x

أمل السامرائي مسجل خطر أمل السامرائي الأربعاء 12-01-2011 08:00


مازالت التراتيل الحزينة تثير الشجن فى روحى التائهة بين شوق وبُعد، غضبة وهدأة، تمرّد ودمعة، وأصوات صخب وفوضى تداعيات سياسية واقتصادية واشتعال هَوَس جماهيرى فى الجزائر وتونس والسودان والعراق واليمن والصومال تؤججه رياح فكر متطرف وآخر مضاد وهيمنة طيور ظلام على أنظمة وكتل وأحزاب دون ترخيص سماوى، وأسلحة فكر دينية ومذهبية وسلطوية تغتال ما فى الحياة والأوطان من جمال، وبين ألْسِنَة دخان أسود تتصاعد من بركان حدث أهوج، حِمَمهُ أحداق فتنة حمراء تتناثر تحت قدمى وطن عملاق درعه إيمان وجذوره حضارة وأنفاسه صبر جميل، وسهام أعدائه برد وسلام بإذن الله.

وطن زحفت إليه أشباح إرهاب تحاول زعزعة أمنه وتفتيت روابطه وتدجين عقائده، ناسية أنه محاط بمستحيل لم تستطع اجتيازه غزوات واحتلال على مرّ العصور.

أشباح خفية لا تعرف دينا ولا هويّة آدميّة، خلايا مرتزقة تنفذ ما تؤمر به دون أن يطالها رصد أو شكوك تختبئ وراء عدو مباشر مكشوف، معروف حجمه ومقدرته وهدفه وتحركاته، مثل (مسجل خطر) له آلاف الملفّات والقضايا فى دوائر الأمن، فإذا ما سرق لص خفى أحدهم فى أتوبيس أو مكان عام يتواجد به (المسجل) ترى الخفى ينسل مقهقها ساخرا، بينما أصابع الاتهام تتوجه كلّها إلى (المسجل المحترف).

 وهكذا هى اللعبة، خلايا تستغل غفلة الأمن عنها وانشغاله بالعدو المباشر، غالبا ما تكون أذرعة للعدو أو وسيلة مقصودة لتضخيمه وإسباغ القوّة على شيخوخته المتهالكة على مائدة العمالة بعد احتراق أوراقه وافتضاح أمره، والأمثلة على مثل تلك المنظمات الإرهابية كثيرة. فتكون مهمّة الوصول إلى تلك الخلايا الخفيّة وكشفها حذرة وحسّاسة ودقيقة لما يتبعها من ردود أفعال ومفاجآت.

يذكرنى ذلك بمثل عراقى ريفى كان يتبعه بعض رؤساء سابقين كوسيلة للتخلص من المتربصين بالحكم يقول (إذا أردت الخلاص من الأفعى، فاغمر مخبأها بالماء، فإن خرجت لتشرب، انقضّ عليها قبل أن تنقض عليك وأنت غافل).

أمّا بدو الصحراء، فقد تكونت عندهم الخبرة والدراية والحذر من أخطار الحيوانات والزواحف الفتاكة من خلال معاشرتهم الطبيعة القاسية وما تحمله من أخطار. مما جعلهم خبراء فى معرفة أثر ومكان وجحر وعمر ونوع وخطر كلّ حيوان.

فهم يعرفون أن العقارب والثعابين لا تخرجها إلا الحرارة.. والجحور عندنا كثيرة، والسخونة مازالت تعتمل دهشة وألما فى النفوس، والزواحف لابد لها من مغادرة المخابئ ليؤدى كلٌّ ما يناط به من مهمة وغاية من مموّل، كما حدث فى العراق عندما فجّر الاحتلال (ديناميتات الفتنة) لتخرج أشباح الإرهاب تفجر مسجدا وكنيسة هنا، وحفل زفاف وطابور خبز هناك.

 لكن مصر ليست العراق كما ذكر العالم الدكتور «فاروق الباز» فى مقال له، وكما يعرف معظم العامّة ذلك،لا بجغرافيتها ولا «ديموغرافيتها»، فالعراق يضمّ عشرات الطوائف والأعراق والعقائد والديانات والأيديولوجيات والعشائر.

أما مصر «فديموغرافيتها» نسيج حريرى مطرّز بمسلمين وأقباط، هذا لذاك، وذاك لهذا، متوحدين بذاتِ وطن، تراهم واحدا أمام الكوارث والنكبات. لذلك تستطيع الأجهزة الأمنية التى هى مضرب للأمثال فى كشف أصعب الجرائم أن تضع أمامها خارطة الأحداث، متفرغة لحفظ أمن وطن وشعب، مسلِّطة ضوءها الساطع إلى ما وراء الحدث، تنفذ إلى المخابئ بعينى ذلك البدوى وخبرته فى تحديد عمر الجحور وهوية ساكنيها ومدى خطورتهم وكثافة سمومهم ليسهل عليها الانقضاض على تلك الزواحف الخفية.

على ألا يتجاهل النظام تكاتفه مع الشعب والمؤسسات الأمنية فى مواجهة طوفان وبركان، إذا ما زحفا، فلا مفرّ لشعب ونظام من فتكهما، فالكوارث تطوى الجميع إذا ما حلّت كفانا الله شرّها. كذلك الخير والأمان والرخاء إذا ما عمّ، فهو للجميع..

فمتى يعبّد الطريق بين الإخوة والنظام بالرضا والمحبّة والتواضع؟

ومتى يُطَهّر الإعلام من تلوث الفتنة؟ متى يعى المواطن أن الوطن للجميع والدين لله؟ ومتى يحمل رجال الدين من الطائفتين مسؤولية أمّة؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية