لفت نظرى فى تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان حول فض اعتصام ميدان رابعة العدوية الذى يمر اليوم عام على أحداثه- أنه اتهم الشرطة باستعمال قوة غير متناسبة مع القوة التى استعملها المعتصمون ضدها!!. فالمفروض حسب منطق اللجنة الموقرة وما تزعم أنه إذا بادر المعتصمون فأطلقوا رصاصة على الشرطة قتلت ضابطاً، فكان على الشرطة أن ترد برصاصة مثلها، وليس بعشر رصاصات مثلاً!!.. هذا منطق معوج أراد به هؤلاء الحقوقيون أن يمسكوا بالعصا من وسطها ليتجملوا!.. إن الاعتصام حين يكون مسلحاً، فإنه لم يعد سلمياً، وحين يبادر المعتصمون الشرطة بإطلاق النار عليها، تحول إلى عمل حربى، لا يجدى معه إلا أعمال الحرب. ولقد شاهدنا جميعاً العام الماضى ما عرضته الفضائيات المصرية عن تعامل شرطة جنوب أفريقيا مع اضطرابات عمال الفحم المسلحين، وكيف أطلقت عليهم النيران الحية، فقتلت فى أقل من نصف الدقيقة أربعة وثلاثين منهم، كانوا يهاجمون الشرطة بالشوم والسنج، فلم يزعم حقوقى عندهم أن الشرطة تجاوزت التناسب المقرر فى حجم العنف المضاد، وأنه كان عليها أن تتصدى لهم بالشوم والسنج!
لقد اعترف تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان بسقوط ثمانية شهداء من الشرطة يوم فض الاعتصام، وهذا لعمرى عدد كبير غير مسبوق فى العالم كله فى تاريخ فض الاعتصامات «السلمية»، وما كان يجب على الشرطة أن تسمح بحدوثه، ولو سقط فى أى بلد فى العالم مثل هذا العدد من رجال الشرطة خلال سحابة نهار يوم واحد فى فض اعتصام سلمى، لتمت إقالة مسؤول الشرطة فوراً. سقط هذا العدد من شهداء الشرطة، لأن ميدان رابعة تحول على يد المعتصمين إلى ميدان قتال، وهو ما أثبتته اللجنة الموقرة، والمعتصم الذى يزعم أنه سلمى ويخزن السلاح فى مكان اعتصامه ويبادر الشرطة النظامية بإطلاق النار عليها خلال أداء عملها- هو إرهابى عدو للدولة لا دية له، وكان على المجلس القومى لحقوق الإنسان أن يتحلى ببعض الشجاعة ليقر بذلك.
د يحيى نورالدين طراف