المفاوضات سيكون نهاية المطاف».
وتطرق «جبريل»، لبدايات الثورة الليبية: «في 17 فبراير 2011، بدأت آلة القتل الجماعي تحصد العشرات والمئات حتى 19 مارس، قتل جماعي حقيقي لم يتحرك أحد، لا من الجامعة العربية ولا من الدول العربية منفردة حتى ليستنكر ذلك، ولا أذيع سرا أنني يوم 27 فبراير حاولت الاتصال بأمين الجامعة لأستصدر بيانا يستنكر العنف وقتل المدنيين حتى المكالمة لم يرد عليها، كان هناك خوف من القذافي لو انتصر سيكون انتقامه رهيبا من هذه الدول. ولا أذيع سرا أنني جئت مرتين إلى مصر، والتقيت بالمشير حسين طنطاوي ورجوته ألا تغيب مصر والجزائر عن الساحة الليبية لأن غيابهما سيترتب عليه أن دولا أقل حجما ستتحكم في رسم المستقبل الليبي، وكان الرد: والله احنا عندنا 25 يناير ولدينا الكثير من المصريين في ليبيا. فعلقت: السادات في يوليو 1977 كان له 3 ونصف مليون مصري، ولم يثنه ذلك عن المواجهة العسكرية مع القذافي على الحدود عندما يتهدد الأمن القومي، هي قضية رؤية للأمن القومي».