كثيرًا ما تتحدث الصحف والتقارير العالمية عن تعزيز الجيوش قوتها بالعدة والعتاد حتى أصبح ثمة تنافس ضاري بينها على القوى العسكرية، ولكن الجيوش العالمية تغافلت عن جوانب أخرى من حياة الجنود، ولم تعر التعامل معها اهتمامًا وأسقطتها من استراتيجاتها العسكرية، ولكن تاريخ أبرع الجنرالات يؤكد أن ثمة استراتيجيات موازية لتعبئة الجنود والسلاح لابد أن يلتفت لها أي مجتمع عسكري، وفيما يلي 7 استراتيجيات رصدتها مجلة بيزنس إنسايدر الأمريكية ووصفتها بأنها الأبسط والأخطر على الإطلاق، مؤكدة أنها تحدث فارقًا لدى المجتمعات العسكرية التي ترمي إلى تحقيق انتصارات واسعة وتعزيز قوة جيوشها.
«القوة الداخلية للرجل تعادل ثلاث أمثال قوته البدنية»
مقولة أطلقها نابليون بونابرت، ويقصد بها أن الروح المعنوية للجنود أثناء الحرب أخطر وأهم بكثير من القوة البدينة أو العتادية، وأن الجنود الذين يتصفون بالشجاعة والحماسة الداخلية يمكنهم هزيمة جيش تعداده ثلاث أمثال عددهم».
«اجمع المواطنين على هدف واحد وقضية مشتركة»
حين أوليت لأوليفر كرومويل مهمة قيادة الحرب الأهلية في بريطانيا عام 1643 قام كرومويل بتعبئة الجنود الذين يتفقون جميعًا مع سياساته وارؤاه البيوريتانية الخالصة، برغم افتقارهم إلى الخبرة والتدريب اللازمين لخوض الحرب التي حشدهم لأجلها، وعن طلاريق ترديد الأناشيد التي تشحذ الهمم نجح كرومويل في هزيمة القوات الملكية وانهى بنجاح المرحلة الأولي من الحرب.
«أجعل رعاياك مشغولين طوال الوقت»
أحيلت إلى نابليون بونابرت قيادة القوات الفرنسية لمواجهة النمساويين في إيطاليا إبريل 1796، ولم يلق ترحيبًا من القوات الفرنسية فور وصوله حيث وجدوه قصير القامة وأدنى من المستوى الذي يليق بقائد قوات.
واستشعر «نابليون» أن الجنود بدأو يفقدوا حماسهم للمعركة التالية وبعد تفكير طويل توصل إلى أن الحل يكمن في إشغالهم ودفعهم إلى العمل، فدخل معهم في مسابقة كان يعلم جيدًا بمهارته في الفوز فيها، وبعد فوزه بالفعل ألقى فيهم خطبة حماسية حثهم فيها على العمل، وبالفعل نجحت الاستراتيجية التي وضعها «بونابرت»، ونجح في إلهام الجنود.
«تقرب للجنود»
استراتيجية اتبعها نابليون بونابرت أيضًا وأعلنها صراحة، ولم يقصد بها التدليل، فقد كان من بين التحديات التي واجهته في إدارة الجنود، ذلك الشعور الذي سيطر بحنبن الجنود للأهل والرفاق، والذي أحياناً ما كان يؤثر على أدائهم في التدريبات العسكرية، ولهذا وجد أن أحد وسائل التغلب على هذه المشاعر هي التقرب من الجنود ومحاولة التعرف عليهم شخصيًا وجمعهم بين الحين والآخر لتبادل القصص والطرف، وكان دومًا ما يعبر عن تقديره لما يقدمونه من تضحيات.
«القيادة تبدأ من الصفوف الأولى»
استراتيجية اتبعها المارشال إرفن رومل، الذي أكدت له التجارب الحربية أن الاهتمام بالصفوف الأمامية وإشعار الجنود دومًا بأنك تقف إلى جانبهم ولا ترأسهم من أعلى الهرم العسكري، وذلك لأن الجنود دومًا ما تضعف قواهم وتنهك أثناء المعارك حتى أكثرهم حمية وحماسة.
«ناور مشاعر جنودك»
استراتيجية اتبعها الجنرال هانيبال قرطاج الذي أدرك القيمة الفعلية للخطب الحماسية الرنانة التي تخاطب مشاعر الجنود وتبدي استحسانًا إزاءهم، ولكنه في الوقت نفسه كان يعلم متى يلقي في الجنود خطب رنانة ومتى يطلق النكات لأجل تحسين حالتهم المزاجية.
«وازن بين الثواب والعقاب»
استراتيجية اتبعها الجنرال سيما رانجيو، الذي ولاه زعيم الصين في عصورها القديمة للدفاع عن البلاد ضد جيوش ين ويان، أساء اثنين من رجال زعيم الصين للجنرال في ميدان الحربن فكان من الجنرال أن قام بإعدام أحدهم وقتل ذوي الآخر، فدب الذعر في قلب الجنود، ولكنه حاول على الجانب المقابل أن يظهر لهم جانبه الطيب، فأبرز لهم كيف يقوم بتوزيع الطعم والمؤن بينهم بالعدل، وكيف كان يعتني بنفسه بالجريح والضعيف، فأدرك الجنود هذا التوازن بين كفتي الثواب والعقاب، وأصبح كامل ولائهم للجنرال ونجح بهم في هزيمة قوات يان وين.
«اخلق أسطورة جماعية تحفز على النصر»
تلجأ العديد المجتمعات العسكرية إلى اختلاق قصص وأساطير تلهم الجنود للانتصار في الحروب، إيمانًا منها بالدور الذي تلعبه الرموز الوطنية والشعارات، وهو ما يثبته أقدم حروب التاريخ.
ففي شتاء 1777-1778 كان الجنرال جورج واشنطن يقود القوات الأمريكية في حربها ضد القوات البريطانية، وخلالها حاول الجنرال البحث عن معسكر يستقر به الجنود ويحتموا به من برد الشتاء القارس، واستقر بهم المطاف في فالي فورج، بنسلفانيا، ولكن مع حلول فبراير 1778 كان 2500 من الجنود قد لقوا مصرعهم، بعدما تحملوا البرد القارس والطعام القليل، ولكن هذه المأساة ألهمت الجنود الذيين ظلوا على قيد الحياة وجعلتهم يوقنون بأن كل ما هو قادم لن يكون أصعب مما مضى، وتأكدوا أنهم سيحققون النصر لا محالة. وبالفعل أعلن الجنود تحالفهم مع القوات الفرنسية عاقدين العزم على هزيمة القوات البريطانية.