يكشف التحقيق التالى الذى أجرته «المصرى اليوم» عن أن هذه المعارك جميعها كانت تدور بينما تتوقف الولايات المتحدة عن إمداد مصر بالمعونة الاقتصادية (المشروعات التنموية للقطاعات الحكومية) منذ ثورة 25 يناير 2011، فى حين استمر الدعم العسكرى دون توقف حتى الأشهر القليلة التى تلت إزاحة محمد مرسى عن السلطة.
لم يصدر قرار من الكونجرس بتجميد المعونة أو قطعها، كما لم يصدر عن الحكومة المصرية طلب بوقفها، رغم التلويح بذلك مرارًا، وإطلاق حملة خاصة برعاية من المجلس العسكرى قادها الداعية السلفى محمد حسان لجمع أموال من المواطنين، تمهيدًا للمطالبة بقطع المعونة بدعوى محاولات الولايات المتحدة التدخل فى الشأن الداخلى عبرها.
خلال زيارته للقاهرة الأسبوع الجارى، أعلن عيسى عن تخصيص نصف مليار دولار من ميزانية الولايات المتحدة هذا العام كمساعدات عسكرية لمصر، بالإضافة لمليار دولار أخرى تتلقاها مصر كمعونات عسكرية من موازنة العام المقبل. الأمر الذى يطرح أسئلة عن مصير المساعدات الاقتصادية خلال الفترة الماضية، هذا التوقف الفعلى فى تلقى المعونات الاقتصادية لم تتوقف الحوارات بشأنه داخل أروقة الكونجرس، كان آخرها اقتراح اللجنة الفرعية للمخصصات الخارجية داخل مجلس الشيوخ الأمريكى (المسؤولة عن المنح والقروض) قرب نهاية شهر يونيو الماضى- مشروع قانون جديد، يتضمن اقتطاع 26 % من مخصصات المساعدات التى تتلقاها مصر سنويًا من الولايات المتحدة، بقيمة 400 مليون دولار بدءًا من عام 2015، وتضمن المقترح تقليل قيمة المعونة الاقتصادية «غير العسكرية» التى تتلقاها مصر من 250 إلى 150 مليون دولار، تحت قائمة أسباب منها: عدم التزام مصر بالمسار الديمقراطى وحماية حقوق الإنسان، بالإضافة لضغوط اقتصادية تتعلق بالميزانية «الأمريكية».
قامت «المصرى اليوم» على مدار الأسابيع الماضية بتحليل التقارير الصادرة عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المسؤولة عن إنفاق قيمة المعونة، من خلال مراجعة عدد من المشاريع المشتركة بين الوكالة والحكومة المصرية خلال السنوات الماضية، وتقارير مركز خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكى ووزارة الدولة للتعاون الدولى، وعلمت «المصرى اليوم» أن الوكالة لم توقع أى اتفاقيات تنموية جديدة مع الحكومة المصرية خلال عامى 2013 و2014، أو خلال عهد المجلس العسكرى بعد ثورة 25 يناير خلال عام 2012. كما لم يجر الاتفاق على أى مشروعات مشتركة مع الجهات الحكومية للتدريب والتأهيل أو تطوير البنى التحتية.
يعتمد برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر على الشراكة مع القطاعات الحكومية وتقديم المساعدات الاقتصادية فى هيئة مشاريع، يتم الاتفاق عليها وتتولى الوكالة تنفيذها والإشراف عليها بالمشاركة مع الحكومة المصرية، ولا تقدم الوكالة أموالا مباشرة أوقروضا، خلافًا لطبيعة تعامل الهيئة مع منظمات المجتمع المدنى التى تمنحها الوكالة الأمريكية للتنمية أموالا مباشرة.
تظهر البيانات الصادرة عن وزارة التعاون الدولى أن آخر اتفاق تم توقيعه بين وزارة التعاون الدولى والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كان بقيمة 450 مليون دولار (القيمة السنوية للمساعدات 250 مليون دولار فقط)، وُقِّع الاتفاق فى مارس 2013 تحت مسمى «اتفاقية التحويلات النقدية» فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى، وصرح السفير أشرف العربى، وزير التخطيط الحالى ووزير الدولة للتعاون الدولى سابقًا، بأن الاتفاقية تتضمن تسليم مصر مبلغ 190 مليون دولار كشريحة أولى من المنحة الأمريكية المقررة وذلك ضمن حزمة مساعدات ترتبط بحصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى المنتظر والبالغة قيمته 4.8 مليار دولار. ولم تحصل مصر على تلك الأموال نظرًا لأنها لم توقع على الاتفاقية الخاصة بالقرض بعد.
من جانبه يؤكد ستيفين كليمز رئيس تحرير دورية «ذى أتلانتيك» الأمريكية، مدير برنامج الاستراتيجية الأمريكية فى معهد أمريكا الجديدة، أنه لا يوجد قرار رسمى من الكونجرس الأمريكى يختص بإيقاف المساعدات الاقتصادية لمصر، وأن كل المناقشات والقرارات التى صدرت تعلقت بالمساعدات العسكرية. مرجحًا، فى إجابات لأسئلة طرحتها «المصرى اليوم» عبر البريد الإلكترونى، أن تكون المشاريع على قائمة الانتظار «waiting list» خلال العامين الماضيين، على خلفية الاضطرابات السياسية الكبرى التى شهدتها فترة تولى الرئيس الأسبق محمد مرسى لرئاسة الجمهورية، بالإضافة للتغييرات السياسية العنيفة التى صاحبت إنهاء حكمه، ثم تولى قائد المؤسسة العسكرية للسلطة، وهو ما جعل منح مصر مساعدات عسكرية واقتصادية فى ظل «إنهاء جيشها حكم السلطة المنتخبة أمرًا غير مقبول أو مريح».
«المصرى اليوم» خاطبت وزارة التعاون الدولى لترد على الاستفسارات المتعلقة بعدم تخصيص المعونة الأمريكية أموالا جديدة للأنشطة فى القطاعات الحكومية الممولة من برنامج المساعدات الاقتصادية خلال العامين الماضيين، رغم عدم وجود قرار رسمى من الكونجرس بتجميدها أو استقطاع جزء منها، أو طلب من الحكومة المصرية بإيقافها. أرسلت وزارة التعاون الدولى ردًا رسميًا مذيلاً بتوقيع «الإدارة المركزية للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية»، أكدت فيه ما توصل له التحقيق، وجاء فى رد الوزارة أن «إنفاق المعونة الاقتصادية الممنوحة من الحكومة الأمريكية فى العامين 2013 – 2012 تأثر بالأحداث التى مرت بها البلاد، وبالعوامل السياسية والضغوط من الكونجرس والإدارة الأمريكية، وتلك المعونات مجموعها 500 مليون دولار».
وأوضحت الإدارة فى الرد الرسمى أنه منذ ثورة 25 يناير 2011 طلبت مصر إسقاط الديون الاقتصادية أو مبادلتها، إلا أن تلك المطالبات لم تلق استجابة من الجانب الأمريكى، وتأثر ملف المساعدات فى مصر بقضية التمويل الأجنبى التى صدر على خلفيتها أحكام بالسجن للعديد من الموظفين الأمريكيين والأوروبيين فى منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مصر، بعد اقتحام الشرطتين المدنية والعسكرية مقار تلك المنظمات، كما تأثرت المساعدات بموقف الولايات المتحدة الأمريكية الفاحص لثورة 30 يونيو.
ويتلخص دور وزارة التعاون الدولى فى تولى إدارة برامج مساعدات التنمية التى تحصل عليها مصر، ومتابعة تنفيذها وإزالة العقبات فى حالة حدوثها، وتمثل الوزارة الحكومة المصرية فى التنسيق مع هيئة المعونة.
وعن التأثير المحتمل على الاقتراح المتوقع من مجلس الشيوخ الأمريكى بخفض قيمة المعونة الاقتصادية إلى 200 مليون دولار فقط، أكدت الوزارة أن مبلغ المعونة الاقتصادية يشكل قيمة معنوية أكثر منها مادية، فهو دليل على استمرار دعم الولايات المتحدة لمصر وتمسكها بروابط الصداقة المصرية الأمريكية، لذلك فإن أى خفض فى المبلغ المخصص لمصر لن يشكل تأثيرا حقيقيًا على الاقتصاد.
من جانبه يرجع ستيفين كليمنز تخفيض قيمة المعونة الاقتصادية من 250 مليونا إلى 200 مليون دولار بدءا من العام المقبل، لاقتراح من مجلس الشيوخ الأمريكى لم يتم إقراره أو التصويت عليه حتى كتابة التحقيق. ويرجح أن هذا التخفيض يعود إلى خيبة الأمل فى الحكومة المصرية بسبب سياساتها غير الداعمة للحريات وحقوق الأقليات، «وأن مصر ليست على مسار الديمقراطية». كما يعود التخفيض إلى القيود المفروضة على الميزانية الأمريكية والتى تستدعى تقليص الإنفاق، وكذلك رغبة واهتمام الإدارة الأمريكية بتوجيه المساعدات تجاه دول أخرى تحتاج هذه الأموال بشكل أكبر كدول أمريكا اللاتينية، لقناعة الولايات المتحدة بأن هذه الأموال سيتم إنفاقها على نحو أفضل فى دعم الديمقراطية وتوفير فرص عمل، على عكس مصر التى لم ينتج الدعم المستمر لها فرصًا أفضل للمواطنين.
الوزارة تستدرك فى خطابها الرسمى: «هناك اتفاقيات سيتم عقدها فى القريب العاجل لدعم قطاعات التعليم، والتعليم العالى، والآثار والسياحة والزراعة والعدل والتنمية المحلية. وسوف يتولى تخصيص الأموال وربطها بأنشطة تنموية من خلال اتفاقيات مع الحكومة المصرية».
وأكدت وزارة التعاون الدولى أن استراتيجية برنامج المساعدات الأمريكية فى الحقبة الأولى فى تاريخه (الثمانينات وحتى منتصف التسعينات) ركزت على دعم البنية التحتية مثل مشروعات الصرف الصحى والكهرباء والاتصالات، بالتوازى مع مشاريع التنمية وتطوير الاقتصاد، ما كان له أثر إيجابى خاصة أن المبلغ المخصص سنويا حين ذاك كمعونة اقتصادية غير عسكرية كان 815 مليون دولار.
وركز برنامج المساعدات الأمريكية فى الحقبة الثانية (مع بدء برنامج الخصخصة) على تمويل احتياجات القطاع الخاص فى مجالات الصادرات والواردات وتنمية الموارد البشرية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والخصخصة وإتاحة التمويل لبرنامج التحويلات النقدية بالتوازى مع مشاريع التنمية فى الصحة والتعليم وتطوير الاقتصاد.
وعن الشروط التى تشترطها وكالة التنمية الأمريكية على المنظمات التى تتلقى تمويلا منها، أوضحت الوزارة أن هذا الأمر يخص المنظمات التى تتلقى التمويل، لكن دور وزارة التعاون ينحصر فى التأكد من أن هذه المنظمات، فى حالة كونها مصرية، مسجلة طبقا لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 وتعديلاته اللاحقة، وفى حالة كون المنظمة الحاصلة على المعونة منظمة غير مصرية، على الوزارة أن تتأكد من حصولها على ترخيص للعمل أصدرته وزارة الخارجية المصرية.
لم تنكر كاثى جيست، مدير الشؤون العامة فى المعهد الديمقراطى الوطنى فى تصريحات خاصة لـ «المصرى اليوم»، من واشنطن، تلقى المعهد فى إبريل 2011 تمويلا يغطى أنشطته لعامين، وبلغت قيمة التمويل 14 مليون دولار، ممنوحة من وزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، من أجل المساعدة فى تعزيز الإصلاحات الديمقراطية فى مصر خلال عام 2011.
تستشهد جيست فى دفاعها عن المعهد بالخطاب الذى حصلت الصحيفة على نسخة منه والذى تقدم به المعهد لوزارة الخارجية المصرية منذ عام 2005، وهو العام الذى افتتح فيه مكتب المعهد فى مصر، الخطاب يطالب رسميًا بالحصول على تصريح بالعمل كما يقتضى القانون المصرى، وتفيد الأوراق الرسمية بتلقى المعهد دعوة فى يناير 2012 من وزارة الخارجية المصرية لتجديد الطلب الذى تقدم به المعهد للتسجيل منذ عام 2005، لكن لم تبت الوزارة المعنية بتسجيل المنظمات غير الأجنبية فى هذه الطلبات إلى الآن.
رغم اتهام الحكومة المصرية هذه المنظمات بعدم السعى للعمل بشكل قانونى، وعدم التسجيل بوزارة الخارجية المصرية، وبتلقى أموال من الخارج بشكل غير شرعى، فإن اللجنة العليا للانتخابات برئاسة المستشار عبدالمعز إبراهيم فى 2011 أعلنت عن منحها تصاريح لهذه المنظمات، وعلى رأسها المعهد الديمقراطى لمراقبة أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير، والتى نالت فيها جماعة الإخوان المسلمين الأغلبية البرلمانية.
نانسى عقيل، التى تولت منصب مديرة مكتب منظمة فريدوم هاوس الأمريكية (بيت الحرية) بالقاهرة، المحكوم عليها غيابيا بالسجن لمدة خمس سنوات فى قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى لعام 2011، قالت فى تصريحات هاتفية خاصة من واشنطن «إن الخلافات بين الحكومتين المصرية والأمريكية بعد ثورة 25 يناير حول المعونة تتصل بدور وزارة الدولة للتعاون الدولى، وتشكك الحكومة الأمريكية فى ممارسات الوزارة وسياساتها الخاصة بتمرير المعونات، مما دعا الحكومة المصرية إلى اتخاذ هذا الموقف من هذه المنظمات التى تقدمت بطلبات للحصول على ترخيص رسمى من وزارة الخارجية المصرية منذ بدايات تأسيس مكاتبها فى مصر». وكانت مقالات أكاديمية حول منظمات المجتمع المدنى قد انتقدت ما يسمى الـGNGOS أو المنظمات غير الحكومية التى أسستها الحكومة باعتبارها ظاهرة كانت مصر من الدول المؤسسة لها، تقوم خلالها مؤسسات حكومية مصرية بإنشاء صناديق ومؤسسات تتخذ شكل المنظمات الأهلية، ومن خلالها يتم تمرير أموال المعونات المخصصة للمجتمع المدنى نحو مؤسسات الحكومة.
ووضعت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الخارجية عدة شروط يجب أن تتوفر فى المنظمات الأهلية غير المصرية للحصول على ترخيص يتيح لها تلقى التمويلات الخارجية ومنها: «توفير مكان للمنظمة، وأن يكون المقر مؤجراً لمدة 3 سنوات على الأقل وتعيين موظفين، وإعلان برنامج عملها الذى تعتزم تنفيذه خلال 5 سنوات من تاريخ بدء العمل». ووفقاً لرواية نانسى عقيل استوفت منظمة فريدوم هاوس هذه الاشتراطات جميعها، وعاودت التواصل مع الخارجية للحصول على ترخيص. لكن الخارجية وفقاً لرواية المديرة السابقة للمنظمة «ماطلت فى إصدار الترخيص» حتى أتت الاقتحامات الأمنية والمحاكمة. وترى نانسى، التى عملت بهيئة مراقبة مشروعات منظمات المجتمع المدنى الممولة من إدارة المعونات الخارجية بوزارة التعاون الدولى خلال الفترة الزمنية الممتدة من 2003 إلى 2005، أن هناك مشكلة عامة فى إدارة ملف المساعدات الخارجية من الحكومة المصرية، فهذه البرامج لم تكن مصممة لبناء مؤسسات تقوم بتنفيذ مشاريع على المدى البعيد، لكنها مرتبطة بمشكلات فورية بحاجة لتدخلات عاجلة، والقوانين التى تحكم عملية توزيع المعونات بحاجة للمراجعة، مما يجعل وزارة التضامن الاجتماعى تتدخل فى المشاريع المسؤولة عن تنفيذها منظمات المجتمع المدنى المصرية بشكل ينزع صفة الاستقلالية والأهلية عن هذه المشاريع.
بدأت هيئة المعونة الأمريكية فى التمويل المباشر لمنظمات المجتمع المدنى منذ عام 2004 م فى عهد إدارة الرئيس الأمريكى بوش الابن، عندما أصدر الكونجرس الأمريكى قراراً بعدم منح مساعدات اقتصادية لكافة دول العالم بدون تنمية المجتمع المدنى، وقام بتخصيص نسبة متغيرة من المعونات السنوية تتراوح بين 10 و20 مليون دولار. وتخصص تلك الأموال لتمويل برنامج تم إدراجه ضمن مخصصات المعونة الاقتصادية تحت اسم «الديمقراطية والحكم».
فى رد وزارة التعاون الدولى على موقف ودور الوزارة فى أزمة التمويل الأجنبى طلبت الوزارة مراجعة شهادة الوزير السابق الدكتورة فايزة أبوالنجا أمام مجلس الشورى، وهى متوفرة على اليوتيوب بتاريخ 6 مارس 2012. توثق أبوالنجا فى شهادتها بمجلس الشورى تاريخ تمويل منظمات المجتمع المدنى عبر المعونة الأمريكية بقولها: «منظمات المجتمع المدنى قبل 2004 كان يتم تمويلها من قبل الحكومة الأمريكية عبر وساطة وزارة التعاون الدولى، لكن بعد مذكرة التفاهم الموقعة بين مصر وأمريكا عام 2004 أصبح بعدها تمويل المنظمات تمويلاً مباشراً يتم بين الهيئة والمنظمات دون الرجوع إلى وزارة التعاون الدولى».
يروى أحمد سميح، رئيس مركز الأندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، تجربة مركزه فى التعاون مع هيئة المعونة فى أحد المشاريع السابقة «هيئة المعونة الأمريكية تنشر على موقعها مناقصات لمشاريعها، وتتقدم المنظمات والجمعيات الأهلية والشركات باقتراحات وأفكار وتصورات للمشروع تتضمن التكلفة المتوقعة وعدد العاملين فى المشروع ومؤهلاتهم والفترة الزمنية المتوقع الانتهاء من المشروع خلالها».
وعن طرق المراقبة التى تتبعها الهيئة فى التعامل مع المنظمة خلال تنفيذ المشروع يقول سميح: «تراقب المعونة المشروع عن طريق موظفين تابعين لها أغلبهم مصريون، وتتعاقد الهيئة مع مراقب مالى خارجى يراقب كافة مشاريع المعونة على الجانب المتعلق بمسألة الحسابات المالية.
تشترط هيئة المعونة أن يكون المسؤولون عن تنفيذ هذه المشاريع التنموية «شركات مقاولات أمريكية» وأحيانا تتلقى المشروعات منظمات مجتمع مدنى أجنبية تختار مسؤولين مصريين لإدارة هذه المشاريع، لكن فى الفترة الأخيرة تم التوافق بين الحكومتين المصرية والأمريكية على أن تكون «أحياناً» الجهات الحكومية هى المنفذ فى بعض المشاريع التى توافق عليها هيئة المعونة فى مصر.
تظهر الأرقام التى حصلت «المصرى اليوم» عليها من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن القطاعات الحكومية تستحوذ على النصيب الأكبر من قيمة الاتفاقيات الموقعة مع وكالة المعونة الاقتصادية الأمريكية خلال الأعوام الماضية، حيث كان الجزء الأكبر من إنفاقات المعونة الاقتصادية يوجه لمشاريع القطاعات الحكومية، وتكشف الأرقام أن جملة الأموال التى جرى تخصيصها بين عامى 2009 و2013، وأن الأموال التى جرى إنفاق مخصصاتها فعلياً فى صورة مشاريع خلال عامى 2009 و2010، بالإضافة للأموال المخصصة لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان- وصلت إلى 128 مليون دولار، بينما ستساهم الهيئة بمشاريع فى القطاعات الحكومية تصل إلى مليار و531 مليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. فى عام 2009، تم تخصيص مبلغ 20 مليون دولار لمجال الديمقراطية و40 مليون دولار لقطاع الصحة و79 مليون دولار لقطاع التعليم و110 ملايين دولار للنمو الاقتصادى، بينما فى 2010 جرى تخصيص مبلغ 42 مليون دولار لمجال الديمقراطية، و15 مليوناً للصحة، و79 مليوناً للتعليم، و110 ملايين للنمو الاقتصادى.
وعن أهداف الحكومة الأمريكية من تقديم معونة اقتصادية سنوية لمصر قال ستيفن كليمنز، مدير برنامج الاستراتيجية الأمريكية فى معهد أمريكا الجديدة: «إنه تم تصميم المعونة بغرض توفير فرص تنمية للشركات وللشعب المصرى خارج دوائر المؤسسة العسكرية، بالإضافة لتعزيز النشاط الاقتصادى، فرغم أنه مبلغ متواضع جداً، لكنه يمنح بعض النفوذ لهؤلاء الناس والمنظمات والشركات لتصبح فاعلة فى تشكيل المشهد الاقتصادى المصرى الذى تسيطر المؤسسة العسكرية على أغلب قطاعاته».