على غرار محاكمة الفراعنة للمتوفى إذا كان قد لوث نهر النيل. أقترح محاكمة المتوفى المتهرب من الضرائب لدينا قبل السماح بدفنه. الجميع، حكومة وشعبا، شاركوا الآن فى تلويث النيل. كلنا مدانون. نعترف بذلك دون جدوى. لنهتم إذن بالقضية التى مازال هناك أمل فى مواجهتها. قضية التهرب الضريبى. خاصة إذا كان المتهرب من رجال الأعمال. من ذوى الشهرة والجاه. من الذين حصلوا على امتيازات وتسهيلات.
التهرب هنا هو مرض. متطابق مع مرض السرقة. مرض لا يميز بين غنى وفقير. هناك نجوم من أصحاب الملايين يتم ضبطهم وهم يسرقون أو وهم يحاولون التهرب من الضرائب. السارق من أجل دواء يشتريه لأمه المريضة له بعض العذر ويجوز معه التعاطف. لكنه يبقى سارقا.
فالقوانين الحالية يبدو أنها لم تعد تجدى نفعاً فى هذا الموضوع. الوعظ بدور العبادة لم يعد ذا أهمية. الشعور الوطنى لم يعد مفعلا أو فاعلا. مخالفة القانون أصبحت نوعا من الفهلوة. بلغ الأمر حد التشدق والتباهى بخداع الدولة. لم لا وهى ليست قضية سيئة السمعة. لا تمنع من الترشح. لا تمنع من السفر. لا تمنع من الحصول على قرض ما. لا تمنع الانضمام إلى الأندية. إلى جمعيات رجال الأعمال.
لأنها دَيْن للدولة على الفرد من السهل أن يسقط بوفاته. نعلم أن الشرع يشترط تسديد الدَّيْن قبل تقسيم التركة. نحن نتعامل مع الموقف بمبدأ المسامح كريم. إكرام الميت دفنه. البقاء لله. فى الميت. فى الضرائب. فى حق الدولة. أجيال بعد أجيال يتوارثون الاتكالية. ترحيل الأزمات. اللامبالاة. النتيجة الطبيعية هى ما نحن فيه الآن. حلول عقيمة. استشراء الانتهازية. ضياع حقوق الدولة لدى الحى والميت على السواء.
العبث بلغ مداه. متهربون من الضرائب يتبرعون لصندوق «تحيا مصر». بالطبع نزولا على طلب القيادة. التقوا بالرئيس. صالوا وجالوا فى التنظير. ما يجب وما لا يجب. على الدولة أن تفعل وألا تفعل. كنت أود أن تكون كشوف ضرائبهم أمام الرئيس فى مثل هذه اللقاءات. بدلا من دعوتهم للتبرع سوف أدعوهم لتسديد ما عليهم من ديون. للضرائب. للبنوك. للتأمينات. للجمارك. للعمال. للزكاة. باختصار أن يكونوا مواطنين صالحين. حين ذلك فقط يجوز لهم شرعا وقانونا أن يلتقوا بالرئيس.
لنا أن نتصور أن متهربين من الضرائب أعضاء بارزون فى البرلمان. أو صفوة مجتمع. هذه تمثل مأساة فى أى مجتمع. هى إشارة واضحة إلى المدى الذى بلغه الفساد فى هذا المجتمع. الوضع الطبيعى هو حرمانهم من أى حقوق. نحن أمام جريمة أبشع من التحرش. يجوز إذن رشهم بمادة أو لون يشير إلى تهربهم. كالمتحرشين سواء بسواء.
تجوز أيضاً معاملتهم أسوة بملوثى النيل كما كان يفعل الأجداد. إن حيًا قومناه. وإن ميتًا حاكمناه. إذا تأكد أن حق الدولة سوف يطارده حيًا أو ميتًا فسوف يختلف الأمر. حتى الورثة لن يقبلوا بهذه الأفاعيل. لن يقبلوا ميراث العار.