استضافت «المصرى اليوم» صناع مسلسل «شارع عبد العزيز 2» فى ندوة حول العمل وأكد الحضور أن الحالة التى أوجدها الجزء الأول من العمل كانت حافزاً لتقديم جزء ثانٍ وأن العمل يحتمل تقديم جزء ثالث ورابع نتيجة التغييرات المتلاحقة التى يشهدها المجتمع المصرى، والتى تفوق كثيراً التغييرات السياسية، وأن العمل راهن منذ الجزء الأول على فكرة البطل الشعبى والتطرق إلى مشاكل الشرائح الدنيا من المجتمع، والتى تجاهلتها الدراما لفترات طويلة وأجمع المشاركون على أنهم لا يؤمنون بفكرة نسب المشاهدة ويرونها خادعة وكاذبة.
أكد الفنان عمرو سعد أن فكرة تقديم جزء ثانٍ من مسلسل شارع عبد العزيز كانت مطروحة أثناء تصوير الجزء الأول من العمل وأن الدراما والسينما أخطأت كثيراً بتجاهلها مشاكل وقضايا فئات المجتمع من المهمشين فى الوقت الذى يمثلون فيه النسب الأكبر من شرائح المجتمع المصرى، وشدد على أنه لا يقتنع بفكرة نسب المشاهدة ولا المعايير التى تستند عليها الشركات العاملة فى هذا المجال فى استطلاعاتها التى تجريها لتحديد نسب المشاهدة واتهمها بالكذب حتى لو منحت مسلسله المركز الأول فى المشاهدة.
■ لماذا فضلت خوض سباق رمضان هذا العام من خلال جزء ثانٍ من «شارع عبد العزيز»؟
- كانت هناك رغبة من المنتج أثناء تصوير الجزء الأول من المسلسل لتصوير جزء ثان، لكن تم تأجيل هذه الرغبة لفترة معينة، ثم شعرت بعد الظروف التى تعرضت لها مصر فى الآونة الأخيرة أن هناك شخصية أصبحت محببة لدى المصريين وفضلنا إعادة تقديمها محملة ببعض التفاصيل والقيم والرسائل الضمنية ومنها جاءت فكرة الجزء الثانى، والحمد لله لم تواجهنا أى مشاكل إنتاجية طوال فترة التصوير، حيث كان من المفترض أن يدفع المنتج مبلغ مالى كبير خلال فترة زمنية قصيرة لكن عندما تمتد فترة التصوير لوقت أطول يمنح المنتج فرصة لترتيب أوراقه، خاصة لأنه غالبا ما توجد لديه مستحقات لدى الفضائيات يتم تحصيلها.
■ البعض ينظر للجزء الثانى باعتباره نوعاً من الإفلاس فما هو الدافع الحقيقى الذى جعلك تقدم على تلك الخطوة؟
- سأجيب على هذا التساؤل بوضوح شديد، خاصة لأننى لم أتحدث عنه فى الإعلام وأرفض أن أسىء لأى زميل، لكن الحقيقية التى يعلمها الجميع بمن فيهم المنتج أن شيئاً غريباً حدث فى الجزء الأول فى الدراما الذى تم تصويره بشكل ارتجالى، وما حدث أن المنتج عرض على 5 حلقات وبعد أن قرأتهم وجدت فيهم «نفس» ثم اكتشفت العيوب الموجودة فى الورق، وللعلم هذا الجزء صورته حرجاً من ممدوح شاهين لكن حدث شىء، حيث تم تأليف 60 % من العمل على الهواء وحدث تفاعل مسرحى بين كل عناصر العمل وهذا ظهر على الشاشة وبعض المراقبين قالوا إن هذا النجاح سببه الحالة العفوية بين الممثلين، وعندما فكرنا فى الجزء الثانى كان من الطبيعى أن نقدم نفس الفكرة ونطرح مساحة للارتجال، واعتبرنا الشارع مسرح، وفضلنا أن نعمل بنفس الكيفية ونترك مساحة لا تقل عن 30% للارتجال ونتركها للممثلين واستعدادهم للشخصيات.
■ لكن الارتجال شىء ليس سهلاً فى الدراما؟
- ما واجهناه من صعوبة فى شارع عبد العزيز هو الارتجال فى المشاهد والتقاطعات مع الباعة والزبائن وهذا خلق شىء من العفوية ومن هنا استمتعنا بهذا التحدى، وكنا فى البداية سنقدم عمل آخر ليس «مولانا»، الذى اعتذرت عنه بسبب النص، ثم بدأت مع المنتج فى تنفيذ عمل أرى أنه فى منتهى الخطورة والضخامة وهو «بشر مثلكم» فمن خلال هذا العمل خرجت كل أفكار المسلسلات التى لها علاقة بالدين قبل ثورة يناير، ومن هذا العمل وبسبب حديثى عنه لأصدقائى فى الوسط خرجت أفكار كثيرة وتم عرضها على واعتذرت عنها.
■ ولماذا تراجعت عنه؟
- لم أتراجع، وفضلنا التأجيل لأن عملاً بهذه الضخامة يحتاج الى تحضير يمتد لأكثر من عام، خاصة على الخطاب الدينى والنص، وبسبب هذا الخطر توقفنا وتوصلنا إلى أن الناس بعد الثورتين محتاجة تشوف عملتاً مسلياً وبسيطاً لا يجهدهم، وبالرغم من عيوب شارع عبد العزيز فى الجزء الأول التى أعرفها جيداً إلا أنه كان بسيطاً ومسلياً، لذلك فضلنا خوض سباق رمضان بالجزء الثانى من عبد العزيز« لتقديم رسالة من خلال شخصيات أحبها الجمهور، وبشكل عام لا يهمنى فكرة التكرار، وما يحدث فى مصر من تغيرات اجتماعية والتى أعتبرها أهم وأخطر من التغيرات السياسية، لكن للأسف لا يهتم بها أحد، وهذه التغيرات تؤثر على قناعاتك فيما تقدم، لذلك نحن نبحث عما يريده الجمهور ومن أجل ذلك من الممكن أن تتنازل عن طموحك، وهذا هو الهاجس الحقيقى.
■ ولماذا لم تستعرض أحداث الثورة داخل الأحداث؟
- منذ البداية وبالتحديد فى الجزء الأول أخبرت المنتج بعدم التطرق إلى أحداث الثورة بشكل مباشر، خاصة لأننا صورنا فى ظل ظروف اندلاع ثورة يناير، لكن أصر وأخبرنى أنه سيدعمه بالأحداث التى مررنا بها خلال الثورة، واختلفت معه لأننا لو أنهينا المسلسل بالثورة ستتحول لمشكلة بالنسبة للبطل لأن الدراما تحاكى الواقع، وفضلنا أن نجعل الصراع داخلياً، لذلك توجد لدينا مبررات كثيرة أن نقدم الجزء الثانى، لأن المتغيرات السياسية والاجتماعية كثيرة جداً، و«الإخوان» هم جزء من الصراع لكن يوجد نوع آخر من الصراع داخل المسلسل وهو الصراع مع النفس وهل سنتحول إلى مواطنين صالحين أم لا.
■ قدمت رسالة محددة فى المشاهد الأخيرة من الجزء الثانى؟
- فضلنا أن نلخص من خلال الصورة فكرة الاستعانة بالشباب لتقديم رحلة صعود لتحقيق أمل محدد بدلا من الطاقات المهدرة فى الشوارع، كما أننا نهاجم أنفسنا، وسأظل أقولها حتى لو تعرضت لانتقادات شديدة، لأننى أرفض أن نقول على أنفسنا إننا شعب عظيم، بالرغم أننى شخص لدى نفس الأخطاء الموجودة لدى معظم المصريين، ولابد أن نقدم شيئاً آخر، فمن الممكن أن نقول إن الألمان شعب عظيم، لأنهم قدموا إنجازاً، فأنت تساوى ما تنجز، وأكيد فى الصومال يقولون على أنفسهم إنهم شعب عظيم، بينما كلمة «شعب عظيم» أعتبرها نوعا من التخدير للشعب، ونحن نستهدف فى المسلسل الفئة b،c من المجتمع، لذلك أحب أن أتحدث دائما عن «الأولتراس» واعتبرها أموالاً ملقاة على الأرض أغلى من البترول، ونحن كمصريين ما نملكه هو الطاقة البشرية و«شوية تاريخ» لكننا لا نملك أى إنجازات، وهذا لا يعنى أننى أقول إننا شعب سيئ، ولدى شرح آخر لهذه النظرية، فمثلاً عندما تقول لى والدتى إنك شخص فاشل فهى تواجهنى بالحقيقة وأضطر أن أذاكر لأنجح، فبأى حق أقول إنك شعب عظيم بأمارة الرصيف الذى لا نستطيع عمله ولا السجائر التى تلقى على الأرض ولا التحرش، والإعلام يسير فى منطقة أخرى تماماً مثل الممثلين لا يحضنون بعض إلا على الشاشة فقط، لذلك لابد أن يقول الإعلام الحقيقة للناس، وكل هذه التفاصيل كان لابد أن نقولها فى المسلسل وبصراحة شديدة.
■ وهل العرض الحصرى على شاشة تليفزيون «النهار» أفاد المسلسل أم أضر به؟
- نسب المشاهدة لو كانت مرتفعة أو منخفضة بالنسبة لى فهى نسب مشاهدة كاذبة، حتى لو مدحت مسلسلى ووضعته فى المرتبة الأولى، والدليل على ذلك الجزء الأول من شارع عبد العزيز لم يظهر فى أى «معدلات مشاهدة» سواء بالسلب أو الإيجاب كأنه لم يتم تصويره من الأصل، لأنه «يتيم»، ومنتجه غير مرتبط بأى محطة أو مؤسسة.
■ لماذا؟
- مثلاً فى شركات وضعتنا فى مراتب متقدمة وشركات أخرى وضعتنا فى مراتب متأخرة، وقد أخبرنى المنتج أن «عبد العزيز الجزء الثانى» احتل المركز الرابع فى تصنيف إحدى الشركات، فقلت له كلاهما كاذب، لأن الطريقة التى يتم من خلالها قياس نسب المشاهدة فى مصر غير علمية وفاشلة، ولو محتاج تعرف ماذا حقق شارع عبد العزيز من نسب مشاهدة فبإمكانك أن تزور مقهى بلدى أو تزور الريف، فان لم تجد مقهى فى المنوفية يعرض «شارع عبد العزيز» إذن هو مسلسل فاشل، وهناك مسلسلات أخرى عرضت هذا العام لم يسوق لها أنها رقم واحد، بالرغم أنها تستحق هذا اللقب بجدارة لكن بعد كل ذلك تم اختيار مسلسل آخر، لذلك لا التفت لمثل هذه الاستفتاءات، وبشهادة المنتج حقق الجزء الأول من «عبد العزيز» رقما غير مسبوق فى تاريخ الدراما العربية بعد عرضة على 36 قناة فضائية، ورغم ذلك لم يظهر فى نسب المشاهدة.
■ وما هو الترمومتر الخاص بك لقياس نجاح المسلسل؟
- أولاً من المعروف أن الدراما غير السينما التى يمكن قياس مدى نجاح الفيلم من خلال التذاكر، وأنا بشكل شخصى لا أعرف أحسب، ولا يمكن أن يكون الترمومتر الخاص بى هم المحيطون بى فقط، حتى لو وصل عددهم إلى ألف شخص، وتوجد شركات أبحاث فى مصر تقيس نسب المشاهدة على 1000 شخص جميهم من المدن ومن فئة a، b، فهل هذا يعقل، وما يهمنى أن أكبر عدد من الجمهور يشاهد المسلسل، ولو قمت بدور المراقب على دراما رمضان ستختلف التصنيفات، فيوجد مسلسل مشهور، وآخر ناجح.
■ وما الفرق بينهما؟
- المسلسل المشهور معروف، والإعلام والمؤسسات التى تعمل فى هذا المجال تقوم بإشهارها وتمنح فرصة لعدد كبير للتحدث عن المسلسل، أما المسلسل الناجح فيعنى أن مشاهدته فى الصعيد كانت مثل الدلتا والقاهرة، وليس محدود على فئة محددة فقط.
■ وما الذى يستهويك فى فكرة البطل الشعبى؟
- القوة الفاعلة والعدد الأضخم هى هذه الفئة، وليس من العدالة أن نتركهم وألا نعبر عنهم لفترة طويلة حتى عرض فيلم «حين ميسرة»، بينما باقى الأعمال تركز على مجتمع رجال الأعمال الذى يمثل نسبة 3%، كما أن الظرف الموجود فى مصر أجبرنا على تقديم رسائل، لأننا فى حالة حرب تقريباً، وعلى كل شخص أن يحارب فى مجاله ومن هنا تتنازل عن أحلامك، وسهل جدا أن تصور فيلم فى لندن مثلا.