فى بلاد الخواجات يتعاملون مع الأزمات والكوارث الطارئة بطريقة عملية علمية واعية.. فيعينون وزيراً خصيصاً للتعامل مع الأزمة والكارثة.. وزيراً مؤقتاً تنتهى مهمته بانتهاء الأزمة.. وما إن يحدث انهيار جليدى.. أو حريق بالغابات أو فيضان غير متوقع أو تراكم هائل للثلوج يهدد المساكن والمواصلات.. حتى يكلفوا الوزير الجديد والمؤقت بالملف الطارئ.. وزيراً له كل صلاحيات رئيس الحكومة.. وزيراً بلا مكتب أو حراسة وشيروكى.. وزيراً يقيم بالشارع يكلف الوزراء والمختصين بمهام محددة!
وهل عندك فى مصر كارثة أفدح من كارثة الزبالة لنكلف لها وزيرا يتولى التعامل معها؟.. وله جميع الصلاحيات للقضاء عليها قضاء مبرما.. لو كنا نفكر حقا فى استعادة مواقعنا القديمة على خريطة السياحة العالمية.. ناهيك عن صحة المواطن الغلبان وغير الغلبان.
لا تقل لى إن عندنا وزيراً للبيئة.. كان الله فى عونه.. هو وزير بلا صلاحيات.. حاجة كده لزوم الديكور الوزارى.. هو لا يستطيع ولا يملك أن يحرك كرسيا من مطرحه.. طيب عندنا 20 ألف مصنع رصاص فى شقق مفروشة وسط مساكن «خلف الله».. وعندنا 100 ألف مصنع جير تتجاور مع الحدائق والبيوت.. وعندنا 80 ألف مسبك بجوار المدارس والمستشفيات.. وعندنا كام ألف فاخورة لزوم صناعة الفخار.. ونملك كام مليون سيارة خربانة تعمل كمصانع متنقلة لإنتاج الهباب وثانى أكسيد الكربون.. ومع هذا لا تحرك شهية وزير البيئة للعمل الحقيقى.. هو لا يملك صلاحيات أو ضبطية أو قوانين رادعة تسانده.. فدعك إذن من وزير البيئة المشغول لشوشته فى محاولة حل لفزورة الدخان وحرق قش الأرز!
نحن نحتاج إذن لوزير متفرغ للتعامل مع مشكلة الزبالة.. وزير دولة لشؤون الزبالة نعطيه مهلة محددة بصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ورئيس البرلمان أيضا.. ليتولى حل المشكلة حلا جذريا.. وأقطع ذراعى أنه سوف ينجح بامتياز.. لأنه سوف يتعامل من أرض الواقع.. سوف يعسكر فى الشارع حتى تنتهى الأزمة المخجلة.. وأتصور أنه سيأمر فورا بتعيين كام ألف زبال على ورديات ثلاث.. وسوف يسلمهم مقشات ومقاطف.. وسوف يعين لهم ملاحظين كأيام زمان.. يمرون بالدراجة على الكناسين يراقبون ويعاقبون.. الملاحظ زمان كان يمر بالشوارع ويكتب كشفا تفصيلياً بالحفر والمطبات والأرصفة المكسورة.. فتأتى سيارة البلدية فى اليوم التالى لإصلاح ما أورده الملاحظ فى تقريره.. ويأتى وابور الزلط لرصف ما تم إصلاحه.. عملية بسيطة وغير معقدة.. ولا أعرف من أفتى ذات يوم بإلغاء البلدية التى كانت تحافظ على نظافة المدن وتتولى الإصلاح والرش وزراعة الحدائق!!
الوزير الجديد سوف يأمر فورا بإعادة البلدية لتباشر سابق أعمالها التى ألغيت!
وفى جميع بلاد الدنيا هناك أساليب ووسائل محترمة للتعامل مع الزبالة والمخلفات.. ليس من بينها الأسلوب المصرى المعتمد على الفرز اليدوى.. ثم إحراق المتبقى فى مخالفة صريحة لتعاليم ثقب الأوزون.. والضمير والواجب والأصول والوقاية التى هى أحسن من العلاج تدعو لإقامة مصانع محترمة وعصرية للتعامل مع الزبالة والمخلفات.. وهو مشروع يدّر ذهباً من عيار «24 قيراط» على جيوب أصحابه من مليونيرات وأصحاب شركات النظافة الجدد.. والذين هم مهندسون ولواءات ودكاترة.. اجتذبهم الربح الفاحش من مقاولات الزبالة..!
ووالله العظيم إن التخلص من الزبالة هو مشروع قومى حضارى من طراز أول.. وليس هناك أكثر واقعية من عودة زبال البيوت الذى اختفى بفعل المؤامرة.. التى دبرها بعض رجال الحكم من المحظوظين لإنشاء شركات لجمع القمامة تحمل اسما أجنبياً.. وتمارس النصب العلنى.. لا هى رفعت الزبالة من الشوارع والبيوت.. ولا هى تركتنا فى حالنا وتجرجرنا للمحاكم بحجة أننا أخللنا بشروط التعاقد معها.. مع أنها أخلت فى البداية عندما تقاعست عن العمل.
أقول إن عودة زبال البيوت هى البداية.. يمر يومياً لجمع المخلفات.. ندفع له من جيوبنا عن طيب خاطر.. بدلا من تلك الإتاوة ندفعها شهرياً شركات الكهرباء التى نوردها لأصحاب شركات النظافة المحظوظين.
النظافة من الإيمان.. ونظافة المدن المصرية واجب مقدس.. وليس هناك أجمل من عودة كناس زمان، يتولى كنس الشوارع وجمع المخلفات ليتم تدويرها فى مصانع تدّر ذهباً.. ولن يتم كل هذا إلا من خلال حضرة وزير شؤون الزبالة الذى لو نجح فى التجربة الرائدة سنعممها.. ونعين وزيرا للمرور ووزيرا للمخابز ووزيرا لأنبوبة البوتاجاز.. أما الوزراء الحاليون فنحتفظ بهم فى مكان أمين لا يغادرونه قبل حل مشاكل مصر التى تحتاج لوزراء بحق وحقيقى..!