من أخطاء - بل خطايا - ثورة يوليو حذف كل تاريخ مصر من كتب التاريخ.. فتخرجت أجيال وأجيال كثيرة لا تعلم شيئا عما فعله شعب عظيم قاوم كل ألوان الاستعمار.. له زعماء من الصعب تكرارهم.. زعماء لهم بصمات فى التاريخ لا يمكن محوها.
الكارثة الكبرى أن بعض هذه الأجيال كبروا الآن وتولوا مناصب ومراكز مهمة وحساسة!
■ ■ ■
الكارثة أن بعض هؤلاء الشباب الجهلة يحتلون مناصب كبرى بعد مرور كل هذه السنين.. والكارثة الأكبر أن عددا منهم، أصبحوا (قادة الرأى العام)!! لهم (أعمدة) يومية ثابتة فى أكبر الصحف القومية!!.. كارثة!!
- لماذا أكتب هذا الكلام اليوم؟
- لأن هناك حملة من (قادة الرأى العام فى آخر الزمان) يحذرون من تحويل الصحف القومية إلى شركات مساهمة.. وهى صيحة مصطفى أمين حتى آخر عمره.. طبعا معهم حق.. فهم يدافعون عن وجودهم.
فتحول الصحف القومية إلى شركات مساهمة لها أصحاب وحملة أسهم تبغى الربح والانتشار والتأثير فى الرأى العام.. هذا كله يقتضى أن يكون العاملون فى الصحف صحفيين.. بحق.. لا موظفى حكومة.. لا تنابلة سلطان.. لا حاملى مباخر وطبول للسلطة!.. الصحيفة حينما يكون لها صاحب.. سيسهر صاحب رأس المال للصباح ليس فقط حفاظا على ماله وسمعته.. بل ليكون صاحب أعلى توزيع وأكثر إعلانات وأحد قادة الرأى العام بحق الحريصين على البلد.. ويخلد اسمه فى تاريخ البلد.. الصحفيون القدامى أشهر من الملوك ورؤساء الوزارات.. لا ينافسهم سوى كبار فنانى زمان الشهرة وحب الناس..!!
قولوا لى أسماء صحفيين كبار لهم وزنهم ظهروا بعد عام 1962!! وإذا كانت قد صدرت صحف خاصة نجحت توزيعيا فالسبب هو كره وقرف الناس من نفاق الصحف القومية لا أكثر.. حتى إذا وجدت مقالا أو عموداً له رأى حر الآن فى صحيفة قومية فاعلم أنه صحفى قديم من صحفيى زمان.
هل معقول أن تنفق الدولة على 54 إصدارا صحفيا لا يعرف الصحفيون أنفسهم أسماءها!! لا يعرفون سوى أسماء ثلاث أو أربع منها فقط؟؟
قالها يوسف بطرس غالى حينما كان وزيرا للمالية.. قالها فى وجه مبارك وصفوت الشريف.. قال لا يمكن أن أفرض ضرائب وألقيها فى بالوعة بلا قرار!! ثم أغلق دارين الشعب والتعاون رغم أنف صفوت الشريف.. وكان ينوى فى الميزانية التالية أن يغلق باقى الإصدارات عدا الخمسة الكبار: الأهرام والأخبار والجمهورية ودارالهلال وروز اليوسف مع التنبيه عليهم بتوفيق أوضاعهم لأن الدولة لن تساعدهم بعد اليوم.. ونحن الآن فى أشد الحاجة لمثل هذه القرارات.. فهل نفعل؟ يا رب.