«جلاد الحراس» لقب بات يلاصق العديد من المهاجمين أصحاب الغزارة التهديفية العالية، ولكن في الأونة الأخيرة بزغ لقب آخر يمكن إطلاقه على المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، ألا وهو «محطم الحراس»، فبعد الخلافات الكبيرة التي نشبت بينه وبين إيكر كاسياس أثناء قيادته الجهاز الفني للملكي، والتي أثرت بشكل كبير على مستواه، كما ظهر بكأس العالم الأخيرة، جاء الدور على الحارس العملاق بيتر تشيك، فهل يصبح «تشيك» ثاني ضحايا «السبيشيال وان»؟
بدأت الخلافات تظهر في الأفق بين «تشيك» و«مورينيو» بعد استبعاد الأخير للحارس المخضرم من التشكيلة الأساسية لمباراة بيرنلي في الجولة الأولى للبريميرليج، ودفع بالشاب تيبو كورتوا بدلا منه، مما جعل إمكانية فقدان تشيك مكانه كحارس أساسي للبلوز باتت واردة بشكل كبير، بعد أن ظل حارسا لعرين الأسود لمدة 10 سنوات متواصلة.
يحكي الحارس الدولي التشيكي بيتر تشيك عن أول مباراة رسمية لعبها مع تشيلسي عام 2004 وكانت أمام مانشستر يونايتد، متذكرا هتافات الجماهير للحارس الأساسي حينها كوديتشيني «كارلو كارلو»، والذي كان أفضل حارس بالدوري الإنجليزي حينها، ما أظهر عدم سعادتهم لأخذي مكانه كحارس أساسي في مباراة كهذه.
وتابع «تشيك»، في تصريحات لـ«دايلي ميل»: «في هذه المباراة التي لُعبت في 15 أغسطس أمام مانشستر يونايتد لم يستطع (الشياطين الحمر) إحراز أى أهداف، كما نجحت أيضا في الحفاظ على نظافة شباكي بلا أهداف لـ158 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ قدومي من رين قبل عقد من الزمان».
يذكر أن بيتر تشيك حافظ على نظافة شباكه في 161 مباراة في البريميرليج، ولكنه أثناء حديثه لم يحتسب الـ3 مباريات التي تم استبداله فيها للإصابة، وذلك يوضح النزاهة العالية التي يتمتع بها هذا الحارس.
على الجانب الآخر، كانت الخلافات بين الحارس الدولي الإسباني إيكر كاسياس ومورينيو كبيرة ومستمرة طوال فترة تولي الأخير مسؤولية الريـال، وذلك بعد استبعاد «القديس» لفترات كبيرة جدا من التشكيلة الأساسية، ما دفع الجماهير للاستياء من «مورينيو» الذي عقب على هذه الأزمة، قائلا: «إذا أطلقت الجماهير صافراتها ضدي بسبب قرار وضع كاسياس على مقاعد البدلاء، فلا بأس. وإذا كانت الصافرات للأداء السيئ من الفريق، فأنا أتقبله.. من الرائع أن تطلق الجماهير صافراتها عند سماع اسمي وأن يساعدوا الفريق مثلما يفعلون».
وعلى الرغم من الأداء السيئ الذي قدمه بديل كاسياس الحارس آدان، إلا أن مورينيو كان يصر على استبعاد الأول، ثم جاءت الإصابة التي لحقت بـ«القديس»، مطلع منتصف الموسم قبل الماضي، لتقضي على حظوظه للوجود بالتشكيل الأساسي، ودفع ذلك إدارة النادي للتعاقد مع حارس إشبيلية دييجو لوبيز الذي تألق بشدة وأصبح الخيار الأول لـ«مورينيو».
وجه «السبيشيال وان» في أعقاب ذلك تصريحا ناريا لـ«كاسياس» زاد الأمور بينهما تعقيدا، قائلا: «المشاكل توجد عندما يعتقد شخص أنه أعلى من الجميع.. ليست لدى أى مشكلة مع اللاعبين الذين يشعرون بأنهم على نفس المستوى».
وتابع: «إذا عاد بي الزمن وجئت منذ 3 سنوات كنت سأصبح أكثر مطالبة وإلحاحا في طلب التعاقد مع دييجو لوبيز في موسمي الأول، لقد طلبته ولكنهم رفضوا وأنا لم أكن بالإلحاح الكافي لهذا الطلب.. وهو ما آسف له».
وأردف: «هناك لاعبون كبار جلسوا على مقاعد البدلاء، منهم جون تيري وواين روني، وهذا لا يخلق مشكلة بين المدرب واللاعب، ومن يغضب من هذا الأمر فهي مشكلته الشخصية، لأن الاختيارات تكون للأكثر جدارة وجاهزية للمشاركة».
نعود إلى لندن وأزمة «تشيك» مع «مورينيو»، والذي لم يكن استبعاده عن التشكيل الأساسي مشكلة اللاعب، ولكن المعاملة الصامتة كانت مشكلته الأكبر، كما وصفها «بيتر»، فقد أعلن «مو» التشكيل الذي سيخوض أول مباراة في الدوري أمام بيرنلي قبل المباراة بساعة واحدة ودون الحديث مع اللاعب، ما أغضب الحارس بشدة، وجعله يفكر في الرحيل.
المدير الفني المثير للجدل صرح في وقت لاحق بأنه وضع «مستقبل النادي» نصب عينيه عندما قرر جعل الحارس تيبو كورتوا حارسًا أساسيًا للفريق على حساب بيتر تشيك في مباراة الفريق أمام بيرنلي في افتتاح الدوري، معربًا في الوقت نفسه عن رغبته في بقاء الحارس التشيكي، هذا في نفس الوقت الذي تعاقد فيه مع المهاجم الإيفواري دروجبا صاحب الـ36 عاما.
تشيك صاحب الـ32 عاما أنهى موسمه الماضي بشكل رائع، حيث قاد تشيلسي للحصول على لقب أفضل دفاع في البريميرليج بعد دخول 27 هدفا فقط في شباكه، ولكن في المقابل علينا أيضا ألا نتجاهل أن كورتوا، صاحب الـ22 عاما، قاد أتليتكو مدريد إلى بطولة «الليجا» بأفضل دفاع بعد تلقيه 27 هدفا فقط، والآن بعد عودته للبلوز من الإعارة أصبحت المنافسة قوية جدا بين الحارسين.
فيما بعد جاء الحسم لـ«مورينيو» بعد إعلان نيته إشراك كورتوا أساسيا الفترة القادمة، ما سيضع الحارس المخضرم الحاصل على ثلاثة ألقاب للدوري مع الفريق ودوري أبطال أوروبا وبطولة الدوري الأوروبي في حرج شديد، لأنه لن يكون في التشكيلة الأساسية للفريق قبل سبتمبر القادم في كأس رابطة الأندية الإنجليزية، ذلك على الرغم من تأكيد مورينيو مرارا وتكرارا أنه لا يريد لـ«تشيك» أن يرحل وأنه سعيد بوجود حارسين من أفضل الحراس في العالم في صفوف فريقه، مشددا على أن «تشيك» إذا أراد الرحيل فلن يقف في طريق رغبته، فيما ألمح أيضا بعد مباراة ببيرنلي على وجود بعض العروض، ولكن «تشيك» ما زال مترددا، منهيا حديثه بأن سواء «تشيك» مكث في الفريق أو غادر فإنه سيظل رمزا كبيرا للنادي، لن تنساه الجماهير.
في النهاية لم يتم حسم هذه الأزمة القائمة بين مورينيو وتشيك، فاللاعب هو صاحب القرار في النهاية، فإما أن يرحل منهيا مسيرة كبيرة استمرت عقدا من الزمان مع الفريق، أو يظل حبيسا لدكة البدلاء مسلما بالأمر الواقع، وبالطبع ذلك سيؤثر على مستواه ومن الممكن أن يؤثر على حالته النفسية، ويواجه نفس مصير إيكر كاسياس، أما مورينيو فيظل تعامله مع الحراس الكبار «لغزا»، فأحيانا ترى مبرراته منطقية وفي أحيان أخرى ترى أنه يفعل عكس ما قاله وكأنه يسعى لإثارة الجدل بشكل متواصل، ما يجعله يستحق لقب «السبشيال وان»، فلا يمكن لشخص أن يحطم حارسين مثل كاسياس وتشيك ويبعدهم عن التشكيلة الأساسية لأى فريق في العالم سوى شخص مميز جدا مثل «المو».