x

طارق عباس أبو سكينة وأم الصابرين طارق عباس الجمعة 15-08-2014 20:59


عد معى بذاكرتك قليلا للوراء وتذكر تعليقاتك عندما كان ينقطع التيار الكهربائى أيام الدكتور مرسى «الله يخرب بيتك يا مرسى، ربنا يرحمنا من أيامك السوداء حرمتنا من النور زى ماحرمتنا من الاستقرار» حتى ابنتى التى لم يتجاوز عمرها الخامسة، كانت مع كل مرة ينقطع فيها التيار الكهربائى تقول لى «مرسى قطع علينا النور يا بابا، هوه مش كده حرام؟ أنا متأكدة إنو هيخش النار» ناهيك عن الإعلام الذى كان ينتهز الفرصة كى ينال من جماعة الإخوان ويثبت عجزها عن التخطيط والإدارة والحكم ويحملها كامل المسؤولية عن الظلام الذى يلف البلاد شرقا وغربا، جنوبا وشمالا وأذكر جيدا عندما حاول دكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الأسبق أن يحث الناس على الحد من استخدام المكيفات وتقليل استهلاك الكهرباء قدر الإمكان والجلوس فى حجرة واحدة لتحقيق هذا الغرض، وقتها قامت الدنيا ولم تقعد وتحولت دعوته إلى أداة تندر وسخرية وفكاهة وعندما قال محمد مرسى فى أحد خطاباته إن العامل أبو سكينة يأخد 20 جنيها ليطفئ الأنوار، نكاية فيه وتقليلا من شأنه سخرت الغالبية منه ومن أبو سكينة وكنت واحدا منهم وأكدنا على كراهيتنا للنظام وتمنينا اللحظة التى يرحل فيها مرسى وشلته عن حكم مصر ليعود إليها النور ويعيش أهلها فى تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات ويتوقف الدعم غير المشروط لحركة حماس فى غزة.

بعد ثورة يونيو عام 2013 عادت المياه إلى مجاريها وتوقف التيار الكهربائى عن الانقطاع وانتهت طوابير البنزين والسولار التى كانت مشهدا يوميا يعكس عجز حكومة الإخوان عن رفع معاناة المصريين فى الحصول على ما يحتاجونه من الطاقة، فى إشارة إلى أن الأزمات قد انتهت ورعاتها رحلوا بلا رجعة، ولم تمض سوى أشهر قليلة حتى عادت المآسى تفرض نفسها على المصريين والأزمات تشتعل وتشتعل والتيار الكهربائى ينقطع مثلما كان ينقطع وكأننا نستنسخ عصر مرسى من جديد وبدأت جريدة الأهرام تحذر المواطنين من أن صيف 2014 سيكون حالك السواد وأن مصر سوف تغرق فى الظلام، إلا أن شيئا فى داخلى كان يلح على فى ألا أصدق ما أقرأ، ولماذا أصدق والزمن غير الزمن ونظام الحكم غير نظام الحكم وما بعد ثورة يونيو يعنى أنه لا عودة مطلقا إلى الوراء؟.. ثم إن هناك فى صحيفة الأهرام نفسها من قيل إنهم «فلول الإخوان أو من المحسوبين عليهم» وعلىّ الانتظار وكما يقول المثل الشعبى «المية تكدب الغطاس».

مع اقتراب فصل الصيف أخذت فترات انقطاع التيار الكهربائى تتزايد وتتزايد وبدلا من أن كان يزورنا الظلام ساعة أو ساعتين فى اليوم الواحد أصبح ضيفا ثقيلا يكاد يشاركنا حياتنا ويكون لنا القاعدة، بينما النور هو الاستثناء وبدأت ابنتى تسألنى: «هل عاد مرسى من جديد؟! كنت أَضحك وأنا ارد عليها: إنها روحه يا صغيرتى ترفرف فوقنا»، وعندما بلغ انقطاع التيار الكهربائى حدا غير مقبول وغير مبرر وغير محترم قالت لى ابنتى: «مرسى عنده حق أبو سكينة هو السبب خلى عمو السيسى يقبض عليه قبل مايخليها ضلمة لحسن الناس هتزعل منه زى مازعلت من مرسى». وأنا أبلغ الرئيس السيسى هذه الرسالة لأن هناك ألف أبو سكينة عاجزون عن مواجهة هذه الأزمة الخانقة وليس لديهم أفكار لمعالجتها ولا دور لهم سوى تقاضى رواتب شهرية على جهلهم وقلة خبرتهم وعدم صلاحيتهم لإدارة حتى كشك سجاير، هناك ألف أبو سكينة ضد الزمن ولا يعرفون قيمة الزمن ولا يتفاعلون مع حجم الخسائر التى تكبدتها العوائل المصرية والفنادق والمستشفيات والشركات والمصانع.... إلخ.

إذا عندنا مشكلة حقيقية لم تعالج حتى بلغت حد الكارثة وإن تركت أكثرمن ذلك فستغرق مصر فى ظلام محقق وعندنا مسؤولون يسيرون بظهورهم ويعيدون عقارب الساعة إلى الوراء ويجيدون الكلام أكثر من الفعل دون أن يحاسبهم أحد، بينما فى قلوبنا وعقولنا أم الصابرين التى لم تعد قادرة على المزيد من الصبر ولم تقدر على ترك أبو سكينة وغيره يعيثون بها إظلاما وتعتيما، فماذا نحن فاعلون؟.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية