كم من نعم الله تمر علينا دون أن تشعر بها قلوبنا وعقولنا، ولكن تلك النعمة التى تشرف كلماتى بالحديث عنها، نعمة إن استشعرتها كثير من الأنفس لكانت لها الأمل من بعد يأس، والفرحة من بعد حزن، تلك النعمة هى قدرة الله على إعادة الخلق، فهو سبحانه القادر على إعادة أى شىء يفقده الإنسان، والقادر على تعويض القلوب عما لاقته من آلام، سبحانه القادر على إعادة بناء ما تهدم من أحلام وطموحات، وما فقده الإنسان من قوة فى الصدمات.
كلماتى ليست بالجديدة عليك أيها القارئ، فتذكر معى للحظات بعض مواقف حياتك، تلك المواقف التى وصفها البعض حين حدثت بالصدمات، ولكنها فى حقيقتها كانت البدايات الحقيقية لخير كثير، أو إنقاذ حقيقى لشر أكيد، تذكر معى شعورك وقتها بحسرتك على ما فقدته، واستشعر الآن الخير فى حياتك الذى وجدته، وبالحياة غابات تحترق وتنمو من جديد، وشعوب لاقت أمر هزائم الإنسانية، ثم علمت الدنيا بعد ذلك الحضارة والمدنية، ذلك أنها آمنت بالقدرة على إعادة البناء.
إن خلايا جسدك تموت وتتجدد دون شعور منك، وأنت تتعرض للكثير من الجروح وتشفى، فكيف استطاع جسدك إعادة بناء نفسه من جديد؟ وكيف عاد لصورته التى كان عليها قبل الجرح؟ إن الذى وفق لشفاء الجروح لقادر على أن يشفى نفسك ويعيد لقلبك الروح، روح تستشعر بها الحياة فى كل شىء ظننته مات فى حياتك، فى حب من حولك، فى عقلك وفى وعيك، فى مواهبك وقدراتك، فى نفسك وفى ذاتك، فقط آمن بأنه سبحانه القادر على إعادة البناء، فهو صاحب الأسماء الحسنى، الخالق المبدئ المعيد، سبحانه ذو الجلال والإكرام، فهل شكرت الله على تلك النعمة؟
محمود كرم الدين محمود