x

سمير فريد «فارايتى»: مهرجان القاهرة 2014 بداية جديدة لمصر جديدة سمير فريد الإثنين 01-09-2014 21:19


تصدر «فارايتى»، أهم وأعرق صحف صناعة السينما فى العالم، نشرة يومية فى مهرجان فينسيا. وفى تقرير خاص بتوقيع ديبرا كامين عن مهرجانات الخريف العربية ذكر أن المنطقة سوف تشهد أربعة مهرجانات من أكتوبر إلى ديسمبر تقام بين مهرجان فينسيا فى سبتمبر ومهرجان صاندانس فى يناير، وهى أبوظبى (23 أكتوبر– أول نوفمبر) والقاهرة (9- 18 نوفمبر) ومراكش (5- 13 ديسمبر) ودبى (10- 17ديسمبر).

وعن مهرجان القاهرة جاء فى التقرير أنه المهرجان الأكبر فى الشرق الأوسط، وأن الاضطرابات السياسية حالت دون إقامته عامى 2011 و2013 وإقامة دورة ضعيفة عام 2012، ولكن- حسب نص التقرير- «مصر 2014 تبدو مختلفة على نحو جذرى، وهناك قيادة مختلفة لمهرجان القاهرة مع تولى الناقد سمير فريد الذى تحظى إدارته بالاحترام. الوعد أن يكون مهرجان القاهرة بداية جديدة لمصر جديدة».

فيلا توما

عرض فى البرنامج الموازى «أسبوع النقاد» الفيلم الروائى الطويل «فيلا توما» إخراج سهى عراف وهى فلسطينية من إسرائيل، وذلك بعد الضجة التى أثارها لعرض الفيلم باسم فلسطين، بناءً على طلب مخرجته، رغم أنه فيلم إسرائيلى، وحصل على دعم من عدة جهات إسرائيلية حكومية. وقد نشرت «فارايتى» يوم عرضه تقريراً عن الاحتجاجات الإسرائيلية على عرضه باسم فلسطين تحت عنوان «أزمة هوية».

الواقع أن لكل فيلم فى العالم هوية قانونية هى هوية الشركة منشأ الإنتاج، وهوية ثقافية ترتبط بأسلوب التعبير عن موضوعه، ورؤية هذا الموضوع. والأصل أن ينسب أى فيلم إلى الهوية القانونية، ولكن الوضع الخاص للأفلام الفلسطينية يجعل من حق المخرج أن ينسبه إلى الهوية الثقافية للتأكيد على الهوية الفلسطينية.

وقد دافعنا فى مقالين سابقين على إقامة مهرجان فينسيا عن حق المخرجة فى عرض الفيلم باسم فلسطين، وعن حقها فى الحصول على دعم من جهات إسرائيلية حكومية بحكم أنها من دافعى الضرائب لهذه الحكومة. ولكن تقييم الفيلم ذاته كعمل فنى مسألة أخرى. صحيح أن الهوية القانونية ليست خارج العمل الفنى ولا تنفصل عن الهوية الثقافية، ولكن العلاقة بينهما لا تتضح إلا من داخل الفيلم. وقد جاء «فيلا توما» من دون أى هوية ثقافية لا فلسطينية ولا إسرائيلية، وإنما ميلودراما يمكن أن تدور فى أى مكان أو زمان.

ومن الممكن تفسير الهوية الضائعة للفيلم بأن المخرجة فلسطينية تعيش فى إسرائيل، ولكن هذا لا يبرر افتقاد الهوية. ففى إسرائيل أيضاً عاش أميل حبيبى ومحمود درويش وسميح القاسم، ويعيش محمد بكرى، وفيها نشأ ميشيل خليفى وإيليا سليمان، ومع ذلك عبروا عن الهوية الثقافية الفلسطينية.

سهى عراف سينمائية فلسطينية، ولكنها تعمل فى السينما الإسرائيلية، حيث كتبت السيناريو لفيلمى «العروس السورية» 2004 و«شجرة الليمون» 2008 من إخراج الإسرائيلى عيران ريكليس وهو من أنصار السلام بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى، وأخرجت ثلاثة أفلام قصيرة هى «صباح الخير يا أورشليم» 2004، و«احتفال شاق» 2007، و«نساء حماس» 2010، قبل أن تكتب وتخرج «فيلا توما» أول أفلامها الطويلة.

الصراع فى المجتمع الفلسطينى

كل فريق الفيلم من وراء الكاميرا من السينمائيين الإسرائيليين، وكل فريق التمثيل أمام الكاميرا من السينمائيين الفلسطينيين ما عدا نيكولاس جاكوب فى دور خالد. والفيلم مباراة فى التمثيل بين أولا تابورى (فيوليت) ونسرين فاعور (جولييت) وشيرين دعبس (أنطوانيت) وماريا زريق (بديعة)، فى الأدوار الرئيسية، ويشترك فى المباراة حسين ماجينى (أبوحسين) رغم قصر دوره مثل دور خالد. والمباراة شائقة فى العديد من المشاهد، ولكنها ليست كافية لإضفاء قيمة أكبر للفيلم، خاصة مع أسلوب الإخراج التقليدى الرتيب والخيال المحدود باستثناء مشاهد معدودة.

أولى ملامح الخصوصية الثقافية المكان والزمان الذى تدور فيه الأحداث، وزمان الفيلم غير واضح، هل يدور عقب احتلال الضفة الغربية عقب حرب 1967 أم بعد ذلك، والمكان رام الله، ولكن أغلب الأحداث تدور داخل فيلا توما، ولا نخرج منها إلا فى مشاهد قليلة.

تغادر بديعة دار الأيتام فى إحدى الكنائس وقد اقترب عمرها من عشرين سنة لتعيش مع عماتها فيوليت وجولييت وأنطوانيت فى فيلا توما وحارس الفيلا وراعى الحديقة أبوحسن. وندرك أن استدعاء بديعة إلى الفيلا بغرض أن تتزوج، وأن سبب إيداعها فى دار الأيتام أن والدتها كانت مسلمة تزوجها والدها أنيس الذى توفى مبكراً، ولذلك حكمت العائلة على بديعة بالحياة بعيداً عنها، بل ودفن أنيس فى مقبرة بعيداً عن مقابرها. فالصراع الأساسى فى المجتمع الفلسطينى كما يبدو من الفيلم بين المسلمين والمسيحيين، ويؤكد ذلك قصة الحب التى تربط بين بديعة وخالد أحد سكان مخيم قلنديا، والذى يستشهد فى عملية فدائية ضد الاحتلال ويترك بديعة حاملاً، بل وتحتمل المعالجة أن تكون العمات الثلاث قد اشتركن فى قتل بديعة بعد أن تلد، خاصة أنهن يطلبن من أبوحسين دفنها فى الحديقة، ولكنهن يحتفظن بالمولود.

الفيلم من تأليف وإخراج امرأة، وتمثيل أربع نساء، ولكنه فيلم ذكورى بامتياز، فكل مشكلات النساء فيه مع الرجال سواء فى الماضى أو الحاضر. حقاً لقد جاء «فيلا توما» ضجة بلا طحن.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية