x

«ماسبيرو».. رجل الدولة المريض

الأربعاء 03-09-2014 21:11 | كتب: محمد طه |
مبنى ماسبيرو مبنى ماسبيرو تصوير : other

حر، مستقل، مملوك لأفراد وهيئات، كلٌّ بنسب، لا يعبر عن طائفة دون أخرى، محايد على أرض الخلاف، وواقعى فى نقل الحقائق، يبحث عن قيمة ليرسيها، وعن جنيهات كثيرة يطور نفسه بها، يدفع عن نفسه تهم التوجيه، ويحاول أن ينافس محليا ودوليا.. ما سبق مجرد حلم، يقتحم يقظة ومنام كل مصرى، يتمنى أن يملك إعلاما مصريا حقيقيا، يأبى التليفزيون أن يحقق الصورة ويلبى الحلم، تقف كل محاولات التطوير على عتبته لتعلن أنها «باءت بالفشل» وبجدارة.

المنتمون للتليفزيون طرحوا عددا من الحلول لأزماته التى لا تنتهى، والتى تبدأ بـ«44 ألف موظف» وتنتهى بـ«هروب الإعلانات» ورغبة الدولة فى هيكلته، فإذا بهم يواجهون أزمات جديدة تتعلق بجدوى كل هذه الحلول المطروحة ومصداقية من اقترحوها.

يبقى حل واحد.. تخيلوا يوم أن يتم بيعه، ربما فى مزاد. البيع أحد الحلول المطروحة، لكنه يقابل برفض عنيف لا لشىء سوى أن الإعلام خدمة، وللإعلام المصرى قدم أعلى فى ذلك، فهو «خدمة ورسالة وتاريخ» فهل يباع التاريخ ويشترى.. خبراء ومسؤولون شخصوا حالة المريض واعتبروه -أى التليفزيون- حالة مستعصية يرفضون إعلان وفاته إكلينيكياً ويقترحون وضعه على أجهزة التنفس الصناعى ولو للمرة الأخيرة، عسى أن تحقق هذه المرة «الشفاء» وينهض التليفزيون من مرقده بتحويله إلى هيئة مثل هيئة «بى بى سى» كى يكون قادرا على الإبداع وبعيدا كل البعد عن أى نظام يحكم مصر؟!

صفوت الشريف.. التوجيه سيد الموقف

كان وبالاً على الإعلام يوم أن اختير لإدارته، من يومها وإلى الآن والتوجيه سيد الموقف، فلا أحد ينكر أن سنواته التي قضاها ضابطاً في المخابرات حددت علاقته مع الآخرين ورسمت سياسته في إدارة الإعلام، بحيث تحوَّل من إعلام الدولة- هكذا نشأ- إلى إعلام الفرد- الحاكم غالباً- كل هذا على يد «صفوت الشريف»

محمد صفوت الشريف المولود في 19 ديسمبر 1933، حصل على بكالوريوس علوم عسكرية، وعمل ضابطاً في المخابرات المصرية في فترة الستينيات من القرن الماضى إلى أن تمت محاكمته في قضية انحراف المخابرات في عهد صلاح نصر، لكنه استطاع الخروج من أزمته بشكل أقوى مما كان عليه.

لا يُحسب له في تاريخه الإعلامى سوى مساهمته في إنشاء مدينة الإنتاج والعديد من القنوات للتليفزيون، وإنشاء القمر المصرى نايل سات، لكنه لم يضع لها ضوابط ومعايير، فكان المرضىُّ عنهم أو كل من كان ذا صلة بالدولة أو الحزب يتم تعيينه في تلك الجهات ليحصلوا على رواتب وهمية.

صفوت وضع التليفزيون في جيب والصحف في الجيب الثانى، واستخدمهما في تحقيق الهدف الأكبر «مصلحة الرئيس»، لذا كان منطقياً أن يكون الشريف أحد الأعضاء المؤسسين في الحزب الوطنى الديمقراطى عام 1977، ويظل لسنوات صوت النظام. المزيد

22 مليار جنيه مديونيات ضاعت على «الهواء»

يبقى التليفزيون مريضاً يحارب الموت الإكلينيكى قبل إعلان الوفاة بعد أن وصلت مديونيته إلى 22 مليار جنيه، في ظل عدم وجود سياسة واحدة تحكم الأمر، ولا معايير تهدف إلى تطوير حقيقى يحقق الأرباح.

«الدولة هي التي حملته أعباء ليست من الواجب عليه تحملها، منها مدينة الإنتاج الإعلامى والنايل سات والشركات التابعة له، فمثلاً يجب بيع مدينة الإنتاج الإعلامى وتكون شركة مستقلة من شركات الدولة، وأيضاً القمر الصناعى 1 و2 اللذان كلفا ما يقرب من 300 مليون دولار».. هكذا دافع الخبير الإعلامى الدكتور فاروق أبوزيد عن ماسبيرو، متسائلاً: «لماذا يتحمل التليفزيون كل هذه التكلفة؟ ومن الضرورى نقل ملكية شركتى صوت القاهرة وقطاع الإنتاج إلى شركات حرة ومستقلة تتحمل المكسب والخسارة وتسوق لنفسها، وبالتالى نتخلص من هذا العبء في المصاريف والعمالة، كل هذا لو تم سيحقق التليفزيون فائضاً كبيراً بعد تسديد كل المديونيات».. المزيد

استقلال الشاشة يبدأ بـ«الخروج من عباءة الدولة»

ثورتان تغيرت فيهما معظم مؤسسات الدولة، عدا التليفزيون، بقى على حاله، ليس في السياسية الإعلامية، بل في نمطية أدئه، وأيضا في فشل جميع الحلول التي اقترحها الخبراء لتطوير الأداء والوصول إلى إعلام هادف، لا يكرر أخطاء مرحلة مبارك.

الدكتور عدلى رضا، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون كلية الإعلام جامعة القاهرة، قال: وضع التليفزيون تحت عباءة الدولة منذ 60 عاما، جعله يفقد القدرة على التطوير وتجديد نفسه، لأن الدولة جعلته أحد أدواتها في التعبير عما تريده وللتأثير في المجتمع المصرى بما تريد، مضيفا: التليفزيون المصرى لن يكون مستقلا، إلا إذا تم تشكيل الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون التي نصا عليها الدستور، ليعبر عن كل طوائف الشعب المصرى، رغم أن قانون رقم 13 الذي يحكم التليفزيون أنشئ حتى يكون الاتحاد مستقلا وليس تابعا، ولن يتم تطوير التليفزيون طالما يتبع الدولة.. المزيد

معايير العمل فى التليفزيون.. الأقربون أولى بـ«التعيين»

44 ألفا يعملون في مؤسسة واحدة.. الرقم أحد أسباب الاندهاش لما يقدمه التليفزيون من خدمة سيئة، فالتليفزيون بقنواته المتعددة وقطاعاته المختلفة يعمل فيه هذا العدد الضخم، والذى يزيد عن عدد أفراد الجيش في بعض الدول العربية، تلك الحقيقة التي تحولت إلى دعابة يطلقها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى والدهشة تسبقهم، من هذا العدد الذي لم يحقق لمصر طفرة إعلامية، بل ساهم حسب آرائهم في تضليل المصريين كثيرا على مدى سنوات.

الخبير الإعلامى الدكتور صفوت العالم يرى أن هناك وظائف ليس لها أساس أو مسمى في وزارات أخرى، وهناك هياكل إدارية في المبنى لسنا في حاجة إليها، وكانت القرابة عاملا من ضمن تضخم العمالة في المبنى، كما أن لصفوت الشريف ومن بعده أنس الفقى السبب الرئيسى لزيادة العمالة، للتقرب من أعضاء مجلس الشعب، وتحسين صورة الحزب الوطنى، وذلك لاعتبار أن العمل في الإعلام يزيد من رونق وبريق العاملين فيه، وكان هناك إقبال شديد من الناس للعمل في ماسبيرو، وكان الإقبال أكثر على القنوات المتخصصة والإقليمية، وبعد ذلك رحلوا للقنوات الرئيسية في المبنى.. المزيد

خطط التطوير.. «شو إعلامي»

أكثر من مرة حاولوا تطويره دون فائدة، تنطلق التصريحات النارية من مسؤوليه واحدا بعد الآخر «سنطور ونقضى على الفساد والمحسوبية ونغير السياسة الإعلامية» لكنه- المسؤول نفسه- يعود بخفى حنين، لا تطوير يحدث ولا تغيير يتم، حتى من بعد ثورتين، آلت كل محاولات التطوير إلى الفشل الذريع، وهو ما يبرره الخبير الإعلامى عدلى رضا: محاولات التطوير مستمرة منذ فترة، لكن كانت هناك مشكلات مستمرة طول الوقت، وهى الإمكانيات المادية التي تساعد على التطوير، وتكبيل الحريات الذي يعرقل التطوير، كما إن محاولات التطوير يجب أن تتم أولا من خلال القوة البشرية الموجودة، أي أن المبنى يأخذ ما يحتاجه من الإداريين، ثم يتم توزيع الباقى على مصالح حكومية أخرى، لأن الإداريين يمثلون عبئا على المبنى، وإذا كان المبنى به 33 ألف إدارى من أصل 44 ألف موظف، إذن يكون المبنى إداريا، وليس مبنى للإذاعة والتليفزيون، والتعامل مع البرامجيين يكون من خلال المكافآت مقابل العمل، بحيث تكون حجم القوة البشرية تتوافق مع حجم العمل المتاح، ولكل شخص عمل محدد.. المزيد

لماذ يهرب المعلن؟

ضجيج بلا طحن.. وصف يليق بالمبنى العريق، حسب كلام طارق نور، صاحب قناة «القاهرة والناس»، أحد أقطاب الإعلان في مصر، يرى «نور» أن التليفزيون في مرحلة صعبة، ويقول: هجرته الإعلانات ومن ثم المشاهد، ولا يجد أحدا يحاول أن يعود به إلى سابق عهده.

«نور» أكد أن المحتوى في أي وسيلة إعلامية وجودته وطريقة عرضه هي التي تجذب المشاهد، وحدد المشكلة في التليفزيون المصرى في: كثرة القنوات التي لا تقدم خدمة جيدة ومختلفة والتى لا تنافس باقى القنوات الموجودة على الساحة المصرية.. المزيد

القنوات الإقليمية.. عبء يحاول التليفزيون التخلص منه

ماذا عن الحل؟.. سؤال يطرح نفسه مع كل أزمة يظهر فيها «ماسبيرو» مجرد مبنى أوشك على الانهيار معنويا، بحيث أصبحت كل المشكلات في مصر قابلة للحل، عدا أزمة التليفزيون، خاصة مع مطالبات إلغاء القنوات الإقليمية لما تمثله من عبء مادى على ميزانية التليفزيون، ولعدم الحاجة إليها في ظل عصر السموات المفتوحة، لا يرى يوسف عثمان رئيس قطاع الإنتاج السابق بمدينة الإنتاج الإعلامى، حاجة للإلغاء هذه القنوات، ويقول: الإلغاء لا يجب أن يكون الحل الأول، يجب أن يسبقه رغبة جادة في التطوير، بحيث تكون هذه القنوات لسان حال المحافظات التي تنطق باسمها.. عثمان اقترح أن تتبع هذه القنوات المحافظات مباشرة، سواء في التمويل أو في السياسة التي تدار بها، ومراده في هذا: المحافظات أدرى بالرسالة التي يجب أن تنقلها هذه القنوات، كما أن نقل تبعيتها يخفف من العبء المادى الملقى على التليفزيون، كما أن نقل تبعيتها سيغير كثيرا من سياستها، بما لا يجعلها نسخة مكررة من قنوات التليفزيون المصرى.. المزيد

«الفقي».. ترك التليفزيون وتفرغ «للتوريث»

«ماذا تعلم عنه؟».. سؤال يحرج كثيرين ممن عاصروا الرجل، منذ بدايته كموظف في قصور الثقافة، وحتى نهايته في بدلة السجن، الرحلة لم تستغرق وقتاً طويلاً، ولا حتى جهداً، لم يقض خلالها على اسمه فحسب، بل قضى على أسماء أخرى استطاع أن يورطها إمّا بفساده، أو بسياسته الإعلامية الباهتة.

أنس أحمد نبيه الفقى، وبالاختصار «أنس الفقى»، مع اندلاع ثورة يناير كان قد تجاوز عامه الـ51 بأربعة أشهر، فهو مواليد 14 أكتوبر 1960، ترقَّى دون مبرر واضح في عدد لا بأس به من الوظائف المهمة، وشغل مواقع عدة بداية من حصوله على بكالوريوس تجارة من جامعة القاهرة عام 1983، إذ عمل فور تخرجه مديراً لتسويق الموسوعات الأجنبية، وأسس عام 1985 أول شركة لتوزيع الموسوعات، كماعمل في مجال النشر والترجمة لدوائرالمعارف، وأسس مجموعة شركات خاصة في الفترة من عام 1985 حتى 2002، ليعمل بعدها وزيراً للشباب في حكومة نظيف، ومن وزارة الشباب لوزارة الإعلام مباشرة في الحكومة نفسها.. المزيد

الفضائيات الخاصة تقضي على الأمل في المنافسة

كلما زادت المنافسة، تضاءل الأمل في النجاح.. القاعدة لا تنجح كثيرا إلا مع من يتيح لها الفرصة، وقد أعطى التليفزيون بتراجعه الفرصة لتفوق الفضائيات الخاصة، ورغم ذلك لايزال الأمل قائما في أن يتواجد التليفزيون إلى جوار الفضائيات الخاصة، وحسب تأكيد الخبير الإعلامى صفوت العالم: لا يمكن للفضائيات المصرية أن تلغى تواجد التليفزيون المصرى، لأن الكلمة الصادقة تخرج من تليفزيون الدولة، ومن المعروف أن القنوات الخاصة تعمل لمصالح معينة وأجندات خاصة، وماسبيرو لا يعمل لصالح أحد بل هو الصالح العام بما يتناسب مع مسؤوليته.. المزيد

القنوات الإقليمية.. عبء يحاول التليفزيون التخلص منه

ماذا عن الحل؟.. سؤال يطرح نفسه مع كل أزمة يظهر فيها «ماسبيرو» مجرد مبنى أوشك على الانهيار معنويا، بحيث أصبحت كل المشكلات في مصر قابلة للحل، عدا أزمة التليفزيون، خاصة مع مطالبات إلغاء القنوات الإقليمية لما تمثله من عبء مادى على ميزانية التليفزيون، ولعدم الحاجة إليها في ظل عصر السموات المفتوحة، لا يرى يوسف عثمان رئيس قطاع الإنتاج السابق بمدينة الإنتاج الإعلامى، حاجة للإلغاء هذه القنوات، ويقول: الإلغاء لا يجب أن يكون الحل الأول، يجب أن يسبقه رغبة جادة في التطوير، بحيث تكون هذه القنوات لسان حال المحافظات التي تنطق باسمها.. عثمان اقترح أن تتبع هذه القنوات المحافظات مباشرة، سواء في التمويل أو في السياسة التي تدار بها، ومراده في هذا: المحافظات أدرى بالرسالة التي يجب أن تنقلها هذه القنوات، كما أن نقل تبعيتها يخفف من العبء المادى الملقى على التليفزيون، كما أن نقل تبعيتها سيغير كثيرا من سياستها، بما لا يجعلها نسخة مكررة من قنوات التليفزيون المصرى.. المزيد

روشتة العلاج: دمج القنوات وتشكيل الهيئة الوطنية للإعلام

عدد من الخبراء طرحوا العديد من القضايا على خبراء الإعلام، لإصلاح وتطوير المبنى.. خرجنا بروشتة علاج نقدمها لرئيس الجمهورية.. عسى أن يكون هناك أمل في التطوير، الذي ربما يحدث الفترة المقبلة.

الخبير الإعلامى الدكتور عدلى رضا، وضع عدة محاور في الإصلاح، وهى وضع خطة عمل للاتحاد يحدد فيها أهدافه، وأن تكون صياغة جديدة في قوانين الاتحاد التي تحكم عملية تطويره في المجلس الوطنى للإعلام كما نص عليها الدستور حتى ينافس الفضائيات، تدريب العاملين، تجديد الأفكار والدماء في البرامج، التنافس بين العاملين يكون على الكفاءة وليس الأقدمية، دمج للقنوات، ولا يكون البث 24 ساعة، أن يكون هناك ضوابط عمل أي لا تكون هناك ازدواجية بين عملين، إما العمل في التليفزيون أو في الفضائيات، تطوير قواعد الإعلانات، تفعيل دور شركات الإنتاج التابعة له.. المزيد

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية