شهدت جلسات اليوم الثانى من مفاوضات سد النهضة الإثيوبى، أمس، بمشاركة وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا، و54 عضوا بالوفود الثلاثة، بالعاصمة السودانية الخرطوم، محاولات من الجانب السودانى لتقريب وجهات النظر حول النقاط الخلافية بين «القاهرة وأديس أبابا»، حول شروط المرجعية لعمل اللجنة الفنية الثلاثية المسؤولة عن تنفيذ توصيات اللجنة الدولية لتقييم آثار السد.
فيما كشفت مصادر مشاركة فى الاجتماعات عن حدوث «انفراجة» فى المفاوضات، سيتم الإعلان عنها فى البيان الختامى المقرر أن يلقيه السفير معتز موسى، وزير الموارد المائية والكهرباء السودانى، بحضور الوفود الثلاثة. وعقد «موسى» اجتماعا ثلاثيا مع الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى المصرى، ونظيره الإثيوبى اليماهو تيجنو، فى القاعة الرئيسية لفندق روتانا السلام، استغرق أكثر من 90 دقيقة.
ووصف السفير أسامة شلتوت، سفير مصر بالخرطوم، الاجتماعات الحالية بأنها الأفضل مقارنة بالجولات السابقة من المفاوضات، بينما أكدت مصادر سودانية مشاركة فى المفاوضات أن الوفود الثلاثة لديها صلاحيات مطلقة لإدارة المفاوضات وحل النقاط العالقة بين القاهرة وأديس أبابا حول تشكيل اللجنة الفنية الثلاثية، بعد الاتصالات التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس السودانى عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ماريام دياسيلين، على هامش القمة الأفريقية بملابو فى غينيا الاستوائية.
وشكل وزراء الدول الثلاث لجنة فنية تولت صياغة مسودة الاتفاق النهائى وفق رؤية الوزراء التى تم تحديدها، أمس، وعكف أعضاء اللجنة، خلال اجتماعهم المغلق، على وضع نقاط الاتفاق فى المسودة، وتحديدا المتعلقة بالدراسات الفنية المطلوب استكمالها، وأوصت بها اللجنة الدولية للخبراء، فى تقريرها النهائى، الصادر فى مايو قبل الماضى.
كما عكف الخبراء من الدول الثلاث، خلال جلسات اليوم الثانى، على تحديد مهام اللجنة الوطنية وآليات عملها، وتحديد عدد أعضائها من كل دولة، وآليات اختيار المكتب الهندسى العالمى الذى سيوكل إليه تنفيذ تلك التوصيات.
وأكدت مصادر سودانية مشاركة فى الاجتماع اتفاق الوزراء الثلاثة على أن يكون الرأى النهائى للمكتب الاستشارى «إلزاميا» للحكومات، وهو الأمر الذى فسره البعض بأن تلك النتائج ستكون فارقة فى الخلافات بين مصر وإثيوبيا، وستغير مسار عملية بناء السد، خاصة المتعلق منها بأبعاده وحجم المياه التى سيخزنها أمامه وسنوات ملء البحيرة، كما أن الاستشارى الدولى سيحدد مدة عمل الدراسات الثلاث المتعلقة بهيدروليكا المياه «تشمل قواعد التشغيل والملء والتفريغ ومعدلات الأمان» والبيئة والآثار الاجتماعية والاقتصادية.
وعقد الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى، أمس، اجتماعا تحضيريا مع أعضاء الوفد المصرى الـ23 لمراجعة المناقشات التى تمت على مدار اليومين والأفكار التى تمت صياغتها، لوضع مجموعة من السيناريوهات للمناقشات التى دارت على مدى يومين لتضمينها فى البيان الختامى للوزراء الثلاثة.
وكان وزير الموارد المائية والطاقة السودانى قد أقام مأدبة عشاء، مساء أمس الأول، عقب انتهاء الاجتماعات المغلقة، لأعضاء وفود الدول الثلاث بفندق «الفاتح» الذى يبعد عن مقر الاجتماعات حوالى نصف الساعة.
وجدد الدكتور حسام مغازى تأكيده أن المفاوضات الحالية حول نهر النيل وسد النهضة ستقدم مثالا للعالم أجمع على أن المياه تعد حافزاً للتعاون وليست مصدراً للصراع، وأن نتائج هذه المفاوضات تساعد الدول الثلاث فى وضع أرضية مشتركة لحقبة جديدة من التعاون بين الدول الثلاث يكون منها الخير للجميع، ويمكن أن يكون المشروع نواة للتعاون الاستراتيجى بين بلادنا بدلاً من أن يكون مصدراً للتوتر، ويكون نموذجاً يحتذى به فى الموضوعات المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود.
فيما أعرب وزير الموارد المائية والطاقة الإثيوبى اليماهو تيجنو عن استعداد بلاده لتعزيز التعاون الحقيقى والبناء بين مصر والسودان وإثيوبيا، مشيرا إلى أن المفاوضات الحالية هى فرصة لتطوير التعاون مع الشقيقتين مصر والسودان لصالح شعوب الدول الثلاث ودول حوض النيل.
من جانبه، جدد السفير معتز موسى، وزير الموارد المائية والكهرباء السودانى، دعوته إلى ضرورة تعزيز مبادئ حسن الجوار بين مصر والسودان وإثيوبيا للاستفادة من مياه النيل لتحقيق مصالح شعوب الدول الثلاث، دون إلحاق أى ضرر بأى دولة، لضمان إحداث التنمية الإقليمية وإعادة تحديد أولويات تقاسم الفوائد من النيل من خلال الاحترام المتبادل بين الدول الثلاث، وأن التفاوض هو الطريق الوحيد لحل الخلافات.
وشدد «موسى» على ضرورة التركيز على مصالح الدول الثلاث وتوافر حسن النية لدى جميع الأطراف للمساعدة لحل أى خلافات قد تطرأ فى المستقبل، مشيرا إلى تطلع بلاده إلى تعاون شامل لحل القضايا الخلافية بروح من التعاون بدلا من انعدام الثقة، ولافتا إلى أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تمر بها الدول الثلاث تمثل فرصة لحل هذه الخلافات وإحداث تعاون مزدهر.