«سيدة القاعدة» «بنت الأمة».. ألقاب حصلت عليها عافية صديقي، العالمة الباكستانية التي تمضي عقوبة السجن لمدة 86 سنة في ولاية تكساس الأمريكية، والتي طالبت عدة تنظيمات متطرفة بالإفراج عنها مقابل إطلاق سراح رهائن أمريكيين لديهم، وكان آخرها «داعش» الذي طالب بالإفراج عنها مقابل إطلاق سراح الصحفي الأمريكي جيمس فولي.
وتمثل حياة عافية صديقي لغزاً لوسائل الإعلام، فهي تحمل شهادة دكتوراه، ومتخصصة في علوم الأعصاب، وهو تخصص نادر، وتخرجت في جامعة أمريكية، وعاشت في الولايات المتحدة لمدة عقد من الزمن، ثم اختفت عن الأنظار لمدة 5 سنوات، وحينما ظهرت تمت إدانتها بالإرهاب.
ولدت صديقي في كراتشي، لأب جراح أعصاب، وأم ذات مكانة مرموقة في الأوساط الدينية والسياسية في البلاد، ما أهلها لتكون عضوا في البرلمان الباكستاني، كما أن شقيقتها طبيبة أعصاب أيضاً، وتخرجت في جامعة «جونز هوبكنز»، وتدربت في جامعة «هارفارد» الأمريكية، قبل عودتها إلى باكستان.
وفي تسعينيات القرن الماضي ذهبت عافية إلى الولايات المتحدة للدراسة، والتحقت بجامعة «نيو إنجلاند»، ثم حصلت على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة «برانديز» عام 2001، وتدربت بعدها في معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا، وهو أحد المعاهد المرموقة في العالم، وتزوجت من طبيب تخدير باكستاني، وأنجبت 3 أبناء.
وفي مايو 2002 عادت عافية وأسرتها إلى باكستان، لتنفصل عن زوجها، بعد 3 أشهر، والذي اتهمها، في تصريحات لصحف باكستانية، بأنها «عنيفة وآراؤها متطرفة، وأنه يشتبه في تورطها في أنشطة جهادية».
وفي يوم رأس السنة الميلادية عام 2002، عادت صديقي إلى الولايات المتحدة مرة أخرى في رحلة لمدة 10 أيام، وذلك للبحث عن وظيفة في المجال الأكاديمي، ولكن بحسب صحيفة "نيويورك بوست"، الأمريكية، فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي يقول إن «رحلتها كانت مرتبطة بأنشطة تنظيم القاعدة، حيث فتحت صندوق بريد باسم مجيد خان، وهو أحد أعضاء تنظيم القاعدة».
وفي عام 2003، تزوجت صديقي من عمار البلوشي، ابن شقيق خالد شيخ محمد، الذي تتهمه الولايات المتحدة بأنه العقل المدبر لتنظيم القاعدة في كراتشي، والمخطط لهجمات 11 سبتمبر 2001، والذي ذكر اسمها خلال التحقيق معه، ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إلى وضعها على رأس قائمة أخطر الإرهابيين المطلوبين في عام 2004.
وبعد فترة وجيزة من الزواج، اختفت صديقي بشكل مفاجئ، وبعد 5 سنوات، ألقت الشرطة، في أفغانستان، القبض عليها بتهمة الشروع في قتل جنود أمريكيين، وقالت الشرطة حينها إنها عثرت على العديد من الوثائق بحوزتها عن كيفية صنع المتفجرات والأسلحة الكيميائية والقنابل، فضلاً عن مخططات لهجمات جماعية على بعض معالم نيويورك بما في ذلك مبنى «إمباير ستيت» الشهير، ومنطقة «وول ستريت» المالية، وجسر «بروكلين».
وبعد محاكمة استمرت لمدة أسبوعين، في الولايات المتحدة، في عام 2010، تمت إدانة صديقي بجميع التهم الموجهة إليها، والتي منها الشروع في القتل والاعتداء المسلح على ضباط أمريكيين، وحكم عليها بقضاء 86 عاماً في السجن.
وحسب عدة وسائل إعلام أجنبية، فإن صديقي تعد من أبرز الوجوه النسائية في «القاعدة»، ورغم أنها لم تعرف شهرة إعلامية تضاهي شهرة رجال التنظيم، فإنها حظيت باهتمام كبير من قِبَل المخابرات وأجهزة مكافحة الإرهاب الأمريكية منذ 2003.
وتؤكد أسرة صديقي أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن خطفها لمدة 5 سنوات، ولكن لا توجد أى أدلة حتى الآن عن مكان تواجدها خلال هذه السنوات الخمس، واندلعت مظاهرات عديدة في باكستان منذ وقت المحاكمة، تطالب بالإفراج عن العالمة الباكستانية، ومنذ ذلك الحين باتت معروفة في كل بيت في باكستان، والآن تُعرف باسم بنت الأمة، رغم أن قصتها ذهبت إلى ما وراء الحدود الباكستانية.