احتشد أكثر من مليون متظاهر في ميدان التحرير، ظهر الجمعة، تلبية للدعوة إلى تظاهرات مليونية لإسقاط الرئيس حسني مبارك، في جميع أنحاء مصر، فيما بات يعرف بـ«جمعة الرحيل»، بينما تصاعدت الضغوط الدولية على النظام المصري لضمان «تظاهرات حرة» ولإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية.
وقام وزير الدفاع، المشير محمد حسين طنطاوي، بزيارة قصيرة إلى ميدان التحرير لتفقد الأوضاع في الساحة وهتف المتظاهرون مرحبين به «يا مشير يا مشير إحنا ولادك في التحرير»، وتبادل الوزير حديثاً قصيراً مع المتظاهرين ساعياً إلى تهدئتهم وخاطب بعضهم قائلاً «يا جماعة الرجل قال لكم إنه لن يرشح نفسه مرة ثانية»، وأضاف أمام هؤلاء المتظاهرين الذين طلب منهم جنود الجلوس ليتمكن الوزير من التحدث اليهم «قولوا للمرشد أن يقعد معهم»، في إشارة على ما يبدو إلى محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين التي رفضت الحوار مع السلطة إلا بعد تنحي مبارك الذي يتولى السلطة منذ ثلاثين عاما.
وقال الرئيس المصري في مقابلة مع قناة ايه بي سي، الأمريكية، الخميس، «ضاق ذرعي من الرئاسة وأرغب بمغادرة منصبي الآن»، لكن «لا يمكنني ذلك خوفاً من أن تغرق البلاد في الفوضى»، وأكد نائب الرئيس كذلك الخميس أن الدعوة إلى رحيل مبارك هي بمثابة دعوة إلى «الفوضى».
وصلى المتظاهرون، الجمعة، في ميدان التحرير حيث أمهم الشيخ خالد المراكبي، وهو من أنصار السنة المحمدية، وهي جماعة دينية ليست لها أية اتجاهات سياسية، وطالب المراكبي المحتجين في خطبته بـ «الثبات حتى النصر»، وقال: «الكل جاء مسلم ومسيحي ليعبر عن حقه المسلوب»، و«ليس لنا أي حزب يعبر عنا وعن مطالبنا ومن يريد أن يفاوض عليه أن يأتي إلى هنا ويتكلم .. إنها حركة مصرية»، وأدى المتظاهرون صلاة الغائب على أرواح «شهداء الانتفاضة» التي أوقعت بحسب الأمم المتحدة قرابة 300 قتيل.
وبكى الإمام، ومعه جموع المتظاهرين، أثناء أداء صلاة الغائب، ثم تعالى هتاف الجموع كالهدير: «ارحل ارحل».
كان المتظاهرون بدأوا في التوافد منذ الثامنة صباحاً إلى ميدان التحرير، حيث أقام الجيش حواجز لتفتيش الداخلين إلى الساحة تفتيشاً دقيقاً، كما شكل المتظاهرون لجاناً أقامت نحو ستة أو سبعة حواجز لمنع دخول أي «متسللين مسلحين»، وتمركز الجيش أيضاً في ميدان الجلاء الذي يبعد أكثر من كيلومتر عن ميدان التحرير حيث أغلق الطريق أمام حركة سير السيارات سامحاً فقط بعبور المشاة.
وفي الميدان رفع يسري وهو موظف في منظمة إغاثة لافتة كتب عليها «من يصنع نصف ثورة يحفر قبره بنفسه»، في إشارة الى ضرورة استمرار الاحتجاجات إلى أن يتم إسقاط نظام مبارك، وقال يسري لفرانس برس: «من يتراجع في نصف الطريق، لن يرحمه النظام وسنواصل التحرك حتى يرحل فوراً».
وفي واشنطن أعلن رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكي الأميرال مايك مولن، مساء الخميس، أن قادة الجيش المصري «أكدوا له مجدداً» أنهم لن يفتحوا النار على المتظاهرين، قبل ساعات من تظاهرة الجمعة.
وقالت الصحفية كريستيان أمانبور، من شبكة ايه بي سي، الأمريكية، إن نائب الرئيس المصري عمر سليمان، أكد لها الخميس حين التقته على هامش مقابلة أجرتها مع الرئيس حسني مبارك في القاهرة «لن نسمح أبداً باللجوء إلى القوة ضد الشعب.